ومع هذا فقد انتقدت تيتشا بيمونت، مديرة إحدى منظمات مراقبة صناعة التعدين في سيدني، وهو معهد سياسات التعدين، التوجيهات باعتبارها غامضة وغير ممكنة التنفيذ. وأضافت: \"إذا كان لديك توجيهات او ارشادات تطوعية، والشركات ليست مجبرة على تقديم تقارير واضحة عما تقوم به، فليس بإمكانك إذن أن تحاسبهم، ومعظم حالات الإساءة لن تظهر للنور\". \r\n \r\n وفي نهاية أغسطس أكدت الشركة التي يتركز حولها الخلاف، وهي شركة أنفيل مايننج، أنها كانت \"تعمل مع العديد من المنظمات غير الحكومية من أجل تبسيط وتحسين البروتوكولات في التعامل مع الجيش\"، بناء على التوجيهات التطوعية الخاصة بالأمن وحقوق الإنسان، وهو ما تم إنهاؤه في ديسمبر 2000 على يد وزارة الخارجية الأمريكية ومكتب الخارجية البريطانية. \r\n \r\n ومن جانبها رفضت كارولين دي موري -مديرة شركة بيربل كوميونيكيشنز للعلاقات العامة في بيرث، والتي عينت حديثا كمتحدث رسمي لشركة أنفيل- رفضت التعريف بمجموعات المنظمات غير الحكومية وقالت: \"لا أعتقد أننا نرغب في تحديد أسماء هؤلاء الذين تعمل الشركة معهم\". \r\n \r\n غير أن شركة أنفيل قد تخوض صراعا من أجل الحصول على اهتمام المنظمات غير الحكومية وذلك بعد أن أصدرت بيانا إعلاميا الأسبوع الماضي تحذر فيه من أنها \"تدرس دعاوى قضائية خاصة بالقذف\" ضد منظمات غير محددة في الكونغو وأستراليا وبريطانيا. \r\n \r\n وقد تفاوضت الكثير من الحكومات بشأن التوجيهات التطوعية معتمدة في ذلك على المعلومات التي قدمتها شركات تعدين مثل شركة ريو تينتو وشل وبريتش بيتروليوم وبعض المنظمات الدولية المعنية بحقوق الإنسان مثل هيومان رايتس ووتش وأمنستي إنترناشونال. \r\n \r\n أما بالنسبة لقضية توفير المعدات للقوات المسلحة تقول هذه التوجيهات فقط إنه \"يتعين على الشركات مراقبة استخدام المعدات –بقدر المستطاع– التي قامت الشركة بتوفيرها، وأن تقوم بالتحقيق بدقة في المواقف التي تستخدم فيها تلك المعدات بأسلوب غير لائق\". \r\n \r\n ففي 14 أكتوبر 2004 احتلت عصابة من الرعاع تتألف من عشرات المتمردين بلدة كيلوا في جمهورية الكونغو الديمقراطية، وكيلوا تقع على بعد 50 كيلو مترا تقريبا من عمليات التنقيب عن النحاس والفضة المعروفة باسم \"ديكولوشي\" والتي أقامتها شركة أنفيل مايننج منذ سنتين. \r\n \r\n وكان رد الفرقة 62 من القوات المسلحة وحشيا، فقد تم نقل قوة تتألف تقريبا من مائة جندي إلى كوالا جوا بطائرات مؤجرة من شركة أنفيل، والتي استخدمت آنذاك شاحنات الشركة أيضا للنقل البري. وقد استسلم المتمردون دون قتال وخلال ساعتين أصبحت البلدة تحت سيطرة القوات المسلحة. \r\n \r\n لكن الجنود انتابتهم حالة اهتياج فبدءوا يسلبون وينهبون ويقتلون مما أسفر عن مقتل 100 شخصا تقريبا أكثرهم من المدنيين العزل وفقا لتحقيق للأمم المتحدة. \r\n \r\n وفي تقرير موجه إلى البورصة في نهاية ديسمبر 2004 أخبرت أنفيل أنه بسبب هذه الواقعة أُغلق المنجم لمدة خمسة أيام إلا أنه لم يرد ذكر أي حوادث قتل، وقد قالت الشركة: \"كان رد الحكومة والقوات المسلحة على المستويين الإقليمي والمحلي سريعا ومساندا للاستئناف العاجل للعمليات\". \r\n \r\n وبعد شهور من تلك المذبحة كرر بيل تيرنر رئيس الشركة -والتي تم إنشاؤها في كندا- لصحفي تابع لإذاعة أسترالية تعرف باسم \"فور كورنرز\" بأن جيش الكونغو \"طلب\" فقامت الشركة ب\"توفير\" الشاحنات والطائرات. \r\n \r\n وأضاف: \"لقد قمنا بتوفير وسائل النقل هذه حتى يمكنهم نقل جنودهم إلى كيلوا\". وفي بيان إعلامي في اليوم التالي لبث البرنامج وصف تيرنر الادعاءات الواردة في البرنامج بأنها \"بائسة ولا أساس لها\"، لكنه أكد ثانية أن الجيش \"طلب\" مركباتهم. \r\n \r\n وبالتالي فتحت الشرطة الفيدرالية الأسترالية تحقيقا تحت إلحاح من محام أسترالي يعمل لصالح الضحايا. فقد قال ريتشارد ميران من شركة المحاماة سلاتر آند جوردون ل آي بي إس أنه قد كتب للشرطة الفيدرالية الأسترالية يطالب بتحقيق فيما إذا كان قد تم انتهاك التشريع الأسترالي، مع تفعيل التزامات أستراليا بمواثيق حقوق الإنسان الدولية. \r\n \r\n وقد أكدت وكالة ضمان الاستثمارات المتعددة الأطراف، والتي هي إحدى افرع البنك الدولي، والتي قامت في مايو من هذا العام بتقديم 13.3 مليون دولار مستحقة لضمانات إلى المنجم، أكدت أنها أيضا تقوم بالتحقيق في هذا الخلاف، كما تقوم الحكومة الكندية أيضا بالتحقيق في الأمر. \r\n \r\n وفي بيان إعلامي صدر بعد أسبوعين من التأكيد في أوائل يونيو أن الجيش قد \"طلب\" النقل، قام تيرنر بتغيير المسار، وأصر على أنه في حادثة جرت في مارس 2004، وجرى فيها \"اغتصاب مركبات الشركة تحت تهديد السلاح\"، \"لم يكن لدى الشركة على الإطلاق أي خيار\" إلا أن تقوم بالنقل. \r\n \r\n وقد أعلنت الشركة في نهاية أغسطس أن تحقيقا داخليا \"شاملا\" قد برأ ساحة الشركة. وهذه المراجعة التي قام بها جاري بيرسون، وهو شريك من شركة المحامين الكبرى كلايتون أوتز، تم إعادة مراجعتها من قِبل المحامي واين مارتين في بيرث كوينز. \r\n \r\n ومع هذا فقد قالت دي موري إن الشركة لم تكن تنوي إصدار هذا التقرير المكون من 100 صفحة. وبسؤالها عن قيمة التقرير إذا كان غير متاح للتدقيق العام أجابت دي موري وهي تضحك \"لتدقيق من؟ لتدقيقك أنت؟ أنا آسفة إذا كنت أضحك بسبب هذا، لكننا لسنا مضطرين إلى تقديم التقرير المكون من 100 صفحة علانية، ولن نقوم بهذا\". \r\n \r\n وبالنسبة لتيتشا بيمونت فإن فشل الشركات في كشف ما يعرفونه يوضح ضعف التوجيهات الإرشادية؛ حيث قالت: \"من وجهة نظري فإن التوجيهات الإرشادية سوف تعطي للشركات فرصة علاقات عامة تسمح بتأليف كذبة، ومع هذا فما يريدونه هو أن يتم عمل القليل فقط من أجل منع حدوث الإساءات أو التمكين من التحقيق الفعال فيما يحدث على الأرض\".