إعلام عبري: الوفد الإسرائيلي سيبقى في الدوحة نظرا للتقدم في عملية التفاوض بشأن غزة    قراصنة يهاجمون وكالات أمريكية بسبب ثغرة أمنية في برنامج مايكروسوفت    أنغام تصدر بيانًا رسميًا لكشف حقيقة مرضها    "تموين الدقهلية" يحرر 196 مخالفة في 48 ساعة (صور)    نجحت على مدار 5 سنوات، وزير الشباب والرياضة يكرم وكيل شباب الدقهلية ومدربي مبادرة "طور وغير"    طريقة عمل الحجازية في خطوات بسيطة وأحلى من الجاهزة    ما أهمية عودة الحكومة السودانية إلى العاصمة من جديد؟    «زي النهارده».. اندلاع ثورة سوريا الكبرى 21 يوليو 1925    متحدث الوزراء: جاهزون لتعيين وزير بيئة جديد في التوقيت المناسب    بالأصفر الساطع وتحت شمس البحر المتوسط... ياسمين رحمي تخطف الأنظار بإطلالة صيفية تبهر متابعيها على إنستجرام    غزة تنزف: مجازر متواصلة وجوع قاتل وسط تعثر مفاوضات الدوحة    أهم حاجة يكون عنده ثقة في نفسه.. آمال ماهر تكشف مواصفات فتى أحلامها وتُلمّح للزواج (فيديو)    الاتحاد السعودي يعلن انسحاب الهلال من كأس السوبر    تقديم 40476 خدمة طبية وعلاجية بحملة "100 يوم صحة" في الإسماعيلية    بعد فتح تحقيق ضدهم.. جنود إسرائيليون كنديون يخشون عواقب انتهاكاتهم بغزة    بعد مد فترة التقديم لاختبارات القدرات لطلاب الثانوية العامة.. «اَخر موعد للتقديم»    عيار 21 الآن بعد الانخفاض الأخير.. سعر الذهب اليوم الإثنين 21 يوليو 2025 بالصاغة    اعتذار الهلال عن عدم المشاركة في السوبر السعودي.. والاتحاد يؤكد اتخاذ الإجراءات اللازمة    عبد الكريم مصطفى يشارك فى مران الإسماعيلى بعد التعافى من الإصابة    "يريد أكثر من مبابي".. سبب تعقد مفاوضات تجديد فينيسيوس وخطوة ريال مدريد القادمة    أسامة عرابي: الطريقة التي تعامل بها وسام أبو علي مع الأهلي خارج نطاق الاحترافية    «عيب وانت بتعمل كدة لأغراض شخصية».. خالد الغندور يفاجئ أحمد شوبير برسائل نارية    نشرة منتصف الليل| خطوات حجز شقق الإسكان.. وخسائر قناة السويس خلال العامين الماضيين    رسميًا بعد التحرك الجديد.. سعر الدولار مقابل الجنيه المصري اليوم الإثنين 21 يوليو 2025    إصابة 3 سيدات من أسرة واحدة في انقلاب سيارة ملاكي أمام قرية سياحية بطريق العلمين    "شباب النواب" تثمن الضربات الاستباقية لوزارة الداخلية في دحر البؤر الإرهابية    بداية الموجة الحارة.. بيان مهم بشأن حالة الطقس اليوم: «توخوا الحيطة والحذر»    العثور على جثة متحللة مجهولة الهوية في شاطئ السلوم    أخبار × 24 ساعة.. انطلاق أولى رحلات عودة السودانين إلى بلادهم غدًا    أسعار المانجو والخوخ والفاكهة في الأسواق اليوم الإثنين 21 يوليو 2025    النائب العام يشارك في فعالية إطلاق أنشطة مشروع تعزيز قدرة الأجهزة الوطنية المعنية على التصدي للجرائم الإلكترونية    رئيس "الحرية المصري": رجال الأمن خط الدفاع الأول في مواجهة التطرف والمخططات الإرهابية    برئاسة ماجي الحلواني.. "الوطنية للإعلام" تعلن تشكيل لجنة لرصد ومتابعة انتخابات الشيوخ    لا تأخذ كل شيء على محمل الجد.. حظ برج القوس اليوم 21 يوليو    نادية رشاد: أتمتع بحالة صحية جيدة.. وقلة أعمالي الفنية لضعف مضمونها    شقيقة أحمد حلمي عن منى زكي: "بسكوتة في طريقتها ورقيقة جدا"    دعاء في جوف الليل: اللهم أجرني برحمتك واجبر بلطفك كسر قلبي    فيديو- عالم بالأوقاف يوضح حكم إقامة الأفراح وهل تتعارض مع الشرع    ما هو مقدار سكوت الإمام عقب قراءة الفاتحة في الصلاة؟.. الإفتاء توضح    أمل عمار تشارك في إطلاق مشروع "مكافحة الجرائم الإلكترونية ضد النساء والفتيات"    التليجراف: وزير الدفاع البريطانى سيعلن حملة مدتها 50 يوما لتسليح أوكرانيا    تخلص من الألم من غير حرمان.. أهم الأطعمة المريحة لمرضى القولون العصبي    لأطول مدة ممكنة.. أفضل طريقة لتخزين المانجو في الفريزر    رسائل إلى الأسقف.. أوراق تكشف هموم الأقباط قبل 1400 عام    أنغام فؤاد ومنيب تتألق في صيف الأوبرا 2025 بحضور جماهيري كبير    مفوض عام (أونروا): التقاعس عن إدخال المساعدات إلى غزة "تواطؤ"    خبير سياسي: غزة تحت الحصار والجوع.. ما يحدث إبادة جماعية بسلاح التجويع|خاص    Golden View Developments تطلق مشروع "TO-GTHER".. رؤية جديدة للاستثمار العقاري المدعوم بشراكات عالمية    باسل عادل: الوعي ليس حزبًا قائمًا على التنافس الانتخابي الضيق    آدم كايد: حققتُ حلمي بالانضمام إلى الزمالك    مبعوث أمريكي: متفائلون بإمكانية التوصل إلى صفقة بين إسرائيل و"حماس"    السيطرة على حريق محدود بجوار مزلقان الرحمانية قبلي بنجع حمادي    البنك المركزى: تعطيل العمل بالبنوك الخميس المقبل بمناسبة ذكرى ثورة 23 يوليو    الشعب الجمهوري: نحيّي يقظة الداخلية ونجدد دعمنا للدولة في مواجهة الإرهاب    مصر بخير.. نجاح أول عملية زراعة كبد لطفل عمره 14 سنة بمستشفى الناس    أمين الفتوى: التقديم على شقق محدودي الدخل بغير وجه حق «حرام شرعاً»    الضويني في حفل تخريج طب بنات: الأزهر يسابق الزمن.. ويواكب رؤية الدولة المصرية 2030    دعاء الفجر | اللهم إني أسألك موجبات رحمتك وعزائم مغفرتك    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الإدارة الأميركية والرئيس الإيراني الجديد
نشر في التغيير يوم 14 - 09 - 2005

وبالإضافة إلى هذا، قامت أجهزة الأمن بتقديم المساعدة له فتمكن من حشد قاعدته الجماهيرية المحافظة في الجولة الأولى وأجبر منافسه على خوض الثانية وتفوق بالتالي على رافسنجاني. وهكذا فاز أحمدي نجاد بأغلبية 60% من أصوات المقترعين أمام رافسنجاني. ولا شك أن صعوبة التنبؤ والطبيعة الخاصة لهذه النتيجة التي تشبه فوز خاتمي عام 1997 تحمل ميزة مهمة في منطقة الشرق الأوسط التي تغلب عليها الرسميات في كل انتخابات يمكن أن تحدث فيها. وها هي إيران الآن تحظى برئيس لا يتجاوز سنه الثمانية والأربعين عاماً ويحمل درجة الدكتوراه في الهندسة، إضافة إلى دبلوم في أهلية التعليم. وكان نجاد قد تشكلت شخصيته السياسية أثناء فترة الحرب العراقية الإيرانية وفي المؤسسة العسكرية الشعبية أثناء الثورة الإسلامية في 1979 حين كان من بين المحافل الطالبية القيادية العاملة تحت راية الخميني. وكان من النشطاء منذ ذلك الوقت حتى الآن في القضايا الداخلية، وتولى خلالها منصبين هما رئيس بلدية طهران ومحافظ أردبيل ولم يشارك في نشاط سياسي وطني إيراني ملحوظ. واستند نجاد في حملته الانتخابية بنجاح وقوة على الجمع بين ولائه لعلي خامنئي مرشد الثورة الإسلامية في إيران وبين دفاعه المباشر وبالطريقة الشعبية المحببة عن الفقراء وهجومه على الفساد وتعهده بتوزيع عائدات النفط على كل عائلة إيرانية. ومن خلال برنامجه هذا، حافظ نجاد على صلاته مع المؤسسة المحافظة في إيران وحشدها من حوله، وكان من بينها مكتب القائد الأعلى للحرس الثوري الإيراني والمجموعات المتطوعة للعمل الشعبي. وعلى خلاف المحافظين التقليديين الذين يمثلهم التجار وطبقتهم ورجال الدين التقليديين، تمكن نجاد والمحافظون الجدد في إيران من حشد قاعدة انتخابية تضم المؤسسة الثورية العسكرية، وجمعيات المحاربين القدماء وأصحاب المصالح الاقتصادية الذين خافوا على مصالحهم في العاصمة من دعاة الديموقراطية والتنوع السياسي.
\r\n
\r\n
\r\n
\r\n
مضاعفات انتخاب نجاد على الولايات المتحدة
\r\n
\r\n
لا بد من طرح هذا الموضوع من خلال سؤال يتعلق بالمعنى الذي حمله انتخاب نجاد للمحافظين الجدد في إدارة بوش. ففي الليلة التي سبقت عقد أول جولة من الانتخابات على الرئاسة في إيران وصف الرئيس بوش الانتخابات بالافتقار إلى المستلزمات الأساسية للديموقراطية وتوقع بأن يصل «مدّ الحرية الذي يكتسح منطقة الشرق الأوسط» إلى إيران بشكل فعلي. وإذا كان هناك انتقاد أو صحة بالقول بأن عملية الانتخابات في إيران أقل من حرّة ومنصفة لأن المرجعية غير الدستورية كانت قائمة خلالها بشكل يدفع إلى الاضطراب في الجولة الأولى، إلا أن ما أعلنه بوش بعبارات قاسية وتهديده لإيران يبدو أخرق في منطقة تتحالف فيها واشنطن مع أنظمة حكم لا يتبدل فيها الحكام مثل مصر، والسعودية والإمارات وتونس والأردن ولا وجود لصناديق الاقتراع فيها عملياً. وفي الوقت نفسه، ينسى بوش أن الانتخابات جرت في أفغانستان، والعراق والسلطة الفلسطينية في ظل ظروف احتلال وشروط قاسية جداً. وعلى الرغم من ذلك، ستتطلب خطة بوش ضد إيران وباسم «ديموقراطية أميركا» مواجهة ديموقراطية إيرانية حمل من خلالها 17 مليوناً من الناخبين الإيرانيين احمدي نجاد إلى رئاسة الدولة. وبعد أيام من الإعلان عن فوز نجاد بدأ المتشددون في إدارة بوش بإعداد سيناريو التدخل ضد إيران وشرعوا بطرح آراء وأفكار تقول إن تسلم نجاد ومعه القيادة العسكرية الثورية في إيران سيتسبب بانتهاج إيران لسياسة متطرفة داخلية وخارجية، وهذا من شأنه تعريض المصالح الأميركية لأكبر المخاطر. وكتب باتريك كلوسون الخبير الأميركي بشؤون إيران في معهد واشنطن للسياسة في الشرق الأدنى تحليلاً في مجلة المحافظين المتشددين «نيو ريبابليك» جاء فيه أن الإيرانيين انتخبوا «فاشياً» يشبه في آرائه قادة «الطاليبان». واعتبر كلوسون أن الانتخابات الإيرانية حملت نظاماً «توتاليتارياً» ديكتاتورياً معادياً للولايات المتحدة، ولا بد من فرض الديموقراطية المطلوبة فيه بقوة السلاح الأميركي على غرار ما فعلته القوات الأميركية ضد طاليبان، وفي ألمانيا واليابان وإيطاليا بعد الحرب العالمية الثانية. وذكر جيمي غلازوف في مجلة (فرونت ويج) الإلكترونية الأميركية أن الولايات المتحدة ينبغي أن تعتبر انتخاب أحمدي نجاد تحدياً يستلزم حتمية المجابهة ضد إيران. وظهر أن المحافظين الجدد واثقون بأن على الولايات المتحدة اتخاذ موقف قاس ضد «النظام الإيراني» غير المتعاون وأن الضرورة تتطلب زيادة التصعيد الأميركي ضد إيران. ومن المتوقع أن تقوم إدارة بوش بممارسة الضغط على الحكومات الأوروبية من أجل توجيه إنذار متشدد لإيران وتحديد آلية لإنهاء الإشكال المتعلق ببرنامجها النووي وتهديدها بوقف المفاوضات معها. وقد تعمد الولايات المتحدة إلى نقل الموضوع النووي الإيراني إلى مجلس الأمن الدولي والدعوة إلى فرض عقوبات ضد إيران، خصوصاً وأن جون بولتون مندوب الولايات المتحدة في الأمم المتحدة يتطلع منذ فترة إلى التفرغ للموضوع الإيراني. وفي الوقت نفسه ستحاول الولايات المتحدة اللجوء إلى تقديم الدعم المباشر لكل تيار معارض للحكم الإيراني الحالي سواء كان فوضوياً أو ماركسياً أو انفصالياً أو قومياً وعلمانياً ومعظم هذه التيارات موجود في الخارج بين الإيرانيين. وإذا ما اتجهت واشنطن نحو هذا التكتيك فسوف تستعين أيضاً بوجودها العسكري الضخم المجاور لإيران في العراق والخليج لزيادة الضغوط على إيران وخلق معارضة مسلحة إيرانية من داخلها. وتقوم مراكز البحث والدراسات الأميركية التي تدعو إلى «نشر الديموقراطية» في الشرق الأوسط وأرجاء أخرى في العالم بحثّ الداعمين للمزيد من التدخل الأميركي في العالم في الإدارة الأميركية على مواصلة تقديم التأييد والدعم للمنشقين عن الحكم الإيراني من أجل خلق إطار يتم من خلاله حشد المعارضة داخل إيران ومن أجل إقناع المزيد من الأطراف الغربية بضرورة التغيير في إيران. ويدعو كلوسون بشكل علني إلى شن عمليات أميركية سرية ضد بعض المنشآت النووية الإيرانية لعرقلة البرنامج النووي الإيراني. ويؤكد كلوسون أن شبح ضربة وقائية أميركية أو إسرائيلية ضد إيران لم تجرِ حتى الآن إزالته من جدول العمل الأميركي، بل إن هذا الخيار سيصبح أكثر قبولاً تجاه حكومة نجاد التي تعتبر متشددة بنظر الغرب. فالولايات المتحدة يمكن أن تلجأ إلى المزيد من التصعيد ضد إيران وترويج أن حكومة نجاد زادت من خطورة إيران على مصالح الغرب واتباع تكتيك مناسب من أجل تحدي إبران واحتوائها أو قلب نظام الحكم فيها تحت شعار أنها دولة من «محور الشر».
\r\n
\r\n
\r\n
\r\n
\r\n
هل هناك تيارات جديدة في سياسة إيران الخارجية؟
\r\n
\r\n
بغض النظر عن مدى حكمة الخيارات العسكرية أو اللوجستية والسياسية التي قد تلجأ إليها إدارة بوش في سياق ارتفاع أسعار النفط وزيادة الغضب المحلي في العراق ووضعه المأسوي وامتناع الدول الأوروبية عن قطع المفاوضات السلمية الهادئة مع إيران، يمكن القول إن المقدمة التي تعرضها المحافل الأميركية التي تطالب بتغيير نظام الحكم في إيران تريد الإشارة إلى أن نتائج الانتخابات الإيرانية الأخيرة ستؤدي إلى تغيير واسع في السياسة الخارجية الإيرانية. والحقيقة التي يمكن توقعها هي أن الرئيس الإيراني الجديد لن يقوم بالضرورة بتغيير السياسة الخارجية الإيرانية من واقعها الراهن إلى الراديكالية والتطرف. فبعد أيام قليلة من انتخابه رئيساً، أكد نجاد، ربما بشكل يزيل مثل هذه المخاوف، أنه يدعو إلى تحقيق علاقات مع جميع الدول طالما أن ما سوف يحكم هذه العلاقات هو «العدالة والتقدم». ومهما كانت النوايا التي يحملها نجاد إلا أنه من المحتمل جداً أن تقوم سياسته الخارجية على البراغماتية. وهناك عوامل تشير إلى هذا الاتجاه مثل المرونة الإيديولوجية لرجال السياسة الإيرانيين سواء من بين المتحمسين للديموقراطية الإيرانية أو المتشددين أو الداعين إلى مركزة الاقتصاد أو إلى المزيد من الخصخصة. ولعل هذا ما اتضح من المقال الرئيس في صحيفة «شرق» بقلم سعيد لايلاز، وهي صحيفة إصلاحية الذي جاء فيه أن الجمهورية الإسلامية تميل إلى تحويل الجذريين الراديكاليين، والثوريين والأصوليين إلى براغماتيين ومعتدلين. وهذا ما سوف نشهده بشكل ما في الإدارة الإيرانية الجديدة التي ستواجه آلة بيروقراطية تسيطر على المصالح، وتتنافس عليها رغم الأهداف المعلنة الداعية إلى إجراء تغييرات إدارية واسعة في أجهزة الحكم. والمعروف أن معظم الحكومات التي تدير ثروة نفطية كبيرة غالباً ما تميل إلى التعامل بإهمال مع الخطط والإيديولوجيا لمصلحة إجراءات سريعة ومكاسب شخصية. ولذلك من المعتقد أن تواجه حكومة نجاد المهام نفسها والأهداف التي سبق لحكومة خاتمي الاصطدام بها رغم تطلعات الجماهير الإيرانية التي انتخبت نجاد، ورغم مخاوف إدارة واشنطن من الرئيس الجديد. وحتى إذا ما أثبتت حكومة نجاد قدرتها على التمسك بما أعدت نفسها له من مهام، فينبغي أن لا ننسى أن وزارة الخارجية ومهامها واقعة تحت نفوذ وسيطرة (خامنئي) المرشد الأول للثورة الإيرانية، ولن تتوفر فرصة كبيرة للرئيس الجديد نجاد الذي يعتبر قليل التجربة بالعمل الخارجي أو لإدارة سياسة خارجية مستقلة عن خامنئي. وهذا الدور الذي يقوم به خامنئي في السياسة الخارجية كان قد أشار إليه معهد واشنطن لشؤون الشرق الأدنى ومعهد (أميركان انتربرايز) حين ذكرا أن الرئيس الإيراني لا يملي أو يحدد السياسة الخارجية كلها. ولا ننسى أن الدستور الإيراني هو الذي يؤكد على أن السياسة الخارجية تضعها بشكل رئيس القيادة الروحية العليا. ولذلك إذا ما وجدنا أن إيران اتخذت موقفاً براغماتياً تجاه مسألة إقليمية أو دولية ما في سنوات التسعينات، فإن الفضل في هذه السياسة يعود إلى خامنئي إضافة إلى خاتمي ورافسنجاني اللذين توليا رئاسة الدولة. وبما أن أحمدي نجاد يعتبر من المقربين لخامنئي ومن المتحالفين مع الكوادر والقادة في مكتب خامنئي، فمن غير المحتمل في هذه الحالة أن تتجاوز الحكومة الإيرانية الجديدة الخط الرسمي الذي يحدده قائد الثورة خامنئي على غرار ما جرى في مرحلة خاتمي. أما خامنئي فقد أثبت في الوقت نفسه قدرة على التكيف وعلى موازنة مصلحته في البقاء بمنصب الزعيم الروحي لدى الرأي العام الإيراني الذي بدأ يدعو بشكل متزايد إلى تحسين العلاقات مع المجتمع الدولي. ويظهر أن الموقف الإيراني الهادئ والحذر تجاه الغزو الأميركي لأفغانستان والعراق يشير إلى عدم رغبة إيران بلعب دور الدولة «المارقة» والتعرض لعقوبات اقتصادية وحصار أو غزو عسكري. ومع ذلك، لا يمكن أن نعتبر أي ادعاء يقول بأن إيران في ظل رئاسة نجاد لن تختلف عن إيران في ظل رئاسة خاتمي ورافسنجاني إلا مبالغة غير صحيحة تتجاهل الاختلاف القائم بين الاثنين من جهة وبين نجاد من الجهة الأخرى في موضوع التركيز على الجانب الإيديولوجي لدى الأخير. فالولايات المتحدة ستجد أمامها جمهورية إسلامية إيرانية أكثر ثقة بنفسها وقادة إيرانيين نجحوا في اتباع مناورات وتجارب صمدوا خلالها في وجه النزاع المستمر مع الولايات المتحدة والتحديات الناجمة عنه. ويبدو أن فوز نجاد شكل أكثر فصل متجانس ورسمي في الهيئة التنفيذية المحافظة وفي التشريع الإيراني وفي مكتب الزعيم الروحي منذ (27) عاماً على انتصار الثورة الإسلامية الإيرانية. فطهران تتمتع الآن بعلاقات جيدة مع الحكومة العراقية الجديدة ولا تزال تحافظ على خط المفاوضات مع الدول الأوروبية ونجحت في تعزيز علاقاتها الاقتصادية والاستراتيجية مع الصين، والهند وروسيا. ولا شك أن التوفير في عائدات نفط إيران في عهد خاتمي في السنوات القليلة الماضية وزيادة أسعار النفط المستمرة سيتيحان لإيران الآن التغلب على المشاكل الاقتصادية والمحافظة على استثماراتها في التكنولوجيا المدنية أو العسكرية على السواء. ولذلك ربما يتبع نجاد سياسة أقل تصالحاً تجاه الخارج وجدول عمل الشؤون الخارجية بالمقارنة مع ما اتبعه خاتمي الذي كان يستشهد بفلاسفة الغرب أمام قادة أوروبا. وإذا ما استمرت إدارة بوش في مجابهة الجمهورية الإسلامية وتهديد استقلالها، فإن أحمدي نجاد سينطلق من الاعتقاد بأن الإيرانيين لهم مطلق الحرية التي يحتاجونها في إيران الجديدة وسوف يرد على الولايات المتحدة عن طريق استغلال تهديداتها من أجل الحد من أي انقسام أو انشقاق داخلي وكبح أي حركة بحجة الأمن القومي الإيراني. وثمة من يرى أن وضع خامنئي الراهن الذي يتميز بانتقادات أقل ومنافسين أقل في المناصب المهمة ربما يؤدي إلى ظهور فرصة تقود إلى تقارب مع الولايات المتحدة أو إلى نوع من التقارب، خصوصاً وأن الرئيس الجديد نجاد يعتبر بنظر المراقبين تابعاً لخامنئي. ويذكر أن عهد خاتمي لم يوفر فرصة لحدوث اختراق في العلاقات الأميركية الإيرانية لأن الاختلافات التكتيكية والإيديولوجية الإيرانية ظهرت على السطح وولدت آراء إيرانية ترى أن أي انفراج في العلاقات بين إيران وأميركا سوف يؤدي إلى انهيار إيران. وقد تعرض خاتمي في حينها إلى انتقادات من المحافظين في النظام الإيراني واعتبره البعض غير معاد بشكل كاف للإمبريالية. ورأى هؤلاء أن القيام بتنازلات إيرانية تجاه واشنطن سيعرض إيران للخطر. ولذلك ثمة من يعتقد الآن بأن وجود تجانس بين قادة الحكم الإيراني الحالي يزيد من احتمالات العمل على خلق مفاوضات إيرانية أميركية جدية بين الطرفين. وهناك من يرى أن وجود عملية سلمية بين الإسرائيليين والفلسطينيين أصبحت أكثر احتمالاً، خصوصاً حين يصبح شارون وحماس جزءاً من بداية هذه العملية. لكن المتحمسين للديموقراطية في إيران يرون من موقعهم أن الانفراج في العلاقات الأميركية الإيرانية سيناريو مروع. وقد أثير الجدل حوله بين عدد من رجال السياسة الإيرانيين وتبين أن معظمهم لا يثق بنوايا إدارة بوش تجاه الشعب الإيراني. لكن أي تقارب مع واشنطن التي تطالب بتبني إيران لحرية التعبير والرأي وإنشاء الأحزاب سيرفضه المحافظون المتشددون في إيران. ولن يصدق رجال السياسة في إيران وعود واشنطن بعدم غزو إيران أو بعدم إحاطتها بقواعد عسكرية يمكن الإنطلاق منها لشن حرب ضد إيران. وسوف تبقى مثل هذه المسائل على جدول عمل أي مناقشات تجري بين الجانبين. ولا شك أن أي تقارب بين طهران وواشنطن سيستلزم تنازلات أكثر من جانب بوش لكي تقتنع القيادة الإيرانية بالسير على طريق البراغماتية في النهاية.
\r\n
\r\n
\r\n


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.