\r\n أحدهما كان رمزاً لفشل أمة في تحقيق النجاح في مهمة دموية وباهظة التكاليف في فيتنام، والثاني كان رمزاً للشجاعة الشخصية والشرف الشخصي البسيط عندما كان سجيناً لا حول له ولا قوة في أيدي أعداء أميركا في تلك الحرب. لقد مات الجنرال وليام سي ويستمور لاند، الذي كان القائد العسكري الأميركي في فيتنام في الفترة من 1964 إلى 1968، في 18 يوليو الماضي في منزله في تشارلستون بولاية ساوث كارولينا بعد أن أحيل للتقاعد. \r\n \r\n \r\n لقد مات وهو في ال 91 من عمره، ولم يعترف قط بالهزيمة في تلك الحرب. وكان تفسيره لما حدث كالآتي: «من الأدق أن نقول إن بلدنا لم توف بالتزامها في فيتنام الجنوبية». ومنذ أن كان نقيباً أول في ويست بوينت كلاس في 1963 وحتى اليوم الذي خلع فيه الزي العسكري كان ويستمور لاند مثالاً للجنرال بكل ما تحمله كلمة جنرال من معنى: كان شديد اللهجة، حاد الطباع، كثيف الحاجبين، حاد البصر، قوي الشكيمة وشديد العزيمة والقوة. \r\n \r\n \r\n غير أنه لم يكن مفكراً ومخططاً عسكرياً عظيماً. فرؤيته للانتصار في الحرب في فيتنام تمثلت في تشكيل قوة أميركية كبيرة يزيد قوامها على 500 ألف جندي تعمل بأسلوب البحث والتدمير وقتل الناس وليس بأسلوب الاستيلاء على الأراضي. استراتيجيته المفرطة في العنف تمثلت في أننا يمكننا هزيمة العدو عن طريق أسلوب الاستنزاف، وهو ما يعني أن نقوم بقتل عدد كبير منهم يفوق العدد الذي يقتلونه منّا، الأمر الذي يؤدي في النهاية إلى غرق فيتنام الشمالية في دماء أبنائها، وفي النهاية تبحث عن السلام معنا. \r\n \r\n \r\n لم تنجح تلك الاستراتيجية. فحتى في أنجح سنواتنا في فيتنام لم نتمكن مطلقاً من قتل ما يعادل الزيادة الطبيعية في معدلات نمو السكان في فيتنام الشمالية. بعبارة أخرى، كان العدو يتناسل بشكل أسرع من معدل القتل في صفوفه. أحد مساعدي ويستمور لاند كتب عن فكرة رئيسه تلك بالقول: «إن استراتيجية الاستنزاف تعني أنه ليس لك استراتيجية على الإطلاق». \r\n \r\n \r\n ولم ينفع ويستمور لاند ما حدث طوال فترة خدمته كقائد عسكري في فيتنام عندما منع الرئيس الأميركي وقتها ليندون جونسون القوات الأميركية مطلقاً من تعقّب العدو إلى لاوس وكمبوديا المجاورتين، وهو القرار الذي جاء ليعني توفير ملاذ آمن للفيتناميين الشماليين يمكنهم فيه الحصول على الراحة وإعادة تنظيم صفوفهم، كما أنه أعطى لهم مبادرة استراتيجية استفادوا منها وتمثلت في أن الفيتناميين الشماليين أضحى بإمكانهم بعد تلك المبادرة تحديد متى وأين يمكنهم قتال الأميركيين وإلى أي مدى زمني يستمرون في القتال. \r\n \r\n \r\n لقد أنقذ ويستمور لاند جزءاً واحداً من سمعته التي تحطمت في فيتنام عندما قاد في 1982 مسيرة ضمت قدامى الحرب الفيتنامية تهدف إلى تخليد ذكراهم في واشنطن. وظهر الرجل في المسيرة وتلقى تحيات من كانوا تحت إمرته أثناء الفترة التي قضوها في جحيم فيتنام. \r\n \r\n \r\n ولم يحدث إلا نادراً بعد ذلك أن فوت الجنرال ذو الشعر الفضي فرصة واحدة من دون أن يشترك في مسيرة مع زملائه من قدامى حرب فيتنام أو في أي زيارة ينظمونها. وبحسب ما قاله ابنه جيمس، فإن ذلك الأمر كان السبب الذي يعيش من أجله. الرمز الثاني الذي رحل عنا الشهر الحالي هو نائب الأدميرال جيمس ستوكديل 81 عاماً والذي قضى سبع سنوات من السجن في فيتنام الشمالية، \r\n \r\n \r\n كان خلالها أرفع وأعلى المعتقلين الأميركيين مكانة في ذلك البلد. لقد قام ب 21 مهمة على متن حاملة الطائرات «يو اس اس أوريسكاني» وذلك قبل أن يُطلق عليه النار ويسقط في سبتمبر 1965 في بداية تلك الحرب. لقد تجرع ستوكديل ألم التعذيب في سجن هانوي هيلتون المشؤوم. وتعرض ظهره للكسر وحُطمت قدمه على أيدي القرويين الغاضبين وخلعت كتفه على أيدي أحد جلاديه. \r\n \r\n \r\n وبدلاً من ان يسمح للعدو باستغلاله في الأفلام الدعائية، قام ستوكديل بتهشيم وجهه بكرسي خشبي، وهو ما تسبب في ان بقاء قدميه مصفدتين في الأغلال الحديدية لمدة عامين كاملين، وعندما بدأ يشعر بالخوف من أنه ربما يرضخ لرغبة الأعداء تحت قسوة التعذيب، قام ستوكديل بتحطيم لوح زجاجي وأحدث جرحاً كبيراً في معصمي يديه، وكان على وشك الموت عندما وجده حراسه في السجن، الامر الذي أشعرهم بالخوف، ومنذ تلك اللحظة تحسنت معاملتهم له. \r\n \r\n \r\n وخلال فترة أسره الطويلة عملت زوجة ستوكديل، واسمها سيبل، بشكل مكثف على قضايا أسرى الحرب على المستوى الداخلي في أميركا، وبذلت أقصى ما في وسعها من أجل ان تعيد زوجها وزملاءه في النهاية إلى أوطانهم بسلام. وعن إطلاق سراحه منح ستوكديل وسام الشرف، \r\n \r\n \r\n وهو أعلى وسام بطولة عسكرية يمنح في أميركا، وعندما تقاعد في 1979، كان من أكثر ضباط البحرية حصولاً على الأوسمة في التاريخ الأميركي، إذ نال أكثر من 26 وساماً عسكرياً، وبفضل الدعم الذي منحه ملياردير تكساس إتش روس بيرو لقضية أسرى الحرب وعائلاتهم، فقد سمح ستوكديل لبيرو بأن يرشحه نائباً له في حملة الانتخابات الرئاسية في 1992، \r\n \r\n \r\n ووجدت مقولته الشهيرة المأخوذة عن سقراط: «من أكون؟» و«لماذا أنا هنا؟» وجدت طريقها الى داخل أذهان مشاهدي التلفاز أثناء نقاشات الحملة الانتخابية حول نائب الرئيس في ذلك العام وتسببت مقولته تلك في تحويل رجل شجاع الى ما هو أقرب من أضحوكة وطنية، لقد كان الرجل يستحق ما هو أفضل من ذلك. \r\n \r\n \r\n خدمة «لوس انغلوس تايمز» \r\n \r\n \r\n خاص ل «البيان» \r\n \r\n \r\n