الشيء اللافت للنظر ان مجلس الشيوخ دأب على الموافقة على تعيينات نغروبونتي المختلفة برغم الشهادة بأنه خلال حقبة الثمانينات عندما كان سفيرا لدى هندوراس ثم عضوا بمجلس الامن القومي قام بتضليل الكونغرس بشأن فرقة الموت وعمليات تجارة المخدرات للجيش الهندوراسي وجبهة الكونترا في نيكاراغوا. كما غض مجلس الشيوخ الطرف ايضا عن دوره في تضليل اعضاء مجلس الامن القومي بشأن روابط العراق المزعومة بإرهابيي القاعدة وبرنامج التسلح العراقي. \r\n بالاضافة الى ما سبق ، وباعتباره المسئول الاميركي الاول في العراق خلال العام الماضي ، تجاهل الرجل انتهاكات حقوق الانسان وفضائح الشركات لدرجة انه ساهم بدلا من ذلك في التعمية بأن الاحتلال العسكري الاميركي يقوم بعمله كما هو مخطط له. \r\n فإذا تمت المصادقة للمرة الثالثة على تعيينه في منصب عال في ادارة بوش سيواصل نغروبونتي بالتأكيد عملية خداع الرأي العام الاميركي والكونغرس - كما فعل ذلك مرارا منذ ايامه كمسئول بالسفارة الاميركية في العاصمة الفيتنامية سايغون اواخر الستينات من القرن الماضي. \r\n ان ترشيح نغروبونتي يؤشر على نهاية الدور المهيمن ل(السي اي ايه) بين وكالات الاستخبارات البالغ عددها 15 وكالة حكومية. وقد سبق الترشيح تعيين بورتر غوس ، الرئيس السابق للجنة الاستخبارات بمجلس النواب والحليف القديم لنائب الرئيس ديك تشيني ، رئيسا ل(السي اي ايه) وتوجيه الاصلاح بها. وكنتيجة لقانون اصلاح الاستخبارات ومنع الارهاب الذي مرره الكونغرس اواخر عام 2004 ، فإن المكتب الجديد لمدير الاستخبارات الوطنية الذي يضم نحو 500 عامل سوف يراقب ميزانيات كل وكالاتنا الاستخبارية. \r\n منذ اكثر من خمسة عقود يتهم الصقور ومنظرو الجناح اليميني جهاز الاستخبارات الاميركي بقيادة ال(سي اي ايه) بالتقليل من قدر تهديدات الامن القومي التي كان يمثلها الاتحاد السوفيتي والصين والدول المارقة كالعراق وايران وكوبا وكوريا الشمالية وليبيا وسوريا. \r\n وطوال الحرب الباردة وصولا الى حقبة التسعينات وفترة ادارة بوش الاولى كان اصحاب النظرة العسكرية والمنظرون يشتكون من ان ال(سي اي ايه) ووكالات الاستخبارات الاخرى مع وزارة الخارجية عبارة عن مكاتب بيروقراطية تعج على نحو متنوع بالليبراليين والشيوعيين وذوي الميول الاشتراكية واصحاب النزعة الدولية المناهضة لاميركا والمؤيدين للعرب. \r\n طبقا لهؤلاء الصقور ، فإن ال(سي اي ايه) ومعاقل الليبراليين الاخرى في الدوائر الحكومية حرفوا تقييماتهم لتهديدات الاعداء الحقيقيين والمحتملين. وهم يرون ان هدف الاستخبارات ليس الحقيقة بل النصر. وما يعتبره كبار مسئولي الادارة حاليا وكبار الجمهوريين في الكونغرس استخبارات جيدة هو ما يطلق عليه صقور الاستخبارات وصف (الاستخبارات الاستراتيجية). \r\n منذ منتصف الستينات من القرن الماضي ، تنقل نغروبونتي في انحاء العالم يؤدي ما يطلب منه لتعزيز ما حددته الادارات الاميركية المتعاقبة بالمصالح الاقتصادية الاميركية والامن القومي - بما في ذلك القيام بأدوار متنوعة كمستشار للحكومة الاميركية اللعبة في فيتنام الجنوبية ومشرفا على استغلال ادارة ريغان لهندوراس كمركز لوجيستي للحملات المناوئة للحركات المسلحة في اميركا الوسطى وادارة العلاقات مع اعضاء مجلس الامن خلال فترة التحضير لغزو العراق. \r\n هذا ما دعا ميلفين غودمان ، المسئول السابق بال(سي اي ايه) ، الى التحذير من ان نغروبونتي يتسم بصرامة كافية ، متسائلا: هل هو مستقل بدرجة كافية ؟ وإشارة الى تاريخه الطويل في التغطية على انتهاكات حقوق الانسان في هندوراس ، قال غودمان: اعتقد ان دور الاستخبارات قول الحقيقة لاصحاب السلطة ومن ثم فإن تعيين نغروبونتي غير مناسب. \r\n باعتباره ممارسا للاستخبارات الاستراتيجية ، ركز نغروبونتي طوال العقود الاربعة الماضية تحقيق النصر وليس الحقيقة. وكما فعل الصقور الاخرون ، يلقي نغروبونتي بلائمة هزيمة فيتنام الجنوبية على الليبراليين والمعتدلين في واشنطن وليس على اي فكرة مضللة للامن القومي الاميركي او خداع الذات من جانب حزب الحرب في واشنطن في ذلك الوقت. \r\n ولا ريب ان نغروبونتي رعى عددا كبيرا من الانتصارات قصيرة الاجل مثل خداع العالم بشأن روابط العراق المزعومة بالارهاب واسلحة الدمار الشامل وقمع العصابات اليسارية والحكومات الشعبية في اميركا الوسطى خلال فترة الثمانينات من القرن الماضي وتطبيق اتفاقية النافتا ومعاهدة (اجماع واشنطن) بالمكسيك. \r\n على ان هذه الانتصارات قصيرة الاجل في احسن الاحوال. واي استخبارات تستأهل هذا الاسم تفضل وصف تاريخ نغروبونتي في تمثيل المصالح الاميركية بسلسلة من التحولات الخاطئة والاخفاقات والتصادمات المميتة. \r\n واذا كان الاميركيون يريدون استخبارات جيدة ، وليس استخبارات يتم التلاعب فيها او وصفها بالاستراتيجية ، فإن نغروبونتي هو الاختيار الخطأ لقيادة جهاز استخباراتي وطني بعد اصلاحه. \r\n \r\n توم باري \r\n مؤسس معهد فورين بوليسي ان فوكس بواشنطن. \r\n خدمة كيه ار تي - خاص ب(الوطن) \r\n \r\n \r\n