وفي الوقت الذي تقوم فيه آخر وزيرة خارجية أمريكية، كونداليزا رايس، بزيارة للشرق الأوسط فإن كلام بيكر المازح يكتسب معنى جدياً، فالفرص موجودة لكن هناك أيضاً تحديات هائلة. \r\n \r\n قبل أن تفكر إدارة بوش بإيجاد أسلوب للتعامل مع الشرق الأوسط، قد يكون من الأفضل لها أن تراجع قائمة الممنوع والمسموح في عملية السلام العربية الإسرائيلية الأخيرة. فيما يلي خمس نقاط تستحق النظر: \r\n \r\n 1- إيلاء هذه القضية الأولوية: الصراع العربي الإسرائيلي ليس عملاً ينجز في عطلة نهاية الأسبوع، وإنما يتطلب جهوداً يومية تبذل على أعلى المستويات. مشاركة الرئيس في هذه الجهود أمر ضروري لكن من الأفضل تقنين هذه المشاركة وتوفيرها للحالات الطارئة. وبدلاً من ذلك يجب أن يكون وزير الخارجية أو المبعوث الخاص مستعداً للالتزام بهذه القضية بشكل مستمر. هنري كيسنجر أمضى أكثر من شهر في رحلات مكوكية حتى أتم اتفاقية وقف إطلاق النار بين سوريا وإسرائيل عام 1974، وبيكر قام بتسع رحلات إلى الشرق الأوسط حتى أطلق عملية مدريد للسلام. بدون مثل هذا الالتزام لن يأخذ لا العرب ولا الإسرائيليون أمريكا بجدية. \r\n \r\n 2- عدم تجاهل السلوك السيئ: خلال إدارة كلينتون لم تكن أمريكا صارمة بما فيه الكفاية بحيث تحمل الفلسطينيين على نبذ العنف والإرهاب والتحريض عليه، ولا كانت صارمة مع الإسرائيليين بحيث تجعلهم يوقفون توسيع المستوطنات. والتقصير في كلا الجانبين أدى إلى تسميم الأجواء وتقليص الدعم الشعبي وتضييق نطاق التوقعات التي ينتظرها كل طرف من الآخر. أما إدارة بوش فهي لا تتسامح مع الإرهاب أو التحريض عليه، وعليها أيضاً أن تضغط على الإسرائيليين لكي يوقفوا نشاط الاستيطان ومصادرة الأراضي، خاصة فيما يتعلق ببناء الجدار الفاصل. إن تجاهل مثل هذه السلوكيات السيئة سوف يجعل من المستحيل أن تنجح المحادثات فيما بعد. \r\n \r\n 3- يجب على الولاياتالمتحدة أن تتحكم بسياستها بنفسها: في مرات كثيرة كانت الولاياتالمتحدة تسمح للآخرين بأن يمارسوا تأثيرهم على تكتيكها واستراتيجيتها. وكان هذا واضحاً في عامي 1999 و2000 عندما أذعنت الولاياتالمتحدة بكل سهولة لاستراتيجية إيهود باراك السيئة الوضع والتي كانت تنص على أن \"سوريا أولاً\"، وأذعنت لرغبته بعقد اجتماع قمة مع الفلسطينيين في كامب ديفيد إما يتفق فيه الطرفان أو ينفصلا. يجب أن توضح أمريكا للإسرائيليين أنهم إذا كانوا يريدون الدعم الأمريكي لموقف معين يتخذونه من عملية السلام فيجب أن يكون هذا الموقف معقولاً، ويكون له فرصة واقعية للنجاح، ويأخذ بالاعتبار الحاجات الإسرائيلية كما الأمريكية. \r\n \r\n 4- يجب الحذر من الاتفاقات المؤقتة واجتماعات القمة العالية المخاطرة: بعد انهيار محادثات أوسلو لم يعد من المفاجئ أن يصر الكثيرون على العودة سريعاً إلى محاولة إيجاد اتفاق نهائي باعتباره الطريقة الوحيدة لتحقيق تقدم. انسوا الأمر، لأن أياً من الطرفين ليس مستعداً أو حتى قادراً حالياً على اتخاذ القرار اللازم للتوصل لاتفاق نهائي حول قضايا القدس، اللاجئين أو الحدود. كذلك فإن أمريكا لا تتحمل مزيداً من الفشل في محاولة أخرى لعقد اجتماع قمة على أعلى مستوى. في الوقت نفسه نحن لا نستطيع العودة ببساطة إلى أسلوب الحلول المؤقتة الذي يضيع فيه تصور الحل النهائي. لكن هناك طريقة لتربيع الدائرة: في الوقت الحالي يجب على أمريكا أن تدعم انسحاباً إسرائيلياً شاملاً من غزة، وأن تحث الطرفين على استكشاف بهدوء ما يمكن تحقيقه بالنسبة للضفة الغربية. وحتى تضمن عدم ضياع الحل النهائي يجب على أمريكا أن تضع المعايير الواسعة التي يمكن أن تقود المفاوضات للتركيز على القضايا الأساسية. مثل هذا الأسلوب لن يجبر أياً من الطرفين على التفاوض عندما لا يكونان مستعدين، لكنه سيساعد على استعادة الأمل بأن التوصل إلى تسوية نهائية ليس فقط أمراً مرغوباً وإنما ممكناً أيضاً. \r\n \r\n 5- كن حاسماً وصارماً: الشخصيات الأمريكية الثلاثة التي كان لها أكبر مساهمة في عملية السلام في الشرق الأوسط، وهي كيسنجر، الرئيس جيمي كارتر وجيمس بيكر، كانت كلها تجمع بين الصرامة والإيمان وبين المعرفة الدقيقة للوقت الذي يجب أن تتدخل فيه. يجب على أمريكا أن تفهم حاجات ومخاوف كل طرف وتتخلى عن فكرة فرض الاتفاق عليهما. المفاوضات الناجحة تعني جعل العرب والإسرائيليين يسيرون معاً إلى أبعد مما كانوا يتصورون، وهذه العملية قد تكون مؤلمة لكنها أساسية لنجاح المفاوضات. \r\n \r\n \r\n \r\n إن تطبيق هذه الدروس وحدها لن يضمن النجاح. لكن السلام بين العرب والإسرائيليين هو أحد المصالح الأمريكية الهامة وهو يستحق بذل هذه الجهود لأجله. وإذا تحلت أمريكا بالإصرار والتصميم فيمكن أن يكون عام 2005 ليس فقط نقطة انعطاف بالنسبة للسلام العربي الإسرائيلي وإنما أيضاً فرصة لإثبات أن كلام جيمس بيكر خاطئ. \r\n \r\n \r\n \r\n إنترناشيونال هيرالد تريبيون * \r\n \r\n \r\n \r\n *آرون ديفيد ميلر: مستشار الشؤون العربية – الإسرائيلية لستة من وزراء الخارجية الأمريكيين. \r\n \r\n \r\n