فروح رئيس الوزراء البريطاني لم تلتزم ابدا بالاننتماء للحزب الذي يتزعمه منذ اكثر من عشر سنوات فهو يرى نفسه اكبر من ذلك كزعيم قومي‚ \r\n \r\n لذلك ينبغي ألا نفاجأ بالتقارير التي تتحدث عن ان بلير يعتزم الاستقالة من البرلمان في الانتخابات القادمة فهو يكره نادي ويست مينستر ولكنه سيظل يعشق المسرح السياسي‚ وغايته دائما هي تغيير الامور فلماذا يريد البقاء في مجلس العموم بمجرد ان يسلم صولجان رئاسة الوزراء؟ \r\n \r\n كما هو الحال‚ مازال عليه ان يتخذ القرار الرسمي للاستقالة كعضو برلمان ممثلا لدائرة سيغفيلد‚ وقد شعر بالانزعاج قليلا من القصص التي تحدثت بعكس ذلك‚ \r\n \r\n ولكن الذين تحدثوا معه‚ لم يعد لديهم ادنى شك بان الحقيقة سوف تتطابق في نهاية المطاف مع التكهنات‚ والقرار التالي سيكون حول ما اذا كان سيحتل مقعدا في مجلس للوردات‚ \r\n \r\n لكن بلير‚ لم يحدد موعدا بعد‚ للخروج من «10» داونينغ ستريت‚ وآخر المراهنات في اوساط زملائه تقول انه سيغادر 10 داونينغ ستريت في صيف عام 2007‚ ويذكر بلير زائريه بانه تعهد بان يكمل ولايته البرلمانية بالكامل‚ \r\n \r\n الموت المفاجيء‚ في غير اوانه لوزير الخارجية السابق روبن كوك‚ يذكرنا على اية حال‚ بان هناك امورا اكثر اهمية من الموت السياسي فهذا السياسي الخارق الذكاء لم يلتحق ابدا بالشلة فبذكائه الجدلي وبلاغته الخطابية اصبح برلمانيا بارزا‚ كما كان أحد الناس الذين يعانون الوحدة في حياتهم‚ \r\n \r\n بطريقة او باخرى تمكن كوك من التأقلم مع حزب العمال الجديد‚ وبحلول الوقت الذي وصل فيه الى منصب وزير الخارجية‚ اصبح الاشتراكي المثير للقلاقل الذي كان يطالب بانسحاب بريطانيا من السوق المشتركة سابقا‚ ديمقراطيا اجتماعيا اوروبيا‚ ولكن رغم انه كان يقف بتحفظ واحتراز من حزبه‚ الا انه كان دائما جزءا منه فحزب العمال كان في دمائه دائما‚ \r\n \r\n سيتذكره الناس على الاكثر بسبب استقالته من منصبه احتجاجا على حرب العراق‚ فعلى عكس زميلته في الحكومة كلير شورت لم يفعل شيئا للتشبث بمنصبه بعد لحظة القرار‚ \r\n \r\n واذا كان انتقاده للحرب غير قابل لاحالته الى المحاكمة‚ الا انه كان خاليا تماما من انصاف حقائق‚ مثلما حاول الكثيرون غيره للدفاع عن نفس القضية‚ \r\n \r\n لكن سوء حكم كوك كان اعتقاده بان بلير يمكن اخراجه من منصبه في غضون اشهر من هذا العام الانتخابي‚ وبدلا من ذلك يبدو رئيس الوزراء الآن أقوى من أي وقت مضى‚ السياسي الوحيد على المسرح القومي القادر على تشكيل الأحداث‚ \r\n \r\n أحد الذين عملوا عن قرب مع بلير ابلغني بأنه يبدو الأمر وكأن رئيس الوزراء كسب القرعة عشرات المرات فانزلاق حزب المحافظين المعارض الى حالة من الفوضى وهو يختار زعيمه الخامس في غضون ثماني سنوات‚ ورفض الفرنسيين للدستور الأوروبي‚ واختيار لندن لاستضافة الألعاب الأولمبية 2012‚ ونجاح قمة علينغيلز جعلت كل شيء يسير حسب ما يشتهي بلير‚ \r\n \r\n كما يشعر بلير بالتحرر بحقيقة خوضه لانتخاباته الأخيرة بنجاح‚ وأما التفجيرات الارهابية في لندن فربما اثبتت انتقام خصومه منه‚ ولكنه بدلا من ذلك أظهرت مواهبه كاستراتيجي سياسي وقائد عام يؤدي دوره بفاعلية‚ وبغض النظر عما يقال عن وجود علاقة حرب العراق والارهاب‚ إلا ان الناخبين البريطانيين اثبتوا حتى الآن ميلا قليلا لالقاء اللوم على بلير أكثر مما يلومون مرتكبي التفجيرات الانتحارية‚ \r\n \r\n الدرس الآخر الذي تعلمناه خلال الأشهر القليلة الماضية كان بالطبع‚ تغير الحظوظ السياسية‚ فمن الصعب التذكر الآن بانه في اعقاب انتخابات مايو مباشرة‚ بدا بلير حائرا وضعيفا‚ وكان الكثيرون من برلمانيي حزب العمال متعجلين ولا يطيقون الانتظار لتولي غوردون براون وزير الخزانة مقاليد الزعامة ويتوقعون دوران العجلة ثانية في خريف هذا العام‚ \r\n \r\n هؤلاء هم الناس الأكثر احساسا بالمهانة من جراء التجاهل اللامبالي من قبل بلير لجذوره في حزب العمال‚ وتفضيله العمل فوق الحقائق الايديولوجية الموروثة جيلا بعد جيل‚ فتحديث الخدمات العامة قد ينتج مدارس ومستشفيات افضل للفقراء ولكنها تسيء التجانس الكئيب الذي ما زال الكثيرون في حزب بلير يضفون عليه صفة الالتزام المبدئي بالمساواة‚ \r\n \r\n فقد كان كوك كسياسي طموح وصاحب مبادىء يأمل إذا ما تولى براون الزعامة عاجلا وليس آجلا ستكون له فرصة لاستئناف حياته كوزير فالكارثة شخصية وليست سياسية حرمان كوك من تلك الفرصة‚ \r\n \r\n ولم يكن كوك وحيدا في التعويل على ان الأحداث سوف تتحول ضد رئيس الوزراء‚ ولكن بالنظر الى الوراء على مدى الشهور القليلة الماضية‚ لا استطيع ان أتهرب من الاستنتاج بانه سوف تجيء اللحظة التي سيفتقد فيها الحزب بلير الذي لم ينضم له ابدا بقدر أكبر بكثير مما يمكنهم فهمه حاليا‚ \r\n