لقد أخمد النزاع باستخدام الجيش السوري الذي عمل في لبنان بصورة شرعية بتفويض اعطته اياه الجامعة العربية‚ \r\n \r\n والدور السوري تعزز ايضا بموافقة ضمنية أميركية وتمت تقويته من خلال الأخذ بسياسة «شيء مقابل شيء» حيث شاركت سوريا في التحالف الذي قادته أميركا ضد العراق في حرب الخليج الأولى في عام 1991‚ \r\n \r\n كل هذا تغير الآن ويعود السبب في جزء كبير من التغيير الى المزاج الأميركي الذي شهد تغيرات دراماتيكية منذ الهجمات الارهابية في سبتمبر 2001‚ وينظر المحافظون للسياسات السورية على انها تتعارض مع المصالح الاستراتيجية الأميركية في المنطقة خاصة في العراق وعملية السلام الفلسطينية الاسرائيلية‚ \r\n \r\n وشكلت عملية اغتيال رفيق الحريري رئيس الوزراء اللبناني الأسبق وما تلاها من مظاهرات معادية لسوريا فرصة لإدارة بوش لاستغلالها‚ وبالتعاون مع فرنسا وحلفاء اميركا في المنطقة كالسعودية اصبحت الضغوط التي تمارس على سوريا شديدة للغاية وليس بمقدرة دمشق مقاومتها‚ \r\n \r\n وبعد عدة محاولات للاحتفاظ بوجود في عدد من المناطق في وادي البقاع شرق لبنان قرب الحدود السورية فقد أعلنت دمشق في النهاية عزمها سحب جميع قواتها وأفراد استخباراتها من لبنان مع أواخر ابريل الجاري‚ وفي المستقبل الفوري ستشعر دمشق بصدمة عميقة بسبب الضربة التي لحقت بها المتعلقة بحساباتها الاستراتيجية الاقليمية والأمنية‚ \r\n \r\n هناك طريقان مختلفان عن بعضهما البعض للغاية يمكن لسوريا ان تسير باحدهما‚ \r\n \r\n الطريق الأول هو التمسك بعقلية الحصار‚ والطريق الثاني وهو المفضل ويتعلق باجراء تغيير كامل في المسار بحيث تعيد القيادة السورية فحص مفهومها للتحديات العصيبة التي تواجهها البلاد الآن‚ \r\n \r\n ليس هناك مجال بعد اليوم لتحديد دور سوريا الاقليمي من خلال الأخذ بسياسات السلطة القديمة‚ \r\n \r\n فالمطلوب ايجاد مجتمع سياسي سوري واقتصاد قوي قادر على مواجهة الاعاصير الجيوسياسية وفي نفس الوقت المساهمة في اعادة هيكلة الجوار‚ وأي دور مركزي لسوريا في إعادة الهيكلة هذه يجب ان يعكس جغرافيتها وتاريخها‚ \r\n \r\n أي مسار وأي طريق ستأخذ به سوريا؟ عند الاستماع لما قاله الرئيس السوري بشار الأسد الشهر الماضي عندما أعلن عن قرار بلاده سحب قواتها من لبنان يمكن القول ان سوريا قررت الأخذ بالطريق الثاني‚ ظهر ذلك جليا في القرار الذي اتخذ لاطلاق سراح الاكراد المعتقلين والسجناء الآخرين من السجون السورية اضافة الى الحد من سلطات وقوة ونفوذ اجهزة الاستخبارات ومحاكم أمن الدولة‚ والمؤتمر العام القادم لحزب البعث الذي سيعقد خلال الأشهر القليلة القادمة يتوقع ان يتخذ قرارات قد تشكل بداية عهد جديد وانفتاح سياسي لكن حتى لو تم هذا فانه لن يشكل نهاية لمتاعب النظام في ظل سياسة واشنطن الهادفة الى تغيير بعض الانظمة مما قد يدفع النظام في سوريا الى العزلة وربما العودة أيضا للمعارك القديمة في لبنان واماكن أخرى‚ \r\n \r\n وعليه فإنه لأمر حيوي للمنطقة وللعالم خاصة بالنسبة لأوروبا تشجيع سوريا على الأخذ بالطريق الثاني‚ \r\n \r\n ويتوجب على صناع السياسة الغربيين ان يبنوا على ما تحقق وعلى استعداد دمشق للانسحاب من لبنان من أجل البدء بمرحلة جديدة وعهد جديد‚ \r\n \r\n ربما تبقى واشنطن متمسكة بمفاهيمها السابقة القائمة على الاستمرار بضرب ومحاصرة سوريا وممارسة الضغوط عليها الى ان تذعن للسياسات والمطالب الأميركية في النهاية لكن الأخذ بهذا المفهوم ستكون له تداعيات كارثية إذا ما طبق بحذافيره‚ \r\n \r\n من أجل ذلك يتوجب على أوروبا ان تتخذ موقفا يعطي الأمل والدعم لقوى الاصلاح والتغيير السلمي في سوريا وليس الأخذ بسياسات لا تؤدي إلا الى اليأس والدمار‚ \r\n