الاستنجاد بإرث فرانكو‚‚ عند اللزوم

التخلص من آثار الماضي مؤشر على الاوضاع في اسبانيا‚ فقد حقق رئيس الوزراء خوسيه لويس ثباتيرو نصرا انتخابيا مفاجئا بعد ثلاثة ايام فقط من تفجيرات 11 مارس 2004‚ وقد ورث امَّة مصدومة ومقسمة وخلال العام الماضي حرص على ابقائها على هذه الحالة‚
\r\n
\r\n
فقد امرت الحكومة الاشتراكية مؤخرا التليفزيون القومي بانتاج افلام وثائقية جديدة حول اهوال الحرب الاهلية وحقبة فرانكو‚ وبذلك رسمت علاقة ضمنية مع اليمين السياسي الحالي في اسبانيا‚
\r\n
\r\n
الجدل السياسي حول ماضي اسبانيا الاستبدادي الذي تحاشت الحكومات اليمينية واليسارية الخوض فيه منذ التحول الى الديمقراطية في اواخر السبعينيات عاد الى الحياة ثانية‚ فرغم ان التمثال كان مهملا ومنسيا قبل ازالته الا ان الموقع الخالي الآن اصبح مزينا بالورود والشعارات‚
\r\n
\r\n
كما تقوم الحكومة الاشتراكية بمهاجمة الكنيسة الكاثوليكية الرومانية واحيت بذلك توترات فترة الحرب الاهلية‚ فالاجراءات التي تتبعها تبيح طرد رجال الدين العسكريين ووضع قيود على التعليم الديني‚ وللانصاف لم يتم حتى الآن قتل اي قسيس ولا سلب اية كنيسة ولكن القيادة الكاثوليكية باتت في وضع دفاعي‚
\r\n
\r\n
في الشؤون الخارجية يجد ثباتيرو الالهام من ايام فرانكو باعتماد «الحياد» و«الطريق الثالث» وفي ظل اجواء «العداء لاميركا» المواتية له‚ ففي الاسبوع الماضي باعت اسبانيا اسلحة ومعدات عسكرية لهوغو شافيز الصديق المفضل لكاسترو‚ واما جورج بوش وتوني بلير فيتعرضان الى الانتقاد والتجريح في اسبانيا‚
\r\n
\r\n
يعني مفهوم «الطريق الثالث» في اوروبا تبعية عمياء لفرنسا والمانيا وأول عمل قام به ثباتيرو بعد سحب القوات الاسبانية من العراق طرح الدستور الاوروبي على الاستفتاء فصادق عليه‚ ودعا مرتين حلفاء اميركا لسحب قواتهم من العراق والاقتداء باسبانيا‚
\r\n
\r\n
يوم 17 ابريل سوف ينتخب اقليم الباسك الذي يتمتع بحكم ذاتي في الشمال برلمانا محليا والمرجح ان يفوز القوميون بالاغلبية مما يمهد الطريق لاجراء استفتاء حول الانفصال‚ وفي اقليم الباسك يتمتع الحكم المحلي باستقلالية في ادارة المدارس ويمتلك قوة بوليسية خاصة‚ ويعتبر اقليم الباسك الى جانب اقليم كتالونيا في الشمال الاكثر ثراء ويشعران بعبء تقديم الدعم للمناطق الاسبانية الفقيرة‚ ويبدو ان هذا الاحساس سريع الانتشار كالامراض المعدية فمنطقة وادي اران الغنية المجاورة لكتالونيا لها خططها ايضا وردة الفعل من قبل المناطق الفقيرة بدأت تتزايد والطريقة التي تعالج بها اسبانيا هذه الازمة ستكون درسا لكل اوروبا‚ فالكثير من الدول الاوروبية تضم اثنيات متعددة وتريد انتزاع المزيد من السلطات من الحكومات المركزية في العواصم‚
\r\n
\r\n
كل هذه السياسات التي يمارسها ثباتيرو تدفع المرء للتساؤل: هل الرجل احمق؟ بالطبع الرجل ابعد ما يكون عن الحمق‚ فبعد ان كان رصيده الشعبي صفرا قبل عام اصبح الآن يتمتع بشعبية واسعة في استطلاعات الرأي العام‚ ومعظم الاسبانيين يعتبرونه حكيما‚ وبغض النظر عما يظنه بقية العالم فهم يحبونه‚ ورغم انه فتح جروحا قديمة الا ان ثباتيرو اكثر شعبية اليوم من اي وقت مضى‚
\r\n