وليس بالضرورة فقط في بريطانيا.وفيما يخص الهجمات التي وقعت في السابع من تموز (يوليو) في لندن، فقد تم اكتشاف قدر مذهل من المعلومات.وفي الثاني عشر من تموز (يوليو)أعلنت الشرطة البريطانية اكتشافها بأن أربعة من الشبان الذي يحملون حقائب ظهر رياضية محشوة بنوع عسكري متخصص من المتفجرات، توجهوا إلى لندن.وشوهد ثلاثة من الأصدقاء، على الأقل، يبتسمون ويضحكون، وذلك من خلال الكاميرات التلفزيونية المثبتة في محطة كنجز كروس، ومن ثم قاموا بتفجير أنفسهم على متن ثلاثة قطارات تحت الأرض وحافلة.ويتحدر ثلاثة من الرجال من عائلات باكستانية تقطن في شمال إنجلترا، فيما كان الرابع من مواليد جامايكا، ولكنهم جميعهم يحملون الجنسية البريطانية.وكان أحدهم يعمل في دكان والده لبيع السمك والبطاطس المقلية.وتعتقد الشرطة أن العقل المُدبّر لأول تفجيرات انتحارية شهدتها بريطانيا لا يزال حرّاً طليقاً، كما هو حال الكثير من المفجّرين الانتحاريين المحتملين.وإذا كانوا على حق، فالمعنى الضمني هنا يشير إلى أن تفجيرات لندن لم تكن عملاً فرديا ينم عن الشعور بالسخط، ولكنها دلالة على وجود شبكة إرهابية تتخطى الحدود القومية. \r\n \r\n الولد في المنزل المجاور \r\n وسواء كان خطر الجهادية يأتي من مثل هذه الشبكة أو من جماعات محلية، فيمكن الإحساس به في كل أنحاء أوروبا.ففي هولندا، يمثل أمام المحكمة هذا الأسبوع محمد بويري، الشاب الهولندي المتحدر من أصول مغربية والبالغ من العمر 27 عاماً، بتهمة قتل ثيو فان غوخ، وهو مخرج أفلام هاجم معاملة الإسلام للمرأة في أحد أعماله.وارتبط اسم بويري ب «مجموعة هوفستاد»، التي اتهم بعض أعضائها بوضع خطط وحشية لتفجير مطار شيبهول، والبرلمان الهولندي، وأحد مفاعلات الدولة النووية.وفي إيطاليا، وفي غمرة المخاوف بتعرّض البلاد للهجوم، تخطط حكومة سيلفيو بيرلسكوني بتعزيز القوانين المكافحة للإرهاب.وفي اسبانيا، لا يزال الحداد قائماً على ضحايا تفجيرات مدريد العام الماضي.وفي أوروبا، يشكّل، أيضاً، تهديد الجهاد هذا، الذي يتخذ أشكالاً عدة، خطراً على نطاق أوسع، حيث يمكن للمتطرفين، الذين يتمتعون بحرية أكبر من تلك التي كان يمكن الحصول عليها في الشرق الأوسط أو شمال أفريقيا، شحن الأموال والقوى البشرية من دول أوروبا الغنية إلى الجماعات المتطرفة الموجودة في مناطق أخرى.أما المهاجمون المحتملون الذين يحملون جوازات سفر أوروبية ذوي «السجل الإجرامي النظيف» عادةً، أي غير المعروفين لدى أجهزة المخابرات فيمكن لهم نقل الإرهاب إلى الولاياتالمتحدة كما فعلوا في الحادي عشر من أيلول (سبتمبر) بسهولة أكبر مما لو كانوا متمردين معروفين من السعودية أو سوريا.لذا، لمصلحة الجميع، على أوروبا تقوية حملتها ضد الجهاد الذي يترعرع في ربوع البلاد.وهذا يعني التركيز على ثلاثة أمور:على الجهاديين، والقانون، وبصورة أكثر إثارة للجدل، على الإسلام بحد ذاته. \r\n ما الذي يمكن أن يفسّر الرحلة التي قادت أربعة شبان مسلمين من الانتقال من طفولتهم في مدينة ليدز إلى ارتكابهم أعمال القتل الجماعي في لندن؟ لا شك أن الطريقة المختارة لتنفيذ ذلك ألا وهي الانتحار تثير مشاعر الصدمة، ولكنها ربما لا يجب أن تثير مثل تلك المشاعر.فقد كانت هي بالفعل الطريقة المُستخدمة في الحادي عشر من أيلول (سبتمبر)، وكانت حينها الطريقة التي خطط لها بريطاني يُدعى ريتشارد ريد تحوّل إلى الإسلام وسعى لتفجير طائرة ركّاب بقنبلة أخفاها في حذائه.وفي عام 2003، غادر شابان متعلمان بريطانيا ليصبحا مفجري قنابل انتحاريين في تل أبيب.وما يمكن أن يكشف عن قوة تلك المشاعر إما رغبة بالشهادة إضافة إلى الرغبة بالقتل أو مجرّد يأس متهوّر لإنجاح محاولة الهجوم.والأهم بكثير هو الرغبة الجامحة للقتل في المقام الأول.وبالنسبة لكل شخص من جنود الإرهاب هؤلاء، اختار عشرات الآلاف من الشبان أمثالهم أن يعيشوا حياة مسالمة خالية من الإثارة.وبين الأتراك في ألمانيا، والجزائريين في فرنسا، والباكستانيين في بريطانيا، من الصعب محاولة إيجاد تفسير بسيط لمحاولة تحوّلهم إلى الجهاد (الذي يعني حرفياً القتال).إلا أن هناك نماذج واتجاهات غير ظاهرة بصورة واضحة.فالعديد منهم أبناء أو أحفاد مهاجرين، ترعرع بعضهم في تجمعات مما يسميه روبرت ليكن من مركز نيكسون في واشنطن، ب «المستعمرات الداخلية» مستعمرات غيتو معزولة عن ثقافة موطنهم الجديد. كما أن معظمهم تحت سن الثلاثين، وبعضهم يملك شهادات عليا.وعلى الرغم من أنهم قد يكونون من الطبقة الوسطى، إلا أن جاليتهم ليست كذلك على الأرجح.وغالباً ما يكونون قد نشأوا بعيداً عن عائلاتهم:وربما انجرف بعضهم لارتكاب جرائم صغيرة، أو أعمال محظورة في الإسلام كتناول الكحول أو معاشرة النساء.وبعد ذلك يقودهم شيء ما للدين ومن ثم للأصوات المتطرفة التي تمارس الوعظ متحدثة عن المدينة الفاضلة العالمية التي يسودها حكم الإسلام.ومن الصعب إيقاف السرعة المتهورة للتحوّل من شخص غير منسجم مع مجتمعه إلى شخص من جماعة المجاهدين لأنه أمر لا يمكن التنبؤ به على وجه التحديد.ويلقي البعض باللائمة على حرب العراق، إلا أن هذا خلط خاطئ بين وسائل الاستخدام والأسباب الرئيسية.فقد كانت القاعدة مشغولة بمحاولات التفجير في كل أنحاء العالم قبل أن تتجه الدبابات الأمريكية إلى بغداد.وفي ذلك الوقت كانت الأعمال الوحشية المرتكبة في الشيشان وأفغانستان هي النداء المستخدم في حشد القوى وكانت ستكون كذلك اليوم، لولا أن هناك الفلوجة.ومكمن الخطر الرئيسي في العراق هو أنه بمثابة المغناطيس وأرض للتدريب بالنسبة للمقاتلين الأجانب.ولا تعمل التلميحات المُعبرة عن انسحاب القوّات إلا على زيادة نفوذه.ورد الفعل الأفضل سيكون تحسين القانون في الوطن.ففي هولندا، حيث تمت تبرئة بعض أعضاء مجموعة هوفستاد منذ البداية من جميع الجرائم وثم أعيد اعتقالهم، سيعني تحسين القانون، باختصار، زيادة عدد سلطات الاعتقال والقبول بالأدلة المُقدمة من أجهزة المخابرات ومن مصادر مجهولة الهوية.أما في إيطاليا، فمن المُفترض أن يعني إصلاح شبكة المدّعين العامين وأجهزة تطبيق القانون في الدولة والمنقسمة بصورة ميؤوس منها.أما في أنحاء أوروبا، فيحتاج المحقّقون إلى السلطة اللازمة لمنع تمويل الإرهاب ولتعقب شبكات الجهاديين من خلال عناوين البريد الإلكتروني وأرقام الهواتف المحمولة.وفي بريطانيا، حيث تملك الشرطة بالفعل سلطات واسعة، فإن الأمر لا يعني أكثر من مجرّد إيجاد تهم جديدة بالتخطيط للإرهاب والخطب الوعظية المُحرّضة على العنف.وينبغي أن يكون الهدف هو تشديد المراقبة وتعزيز طرق سير العدالة دون الوقوع في فخ خيانة المبادئ الأساسية للقانون أو الحرية المدنية، كما فعلت أمريكا في خليج غوانتنامو.وهناك أيضاً حجة جيدة لاتخاذ إجراء أكثر قسوة بحق مثيري القلاقل الذين يلقون خطبا وعظية تُحرّض على العنف والقتل.فقد كان قاتل فان غوخ تابعا لإمام سوري.وفي لندن، التي يسميّها النقّاد «لندنستان» على سبيل الاستهزاء، وذلك لاستعدادها لإيواء متطرفين خطرين، قام أبو حمزة المصري، وهو إمام بعين واحدة لمسجد فنسبري بارك، بوعظ زكريا موسوي، المختطف المحتمل لإحدى الطائرات في عمليات الحادي عشر من أيلول (سبتمبر).إلا أنه سيكون من الخطأ محاولة استبعاد أو سجن كل إمام تفوّه بكلمات استفزازية.فالنضال ضد الجهاديين هو نضال التسامح الأوروبي ضد العقلية المنغلقة للتعصب الأعمى.وهو نضال سيعتمد في النهاية على الإسلام نفسه لقيادة شبابه نحو القيام بالأعمال الصالحة بدلاً من أن تقوم أجهزة الأمن بتحديد هؤلاء الذين تحوّلوا ليصبحوا شريرين على الرغم من وضوح أهمية ذلك.وقد كان رد فعل الجماعات الإسلامية جيداً بإدانتها للإرهابيين بصورة صريحة لا لبس فيها.وسيكون من الأفضل لو استطاعت هذه الجماعات الآن تنظيم مسيرات عامة ضد من يتبنون العنف، وتنظيم نقاش عام، ضمن محيط جاليتهم، ضد الجهادية.فالحاجة قائمة لنقاش حر ومفتوح داخل محيط الإسلام، نقاش يحاكي فيه المعتدلون طرق المتطرفين بصورة حاسمة:بحيث يستغلون سيل الأفكار المتدفق من أوروبا للفوز بالجدل ضد أولئك المتلهفين الى ممارسة العنف والأساليب التي كانت تُستخدم في القرون الوسطى.وفي النهاية، هذا الذي من شأنه إخراج الكره من عقول الجهاديين . \r\n