\r\n واذا كانت ادارة بوش عبرت عن سعادتها بالليبراليين اللبنانيين -واغلبهم من المسيحيين والدروز- وقبولها بالواقع المرجح لقيام حكومة شيعية في العراق ، الا انها لم تغير موقفها القديم من الحركات الاسلامية التي تقود اتباعا باحجام كبيرة في المنطقة. ودأبت الادارة بالاشتراك مع اسرائيل -حتى وقت قريب على الاقل- على الضغط على الحكومات الاوروبية لوضع حزب الله على قائمة الحركات الارهابية وتجميد حساباته ؛ وأيدت الادارة ايضا مطالب اسرائيل بتفكيك حركة حماس بدلا من الاكتفاء بالتهدئة التي تسعى اليها الحكومة الفلسطينية الجديدة. بل ان الدبلوماسيين الاميركيين لا يفكرون حتى في محاورة جماعة الاخوان المسلمين المصرية ، الحركة الام لكل الاحزاب الاسلامية في المنطقة. \r\n \r\n برغم كل ذلك ، وحسبما يتضح من تظاهرة حزب الله ، فإن هؤلاء اللاعبين المعادين للغرب والذين يلجأون بشكل متكرر للعنف لن يتلاشوا ببساطة في وجه الاحزاب الاكثر ديمقراطية. وعلى خطى الاسلاميين السنة في العراق ، قد يحاولون تعطيل اي انتقال من انظمة الحكم الدكتاتورية في المنطقة حاليا الى الاحتكام الى صناديق الاقتراع. واذا كان الامر كذلك ، فإن كلا من حزب الله وحركة حماس مسلحان جيدا ولن يمكن هزيمتهما بسهولة. على ان كلتا الحركتين ربما تختاران المشاركة في الحياة السياسية الديمقراطية وذلك لأنه الى حد ما في لبنان وفلسطين ومصر يستطيعون قيادة ليس الصورايخ والانتحاريين فحسب ، بل والالاف من الناخبين ايضا. \r\n \r\n هنا تكمن الفرصة لفريق بوش المؤيد للديمقراطية. اذا كان من الممكن استمالة الاسلاميين الى الوصول الى السلطة عن طريق المعترك السياسي - اذا واصل حزب الله عرض قضيته بالتظاهرات بدلا من السيارات المفخخة- إذن ، من الممكن فصل هذه الحركات عن خلاياها العنيفة ، وبمرور الوقت ، عن البنود الاكثر تطرفا في برامج اعمالها. ويصف راؤل مارك غيرشت ، الخبير في شئون العالم الاسلامي بمؤسسة اميركان انتربرايز انستتيوت هذا الامر بمحاربة المدرسة ال(بن لادنية) من الداخل ؛ وبالمشاركة في نظام سياسي مفتوح والمنافسة من اجل الدعم يمكن دفع الاسلاميين بمرور الوقت نحو الاعتدال. \r\n ربما لا يكون ذلك محتملا ؛ لكنه ليس مستحيلا. ففي السنوات الاخيرة ، تعهدت الجماعة الاسلامية بمصر -التي كانت بشيرا للقاعدة- والاخوان المسلمون بالاردن بنبذ العنف. وفي الاردن والمغرب ، سمح للاصوليين المسلمين بالمنافسة في الانتخابات بعد الموافقة مقدما على الالتزام بسيادة القانون. وساعد سعد الدين ابراهيم ، الناشط المصري في مجال الديمقراطية ، في التوسط لعقد صفقة بين العاهل الاردني الراحل الملك حسين والاسلاميين ؛ وهو يرى ان (اتفاقات ديمقراطية) مماثلة يمكن ان تمنح الاخوان المسلمين وحركة حماس الفلسطينية دخولا كاملا في النظام السياسي في مقابل التزام تام بالحكم الدستوري. \r\n لماذا قد يقبل الاسلاميون بهذا الطرح ، لاسيما وهم يتلقون التمويل والاسلحة من انظمة غير ديمقراطية مثل سوريا وايران؟ السبب ، كما دلت احداث لبنان وفلسطين مؤخرا ، ان حركة حماس وحزب الله يتحسسان الرأي الشعبي -وهذا الرأي ، على الاقل في اللحظة الراهنة ، يعتبر ان الحياة السياسية الديمقراطية بديلا واعدا عن سنوات اخرى من الطغيان والارهاب. \r\n لن تنجح هذه الاستراتيجية مالم تتم مراجعة عقيدتين عتيدتين في السياسة الاميركية تجاه الشرق الاوسط. العقيدة الاولى هي الفكرة القائلة بأن اي انتصار اسلامي في انتخابات ديمقراطية سيكون بالضرورة كارثة. فالتوقع البليغ القائل (رجل واحد ، صوت واحد ، مرة واحدة) لاحد السفراء السابقين ترسخ منذ فترة طويلة ليكون الحكمة التقليدية لوزارة الخارجية الاميركية. غير ان الامر ليس بحاجة ليكون على هذا النحو. فاحترام الدستور يمكن فرضه بواسطة اتفاقات اقليمية ، كما تم في اميركا اللاتينية او بواسطة جيش وطني كما هو الحال في تركيا. ولا يعتقد سعد الدين ابراهيم في مصر و غيره من الخبراء ان الاخوان المسلمين سيفوزون في النهاية في الانتخابات الحرة. لكن على ادارة بوش ان تكون مستعدة لحصول ذلك الاحتمال -وأنى تكون لديها الرغبة في تحمل تبعاته. \r\n \r\n كما يتعين على الولاياتالمتحدة الاستعداد للتخلي عن القسر والاجبار كوسيلة اساسية لمحاربة جماعات مثل حزب الله وحماس -شريطة ان يلتزموا باعلانهم وقف اطلاق النار. وفي الاسبوع الماضي ، ذكر مسئولون بادارة بوش انهم يدرسون مثل هذا التحول في حالة حزب الله ، اذعانا للاقناع الاوروبي. وقد تبنى الرئيس الفلسطيني محمود عباس بالفعل استراتيجية سياسية تجاه حماس ، التي اعلنت بشجاعة عزمها المشاركة في الانتخابات التشريعية لهذا العام. \r\n هاتان الخطوتان تمثلان ازعاجا شديدا لاسرائيل ، التي مازالت غير راغبة في النظر للجماعات الاسلامية بنظرة غير العدو الاخلاقي والهدف العسكري. على اقل تقدير ، قد يبدو ظهور حياة سياسية ديمقراطية عربية خطرا يتهدد الديمقراطية الوحيدة القائمة بالشرق الاوسط ، على المدى القصير. وتلك مفارقة لا اسرائيل ولا الولاياتالمتحدة تبدوان مستعدتين لها. \r\n \r\n جاكسون ديل \r\n نائب محرر صفحة الرأي بصحيفة الواشنطن بوست \r\n خدمة واشنطن بوست - خاص ب(الوطن)