يمكن القول ان الوقت ربما لم يحن بعد لتسمية ما حدث بأنه ديمقراطية، فبعد يوم واحد من تجمع هذا الحشد من الناس في بلد لا تجاوز سكانه أربعة ملايين نسمة، صوّت البرلمان من أجل إعادة تكليف عمر كرامي، رئيس الوزراء السابق، بشغل المنصب الذي أقيل منه بعد اغتيال رفيق الحريري، وذلك في تحد صارخ لأميركا، و«المجتمع الدولي». \r\n \r\n \r\n وبدلاً من الديمقراطية قد يكون ركب الثورة هو الذي يتحرك. \r\n \r\n \r\n إذا أجريت انتخابات مايو في لبنان في إطار من الحرية، فسيتمكن حزب الله من أن يخطو خطوة تجعله أقرب إلى السلطة، وفيما يمثل هذا الديمقراطية بعينها، هل ينبغي لنا نحن الأميركيين في هذه الحالة أن نشيد أو ندعم أو نقاتل من أجل هذا التطور؟ \r\n \r\n \r\n في الانتخابات التي أجريت في الشرق الأوسط حتى الآن جاءت النتائج مختلطة. من العراق صوت الأكراد من أجل الحكم الذاتي الآن، ومن أجل الاستقلال فيما بعد، وصوّت الشيعة كما قال لهم آية الله علي السيستاني، ولا نعلم ما إذا كان النظام الجديد هناك سيكون موالياً لإيران أمر لا؟ ولكنه بالتأكيد سيكون أقل موالاة لأميركا من نظام علاوي السابق. \r\n \r\n \r\n ولكن تكلفة وجود حكومة شيعية في العراق أمر معروف بالفعل: 1500 قتيل أميركي، 10 آلاف مصاب أميركي، وضياع 200 مليار دولار أميركي. \r\n \r\n \r\n وصوّت الفلسطينيون لصالح محمود عباس، الذي لم يواجه منافساً ذا ثقل، وفي غزة صوّت 70% الناخبين لصالح حركة حماس. \r\n \r\n \r\n وفي مصر قال الرئيس حسني مبارك انه ستكون هناك خيارات أمام الناخبين هذا العام، فهل سيكون للإخوان المسلمين وجود في الانتخابات؟ وهل ستُمنح هذه الحركة سلطة سياسية توازي ما تتمتع به من قاعدة انتخابية قوية؟ هل سيُسمح للمرشحين بأن يركزوا حملاتهم على رفض السلام مع إسرائيل؟ \r\n \r\n \r\n إن ما يستدعي التوقف عند كل تلك الشعارات التي تتحدث عن «رياح التغيير» و«النار في أذهان الرجال» هو أنه خلال الانتفاضات السابقة في العالم الإسلامي كان المسلحون ينهضون من تحت الرماد، ففي الانتخابات التي تجرى في الشرق الأوسط يبدو أن الإسلاميين يؤدون بشكل جيد. \r\n \r\n \r\n \r\n في 1992 أوشكت الانتخابات الجزائرية ان تأتي بنظام إسلامي إلى سدة الحكم، غير أن الجيش هناك بموافقة أميركا أنهى الأمر. \r\n \r\n \r\n في تركيا جاءت الانتخابات بحزب رفض استخدامنا للقواعد التركية، أثناء الحرب في العراق، وهو القرار الذي جاء بمثابة اللطمة لأحد حلفاء الناتو وأحد الأصدقاء القدامى دائمي التبرع والمساعدة للأتراك. والعائدون لأميركا من زيارات لتركيا اليوم يتحدثون عن امتعاض وكره واضحين لأميركا في الشارع التركي. \r\n \r\n \r\n عندما نفكر نحن الأميركيين في الثورة فإننا نفكر في روح ثورة 1776 ونفكر في تلك الجمهورية التي تمخضت عنها حرب الاستقلال التي خضناها. ولكن عندما أزيح لويس السادس عشر عن العرش في 1789 جاءت لنا تلك الثورة بالمقاصل والإرهاب وحروب نابليون فعندما يرحل الملك لا تتوافر دائما الديمقراطية. \r\n \r\n \r\n الأمر الخطير في الثورات هو شخصية الرجال الذين يصفون تلك الثورات فعندما تنحى قيصر روسيا عن العرش جاء إلى السلطة شخص اشتراكي ديمقراطي، ولكن سرعان ما أقصى الكسندر كيرنسكي الضعيف من قصر الشتاء على يد البلاشفة، وبعد الحرب العالمية الثانية قامت الثورتان الصينية والكوبية على نمط الثورة الروسية. وكذلك اندلعت ثورة بول بوت في كمبوديا التي وقعت نتيجة تدخل أميركي سابق في شؤون البلاد هناك. \r\n \r\n \r\n وفي الشرق الأوسط لا تنتهي الثورات والحركات المسلحة بالشكل الذي تكون عليه نهايات أفلام هوليوود. ففي 1952 تم طرد الملك فاروق من مصر عن طريق تحرك عسكري قاد من خلاله عبد الناصر البلاد. في 1958 تم عزل الملك فيصل في العراق وسحلت جثته في شوارع بغداد. \r\n \r\n \r\n ونهض بعد ذلك صدام من تحت الركام، وفي 1968 عزل الملك إدريس السنوسي في ليبيا وجاء مكانه القذافي. وفي 1974 عزل الإمبراطور الأثيوبي هيلا سلاسي وحل محله الكولونيل منجستو، وكان نتيجة ذلك أن قتل مليون شخص في ذلك البلد الأفريقي. \r\n \r\n \r\n ان هذا التاريخ هو ما يجعل المرء يسخر من تهور هؤلاء المحافظين الجدد الذين ينظرون إلى ما حدث في فلسطين والعراق ولبنان على انه تبرئه لساحتهم، وعلى انه مؤشر على ان مياه اثنين أو ثلاثة أو اكثر من «ينابيع براغ» آخذة في إغراق العالم الإسلامي. \r\n \r\n \r\n هل يمكن ان يكون هؤلاء على صواب؟ إذا كانوا كذلك فإن الرئيس بوش سينظر له التاريخ على انه شخص معهم من طراز ريغان، استطاع ان يغوص في أعماق الروح الإسلامية بشكل أكبر من منتقديها، وأدرك ان غزو العراق سوف يطلق العنان لقوة الحرية، وليس للقوة الشريرة للثورة الإسلامية. \r\n \r\n \r\n بيد ان جميع الثورات تأخذ الطابع الوطني، فحتى الثورة الأميركية حولت حياة هؤلاء الموالين لبريطانيا الذين لم يهربوا من الأراضي الأميركية حولت حياتهم إلى جحيم، تقريبا كل الثورات تطالب بطرد القوات الأجنبية. ربما يرحل الجيش السوري من لبنان، ولكن ذلك يمهد الطريق نحو طلب مماثل بأن يغادر الجيش الأميركي العراق ويرحل الإسرائيليون من هضبة الجولان ومن الضفة الغربية. \r\n \r\n \r\n يقول رالف والدو امرسون: «الظروف هي التي تمتطي صهوة الجواد وتقود الجنس البشري». لقد اطلق جورج بوش طواحين الهواء بغزوه للعراق، وبإقامته لانتخابات يناير هناك، لقد تشجعت القوى الديمقراطية نتيجة لذلك وخرجت كذلك القوى المعادية للديمقراطية من قماقمها. \r\n \r\n \r\n نحن الأميركيين، الذين لا يرغب أحد في وجودهم نتحول الان إلى مشاهدين لنتيجة انزلاق ارض نحن الذين بدأناه عندما عبرنا حدود الكويت واتجهنا إلى بغداد. \r\n \r\n \r\n