لقد شهدنا في هذا البلد أوقاتاً كان فيها شهر أغسطس برغم كل حرارته ورطوبته يجلب أجواء من الطمأنينة والسعادة على الأمة وعاصمتها. كان أعضاء الكونغرس في منازلهم الى يوم عيد العمال، وكان البلد آمناً مطمئناً طيلة هذه الفترة الوجيزة. والرؤساء يذهبون للاستمتاع بلعبة الغولف أو يقودون قواربهم السريعة قبالة شواطيء ولاية مين أو حتى يتنزهون سيراً على الأقدام حول كي ويست. \r\n \r\n \r\n لكن هذا كله لن يحدث هذا الأسبوع أو هذه الأيام اللاهبة برطوبتها وحرارتها. فالبيت الأبيض الذي لا يزال يصر على ثقته بنفسه، إن لم نقل غروره يتخذ وضع الدفاع وتم تعبئة ماكينة التزييف لتقول لأميركا بأن هذا ليس وقت التفكير بالانسحاب من القتال ضد الأشرار في العراق. وهذا ليس وقت التفكير بإخراج جنودنا من المستنقع الذي حصد أرواح أكثر من 1873 شاباً وشابة أميركيين إلى الآن. \r\n \r\n \r\n وتوقف بوش في سولت ليك سيتي ليخطب في حشد من أنصاره لكن بدا للعالم بأسره وكأنه كان يتحدث مباشرة إلى سيندي شيهان، الأم الأميركية المعارضة للحرب والتي قتل ابنها في العراق والتي يرفض بوش مقابلتها وشن عليها معاونوه في البرامج الحوارية التلفزيونية والإذاعية هجوماً عنيفاً، متذرعين بأن بوش كان قد التقى بها مرة بعد فترة وجيزة من مقتل ابنها في العراق. \r\n \r\n \r\n عبر الرئيس بوش عن تعاطفه مع عائلات الجنود الذين قتلوا خلال هذه الحرب التي لم يعد معظم الأميركيين يصدقون بأنه يحسن إدارتها. ولأولئك الذين يتساءلون إلى متى قد تستمر الحرب، قال الجنرال بيتر شوميكر، قائد أركان الجيش، إنه يخطط الآن لتوفير انتشار فرق الجيش ومشاة البحرية لأربعة أعوام 2005 إلى 2009 في حال ظلت هناك حاجة لهم حتى ذلك الحين. \r\n \r\n \r\n وحتى الهواة في فن العلاقات العامة قالوا إنه لو كان الرئيس قد دعا شيهان للقاء تعاطفي وفنجان قهوة وعناق عابر، لربما استطاع تأجيل كل هذا الضجيج والجدل على الأقل لفترة معينة.أين كان ملك التلفيق كارل روف؟ ماذا كانوا يفكرون؟ وعندما قرر البيت الأبيض التحرك، قام بحشد مظاهرة مضادة من الجمهوريين المناصرين للحرب، لرفع العلم في كراوفورد وحشد مجموعة أخرى لتجوب الشوارع في كاليفورنيا التي جاءت منها شيهان. \r\n \r\n \r\n وبعد أن قال السيناتور الجمهوري الخارج عن السرب تشاك هاغيل إنه حان الوقت للتفكير في كيفية الخروج من العراق، تم إرسال مستشار بوش دان بارتليت في جولة على البرامج الحوارية التلفزيونية والإذاعية ليقول إن لدى بوش استراتيجية مضمونة للنجاح في العراق. لكن حتى مذيعة فوكس نيوز بدت متشككة في صحة هذا الكلام. \r\n \r\n \r\n واستخفّ وزير الدفاع دونالد رامسفيلد بكل الكلام عن حرب أهلية وشيكة في العراق، علماً بأن الشيعة والأكراد العراقيين صاغوا دستوراً جديداً لا يراعي اعتراضات الأقلية السُنِّية التي تقف وراء التمرُّد منذ البداية. ووزير الدفاع، الذي استخدم جهازاً آلياً لختم توقيعه على رسائل التعزية الموجهة إلى عائلات الجنود القتلى، صرّح بأن أي شخص مسؤول «لا بد أن يشعر بما يشعر به أولئك الذين فقدوا أحباءهم في الحرب». \r\n \r\n \r\n ونحن أبناء جيل الآباء الذي شاهد هذا الفيلم من قبل وجدنا أنفسنا نتذكر رئيسين آخرين هما ليندون جونسون وريتشارد نيكسون، اللذين طاردهما شبح حرب أخرى ومتظاهرون من أمة فقدت الثقة في قيادتيهما.هل سيتذكر التاريخ هذا الأسبوع باعتباره بداية السقوط لجورج بوش والجمهوريين الذين يسيطرون على الكونغرس؟ هل بمقدورهم الاستمرار على النهج ذاته وهم في طريقهم إلى الانتخابات النصفية في الكونغرس السنة المقبلة؟ \r\n \r\n \r\n سؤال آخر: سيحصد أولادنا وأحفادنا وأولادهم النتائج المريرة لعجوزات الميزانية، وأسعار النفط المرتفعة، والجماعات الإسلامية المقاتلة والجيش الأميركي المعطوب، والتي زرع بذورها الرئيس ونائبه ووزير دفاعه في هذه الحرب؟ هل سيكون إرث بوش محصولاً مريراً وليس زحفاً مظفراً للديمقراطية في بلاد الرافدين؟ \r\n \r\n \r\n خدمة «لوس انجلوس تايمز» \r\n \r\n \r\n خاص ل «البيان» \r\n \r\n \r\n \r\n \r\n