\r\n وقبل يومين تقريبا من معركة الفلوجة كانت وحدات قوة الاستطلاع الخاصة في قوات المارينز قد تسربت الى الجزء الشمالي من المدينة، وقد اتخذوا مواقع اختفاء وصاغوا ميدان المعركة اللاحقة، محددين مواقع رجال حرب العصابات من أجل دكها بالقصف الذي يسبق الغزو. \r\n وكانت «صياغة المعركة» تعني «جعل العدو يقوم بما تريد أن يقوم به»، وفقا لما قاله الرقيب في المارينز ايد ماكديرموت، 35 عاما، من قوة الاستطلاع. وأضاف «انك تسقط القنابل عليه وتجعله ينسحب وتخضعه الى نيران مباشرة وغير مباشرة وتقطع عنه خطوط الامداد». \r\n ان القصة المعروفة عن معركة الفلوجة هي هيمنة 12 الفا من القوات الأميركية والقوات العراقية على جيش متمردين عنيد ولكنه يتميز بقلة السلاح والرجال. \r\n اما بالنسبة للسكان، فان الجيش الأميركي يعد خططا اخرى تستهدف بالدرجة الرئيسية ابعاد المتمردين عن استعادة السيطرة على هذه المدينة. وفي اطار هذه الخطط يتوقع ان يجد العائدون أن الاجراءات تجعل الفلوجة تبدو أكثر شبها بدولة بوليسية منها بالديمقراطية التي وعدوا بها. \r\n وفي اطار هذه الخطط فان القوات ستمرر أهالي الفلوجة عبر ما يسمى بمراكز التعامل مع المواطنين في ضواحي المدينة من أجل جمع المعلومات عن هوياتهم من خلال اختبارات الحامض النووي (دي إن إيه) وتصوير شبكية العين. وسيتسلم السكان شارات تحمل عناوين بيوتهم ويجب عليهم ارتداؤها طيلة الوقت، وستنقلهم الباصات الى المدينة حيث سيجري حظر السيارات التي هي وسيلة التفجيرات الانتحارية. \r\n ويقوم قادة المارينز الذين يعملون في بنايات خالية دمرتها الحرب في وسط المدينة، بصياغة تفاصيل مهمتهم المثيرة للمفارقة: اعادة السكان البالغ عددهم 300 ألف الى المدينة في وقت يتناسب مع موعد انتخابات يناير (كانون الثاني) المقبل، بدون السماح للمتمردين، على الرغم من أن كثيرا من أهالي الفلوجة كانوا بين المقاتلين الذي سيطروا على المدينة الى ان اخرجهم الهجوم منها في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، وتعاون كثيرون آخرون مع المقاتلين عن قناعة أو عن خوف. \r\n ومن بين الأفكار التي اثارت جدلا بين ضباط المارينز الطلب من جميع الرجال العمل مقابل أجر في كتائب شبه عسكرية. واعتمادا على مهاراتهم فانهم سيكلفون بوظائف في مجال البناء وأعمال المياه وازالة الركام. \r\n وقال الكولونيل ديف بيلون، ضابط الاستخبارات في الفوج الأول القتالي، وهو فوج المارينز الذي استولى على النصف الغربي من الفلوجة خلال الهجوم الأميركي، ويتوقع أن يبقى في وسط المدينة لفترة معينة «عليك أن تقول: هذه هي القواعد، وأنت راسخ وعادل. ان ذلك يعكس الاستقرار». \r\n وأكد بيلون، في تصريحات نقلتها صحيفة «بوسطن غلوب»، ان المحاولات السابقة لكسب ثقة العراقيين المتشككين في النيات الأميركية قد عكست الضعف من خلال السؤال «ما هي حاجاتكم؟ ما هي حاجاتكم العاطفية؟ انهم يريدون ان يحددوا من هي العشيرة المهيمنة ويقولون: نحن معكم. نحتاج أن نكون العشيرة المهيمنة المحبة للخير». \r\n ولم يسمع معظم أهالي الفلوجة بخطط الاميركيين، ولكن بالنسبة لبعض الناس في مدينة قاومت منذ زمن بعيد الاحتلال، فان أي وجود للأميركيين والقيود التي يفرضونها يبدو مصدر تهديد لأهالي المدينة. وأعلن القادة الأميركيون والعراقيون عن عزمهم جعل الفلوجة مدينة نموذجية، يسودها الأمن الذي لم يستطيعوا فرضه في أماكن أخرى. \r\n ولتفادي الاستعجال الذي أدى إلى فشلهم بعد غزو العراق يفكر هؤلاء القادة في استخدام العنف الذي نصت عليه قوانين الطوارئ، حتى لا يكون هناك أي احتمال لعودة الفوضى والتمرد. وقال بعض المسؤولين العسكريين الأميركيين إن مشاركة القادة العراقيين في استقرار الأمور في الفلوجة كانت أقل مما كانوا يتوقعون. وأضافوا أن تحقيق الأمن يقع بصورة كبيرة على عاتق هؤلاء القادة. وقال بعضهم إنهم كانوا يتوقعون أن يتقدم علاوي إلى قلب الفلوجة على ظهر بلدوزر، ولكنه لم يذهب أبعد من موضع القاعدة الأميركية خارج المدينة. بينما يجد آخرون ان الحكومة تعوزها الخبرة وتقعد بها بالتالي عن الوفاء بما تتطلبه المواقف الصعبة. \r\n ويقول المسؤولون الأميركيون إن وزارة الداخلية العراقية لم توفر قوة الشرطة المكونة من 1200 فرد التي وعدت بها، إلا أن وزارة الدفاع قدمت قوات في الموعد المحدد، ومع أن بعض مسؤولي الوزارة قد زاروا المدينة إلا أن الوفود لم تظهر، ربما خوفا من القتال الذي ما يزال دائرا. \r\n وفي هذا الإطار فإن عودة السكان الفارين إلى المدينة من جديد ربما يجعل العمل صعبا بعض الشيء. ولكن إذا كان مقدرا لأهل الفلوجة أن يشاركوا في الانتخابات، فإن السلطات العسكرية يجب أن تسمح لهم بالعودة، قبل عدة اسابيع من الموعد المحدد، حتى يسجلوا أسماءهم في السجلات الانتخابية. وتصر الحكومة على إجراء الانتخابات في موعدها رغم العنف المنتشر. \r\n ويقول جنود المارينز إن هناك عدة مئات من المواطنين في بعض المنازل المعزولة أو بعض المساجد، وقد سمح للمواطنين في الجزء الشرقي من المدينة بالتحرك بحرية، حتى قام مواطنون يرفعون أعلاما بيضاء بإطلاق الرصاص وقتل اثنين من المارينز، وهكذا صارت الحركة مقيدة إلى أقصى الحدود. \r\n التمييز بين المواطنين والمتمردين مسألة في غاية الصعوبة، فقد شك أحد القادة العسكريين الأميركيين بأن بعض موظفي الهلال الأحمر العراقي، ربما يكونون مقاتلين. كما شك في أن امرأة من بينهم ربما تكون سورية، لأن المترجم قال إن لهجتها سورية رغم احتجاجها بأنها عراقية. \r\n \r\n * خدمة «لوس انجليس تايمز» خاص ب «الشرق الأوسط»