نجا رود من ذلك الرعب ولكنه لم يتمكن من النجاة في العراق حيث قتل في معارك الفلوجة في 11 ديسمبر‚ \r\n \r\n من يتوجب عليه الذهاب لأداء الخدمة العسكرية في العراق لا يذهب بحماس كما يقال لنا بل هو مضطر لدعم وجود القوات الأميركية هناك التي تخوض القتال وتعاني وتموت‚ \r\n \r\n كان رود في العراق للمرة الثانية بسبب النقص الحاد في اعداد القوات الأميركية‚ فقوات أميركية كثيرة تخدم عدة مرات في مناطق الحرب وبعضهم تمدد فترة خدمته على أساس غير تطوعي‚ والقوات التي تقترب نهاية فترة خدمتها في العراق غالبا ما تتعرض لهجمات غير متوقعة تكون نتيجتها منع عودتها الى الوطن‚ \r\n \r\n يقول بول ريكوف الذي سبق ان قاد سرية خلال خدمته في العراق «لم أر في حياتي الكثير من الرجال الذين يبكون بحرقة مثلما رأيت الجنود الأميركيين في العراق‚ الجنود مستعدون لفعل اي شيء يطلب منهم ولكن عندما تقول لهم ان خط النهاية يكون هنا ثم تعود لتحريكه كلما اقتربوا منه يجعلهم يشعرون باليأس‚ ان هذا يؤثر سلبيا للغاية على معنوياتهم»‚ \r\n \r\n أميركا ليس لديها ما يكفي من الجنود لانها تقاتل حربا رخيصة‚ فلقد رفضت إدارة بوش تمديد الخدمة العسكرية التطوعية كما انه ليس هناك دعم عام لفكرة اعادة العمل بالتجنيد الاجباري‚ \r\n \r\n وعليه فإن نفس القوات التي تغادر العراق سرعان ما تعود اليه تماما كسياسة البابا الدوار‚ مما يرفع بصورة طبيعية من فرص قتلهم او جرحهم‚ \r\n \r\n التداعيات آنية‚ فلقد كشف جيش الحرس الوطني الأميركي قبل أيام انه فشل في تحقيق اهداف التجنيد خلال الشهرين الماضيين بنسبة 30%‚ وقبلها بعدة أيام أعلن قائد جيش الاحتياط الجنرال جيمس هيلمي ان التجنيد لديه في تراجع وإذا لم يتم التعامل بسرعة مع هذه الظاهرة فإنه قد يؤدي الى تجديد النقاش بشأن اعادة فرض التجنيد الالزامي‚ \r\n \r\n إدارة بوش التي تطلب الكثير من القوات المسلحة اقامت نمطا سيئا للتعامل مع الجيش وكان آخر ما صدر عن وزير الدفاع رامسفيلد عندما ابلغ بأن هناك نقصا في المدرعات في العراق قال انه يتوجب على الجنود ان يقاتلوا بما يتوافر لديهم من أسلحة‚ \r\n \r\n وفي الوقت الذي تمضي فيه الحرب بصورة سيئة فإن معدل البؤس للجنود والمجندات الذين يخدمون هناك يرتفع المرة تلو الأخرى‚ فهناك أكثر من 1300 جندي أميركي قتلوا حتى الآن‚ وآلاف الجنود يعودون للوطن وهم جرحى الجسد وجرحى الروح‚ والأطباء المتخصصون بدأوا بالحديث عن امكانية عودة عشرات الآلاف من الجنود من العراق وهم يعانون من مشاكل نفسية وعقلية خطيرة سببها الضغوط ومجازر الحرب‚ \r\n \r\n حتى نهاية سبتمبر أعيد 900 جندي أميركي الى بلادهم من العراق لأسباب مرضية نفسية وتتضمن قيام بعضهم بمحاولة الانتحار او التهديد به‚ ويقول الدكتور ستيفن جوزيف الذي شغل منصب الوكيل المساعد لوزير الدفاع للشؤون الصحية خلال الفترة من 1994 الى 1997 «لدي احساس قوي جدا بأن نتائج الصحة العقلية ستكون القصة الطبية لهذه الحرب»‚ \r\n \r\n ويقدر بعض الخبراء انه وبمجرد ان تنتهي الحرب في أفغانستان والعراق فإن الجنود الذين سيحتاجون معالجة صحية عقلية سيتجاوز عددهم المائة الف‚ \r\n \r\n منذ المراحل الأولى للتخطيط للحرب في العراق فإن هذه الحرب كانت مثالا تراجيديا على عدم الكفاءة الرسمية‚ فالأساس الذي تم خوض الحرب بناء عليه كان خاطئا وكانت الاستخبارات خاطئة وكانت التقديرات الخاصة بالجنود خاطئة وكان تقدير صقور الحرب لرد فعل الشعب العراقي خاطئا‚ وهكذا دواليك‚ \r\n \r\n ان جنودنا يستحقون معاملة افضل من تلك المعاملة غير المنصفة التي تلقوها حتى الآن من اعلى المسؤولين في السلطة‚ \r\n \r\n إن الهجوم الذي شن على القاعدة العسكرية الأميركية في شمال العراق والذي ادى الى مقتل وجرح حوالي 100 شخص وجه لطمة شديدة لآمال إدارة بوش في اظهار ما قالت عنه انه تقدم نحو الاستقرار في ذلك البلد‚ ولا يخفى على احد ان هذه الحرب القذرة لا تزال تخلق الكثير من المشاكل للرئيس بوش الذي يستعد قريبا لبدء فترة رئاسته الثانية‚ \r\n \r\n وبالرغم من الانتقادات الشديدة التي وجهت لسياسته في العراق خلال الحملة الانتخابية الرئاسية فإن الرئيس بوش يتجه لبدء اربع سنوات في البيت الأبيض وهو يواجه رأيا عاما بدأ قلقه بالتصاعد تجاه حسار الاحداث هناك ويضرب اخماسا في أسداس حول الجهة التي يوجد بها المخرج‚ \r\n \r\n وفي الوقت الذي يستعد لأداء اليمين لبدء فترة رئاسته الثانية والتركيز بعدها على اجندته المحلية فانه يواجه مخاطر ان يجد رئاسته وقد استهلكت من قبل العراق لعام كامل على الأقل ما سيعوق تقدمه باتجاه حل الكثير من القضايا التي تهم الشارع الأميركي مثل الضمان الاجتماعي‚ \r\n \r\n في نفس الوقت يواجه بوش اسئلة جوهرية حول الاستراتيجية التي يتبعها لنشر الاستقرار في العراق‚ والسؤال الذي يطرح نفسه هنا هو: كيف يمكن للولايات المتحدة بمساعدة قوات الأمن العراقية ذات الأداء الضعيف ان توفر السلامة للعراقيين الذين سيطلب منهم الذهاب الى صناديق الاقتراع في 30 يناير في الوقت الذي لا تستطيع ان توفر الأمن لجنودها في قواعدهم العسكرية؟ \r\n \r\n وهناك سؤال آخر لا يقل أهمية وهو: ألا يستحق الرئيس بوش ووزير دفاعه رامسفيلد توجيه الانتقادات اليهما لانهما فشلا في توفير كل شيء تحتاجه القوات الأميركية لخوض هذه الحرب المتواصلة ضد عدو قادر على تطوير نفسه باستمرار؟ هذا الوضع ترك البيت الأبيض ليرسل رسالتين متناقضتين الى حد ما‚ \r\n \r\n الرسالة الأولى: هي انه لا يجب على أي شخص ان يتوقع تراجع العنف في العراق بعد الجولة الأولى من الانتخابات التي ستجرى في 30 يناير او ان الولاياتالمتحدة ستبدأ باعادة قواتها الى بلادها في العام القادم‚ \r\n \r\n الرسالة الثانية: هي ان هناك تقدما في العراق وان المقاومة سوف تخمد وبالتالي فانه ليس هناك داع لتغيير الطريق الذي نسلكه حاليا‚ \r\n \r\n وعندما زار بوش بعض الجنود الجرحى في المركز الطبي في وولتر ريد قال «انني واثق من ان الديمقراطية ستسود في العراق» ولكنه اردف قائلا «انه وقت للأسى والحزن»‚ \r\n \r\n وذكر كويسي مفيوم احد المقربين من الرئيس بوش الذي التقاه في المكتب البيضاوي ان الرئيس «ملتاع» للذي جرى في العراق بسبب هذا العدد الكبير من الخسائر في الأرواح‚ \r\n \r\n لعام كامل والإدارة الأميركية تقول ان العراق سيتحرك بصورة أقرب الى الاستقرار وان الألف ميل تبدأ خطوة واحدة‚ فالخطوة الأولى كانت الامساك بصدام والخطوة الثانية تسليم السيادة للعراقيين ثم تعيين حكومة مؤقتة ثم نشر قوات الأمن العراقية ثم اجراء الجولة الأولى من الانتخابات ليتبعها اقامة مجلس دستوري‚ \r\n \r\n والذي يدخل الهم والغم للنفس ان كل هذه الخطوات انجزت دون حدوث تحسن محسوس في الوضع الأمني‚ \r\n \r\n بعض المحللين يعربون الآن عن قلقهم من أن الانتخابات ستجعل الوضع السياسي في العراق يميل الى عدم الاستقرار بسبب تهميش السنة‚ \r\n \r\n ويقول هؤلاء المحللون ان الأقلية السنية ستشعر بالغبن تجاه النجاح الذي ستحققه الغالبية الشيعية وهذا لن يزيد العنف ضد الأميركيين والعراقيين العاملين معهم بل سيشمل أيضا الغالبية الشيعية مما سيثير المشاعر الطائفية ويمهد الطريق لحرب أهلية تأكل الأخضر واليابس‚ \r\n \r\n الداعمون للرئيس بوش يقولون ان الصعاب في العراق لن تؤثر كثيرا عليه‚ ويقول ديفيد فروم كاتب الخطابات السابق لبوش «فيما يتعلق بالعراق فإننا نعلم ان الأميركيين يشعرون بالقلق تجاه ما يجري هناك ولكنهم في نفس الوقت دعموا بوش في موقفه مما يجري»‚ \r\n \r\n لشهور عديدة اظهرت استطلاعت للرأي ان معظم الأميركيين او نقل غالبيتهم يعتقدون ان غزو العراق خطأ وانه لا يساوي التكلفة التي تدفع بالأرواح او المال الذي ينفق على تمويل الحرب ما انه لا يساوي الضرر الذي لحق بسمعة الولاياتالمتحدة وقيمها في الخارج‚ وهذا صحيح‚ \r\n