\r\n لم اكن اتخيل انني كنت سأقضي الشهور القليلة الاولى لي في المنصب متجادلا مع نظرائي وزراء الخارجية حول مقدار غير كبير او مهم نسبيا من المال. ولكن هذا بالضبط ما حدث. ان منظمة الامن والتعاون في اوروبا تواجه شللا في غضون شهور لاننا كنا غير قادرين على الموافقة على ميزانية عام 2005 او على مدى مساهمة كل دولة في المستقبل. والمبالغ التي حولها النقاش هي مبالغ صغيرة نسبيا فقد كانت ميزانية منظمة الامن والتعاون في اوروبا هي 180 مليون يورو (أي 238 مليون دولار) في العام الماضي اي حوالي 4% من الميزانية السنوية لواشنطن العاصمة.\r\n وبطبيعة الحال فان النزاع على الميزانية يخفي وراءه اختلافات سياسية تتخطى المنظمة فالاتحاد الروسي وبعض اعضاء كومنولث الدول المستقلة يدفعون بأن المنظمة تستخدم معايير مزدوجة وبأن الطريقة التي تراقب بها الانتخابات معيبة وبأن كثيرا جدا من الاهتمام يركز على حقوق الانسان ولا يركز ما يكفي من اهتمام على الامن .\r\n وفي الجانب الاخر تبدو الولاياتالمتحدة والاتحاد الاوروبي مقتنعين عموما بالتركيز على البعد الانساني : أي دعم حقوق الانسان الاساسية ومراقبة الانتخابات وهما نادرا ما يجلبان مسائل سياسية عسكرية مهمة الى مائدة المفاوضات .\r\n إنني اشعر بتصلب في الاتجاهات والمواقف لدى كل الاطراف وأسمع خطابية تذكرنا على نحو غير مريح بالحرب الباردة واذا استمر المأزق والطريق المسدود فإن مصداقية منظمة الامن والتعاون في اوروبا وبقاءها سيكونان محل خطر .\r\n ان الدول التي في مرحلة تحول تحتاج بشدة الى الخبرة التي يمكن ان توفرها منظمة الامن والتعاون في اوروبا فيما يتعلق بتدريب قوات الشرطة وكل الدول تريد ان تدعم قدرتها على مكافحة ومحاربة الارهاب والمنظمة تساعد في جلب وحشد الخبراء في مجال حماية المطارات من الصواريخ التي تحمل وتطلق من على الكتف وكذلك في مجال جعل جوازات السفر أكثر صعوبة على الارهابيين في تزويرها. وكل منا يواجه ويلات تهريب البشر والاتجار فيهم والجريمة المنظمة وعدم التسامح الديني والعنصري .\r\n غير ان كثيرا من الدول الاعضاء في منظمة الامن والتعاون في اوروبا يبدو انها تنظر الى فقدان المنظمة للتأثير والنفوذ بلا مبالاة فرؤساء دولنا لم يقعدوا قمة منذ عام 1999. ولذا ما الذي يمكن ان يتم فعله؟ اولا يجب ان توقف روسيا اعتراض سبيل الميزانية وأن تنخرط بشكل بناء في محاولة تحريك ونقل المنظمة اكثر في الاتجاه الذي تريده بالتفاوض. كما يجب ان تلعب دورا اكثر فعالية في عمل المنظمة بارسال مزيد من الروس الى البعثات والمهام الميدانية وتوفير مزيد من مراقبي الانتخابات وتقديم مزيد من المرشحين ذوي المستوى العالي للوظائف العليا في المنظمة .\r\n ثانيا : على الولاياتالمتحدة والاتحاد الاوروبي ان يأخذا ما يقلق ويهم روسيا مأخذ الجد وعليهما تجنب مناصرة ومحاباة شركائهما والاعتراف بأنه ليس كل الدول الغربية هي ديمقراطيات كاملة ذات سجلات في حقوق الانسان لا تشوبها شائبة! وعليهما تكريس مزيد من الاهتمام بالبعد السياسي - العسكري للامن بدون اضعاف التزامات المنظمة بحقوق الانسان ووقف معاملة المنظمة على انها اقل من منظمة اهلية .\r\n ثالثا : ينبغي على دول منظمة الامن والتعاون في اوروبا ان تكرس اهتماما سياسيا عالي المستوى بالمنظمة وأن تستخدمها بوصفها اداة امنية فعالة كما كانت وقد انشئت من اجله فالخدمة غير المخلصة لم تعد كافية .\r\n ديمتري روبل \r\n وزير خارجية سلوفانيا والرئيس الحالي لمنظمة الامن والتعاون في اوروبا .. وهذه المقالة تعكس وجهات نظره وآراءه الشخصية .\r\n خدمة واشنطن بوست - خاص ب(الوطن )