\r\n وبالرغم من ان الانتخابات الاوكرانية قد شوّهها فساد كبير, فان احداث هذا الاسبوع تشهد على المواطنة الفذة, ذات الارادة القوية في الكفاح, بصلابة وبطرق سلمية, من اجل حقوقها. ويبين مدى التعبئة الشعبية, التي برزت بعد الانتخابات, تأييدا لزعيم المعارضة, فيكتور بوشتشينكو, ان الاوكرانيين يريدون ديمقراطية حقيقية. \r\n \r\n فمن هو, اذا, المعارض للديمقراطية في اوكرانيا? انه الرئيس ليونيد كوتشما واتباعه, بمن فيهم خليفته الملمّع رئيس الوزراء فيكتور يانوكوفيتش, والرئيس الروسي فلاديمير بوتين, الذي دأب على دعم اكثر القوى رجعية في الدول غير الروسية, كجزء من خطة توسيع الهيمنة الروسية في المجال السوفياتي السابق, وكذلك اوروبا. \r\n \r\n المفروض في اوروبا ان تقف مع الديمقراطية وحقوق الانسان والمجتمع المدني وحكم القانون. غير ان سياسات الاتحاد الاوروبي حيال اوكرانيا توحي بان اوروبا غير مبالية بالديمقراطية- اللهم الا اذا كان دعم الديمقراطية سهلا, ويتماشى مع مصالحها الذاتية الفجّة. \r\n \r\n \r\n \r\n لقد منحت بلدان شرق اوروبا ووسطها افاق الحصول على عضوية الاتحاد الاوروبي مباشرة بعد نيل الاستقلال, ولم تمنح هذه الفرصة لاوكرانيا, وفي الواقع, فان اتفاقية الاتحاد الاوروبي, الخاصة بالعضوية والتعاون, مع اوكرانيا لا تفترض صراحة اية عضوية مستقبلية, تماما مثلما هي اتفاقيته مع روسيا, فلماذا? \r\n \r\n ان اوكرانيا دولة سلافية كما هي بولندا وسلوفاكيا وجمهورية التشيك, وهي مسيحية كما اي بلد اوروبي- وكذلك هي دولة علمانية مثل اي بلد اوروبي آخر. وسكانها حضريون ومتعلمون وذوو معرفة تقنية. اما علاقاتها التاريخية والثقافية الحضارية مع بولندا وهنغاريا والنمسا والمانيا واليونان وفرنسا فواسعة ومتعددة. \r\n \r\n اذا, ما هي المشكلة? صحيح ان اوكرانيا كانت, وما تزال, دولة في مرحلة انتقال ما بعد المرحلة »الدولة« السوفياتية, وصحيح ايضا ان سياستها ليست ديمقراطية تماما لغاية الان, واقتصادها ليس بالاقتصاد ذي التوجه الكامل نحو اقتصاد السوق. لكن هذا كان واقع الحال بالنسبة لبولندا وهنغاريا عام .1990 فان دعيتا لعضوية الاتحاد الاوروبي في ذلك الوقت, فمن المؤكد ان تدعى اوكرانيا لهذه العضوية الآن. \r\n \r\n على ان الاكثر اهمية هو ان فكرة العضوية في الاتحاد الاوروبي كانت العامل الحاسم في دفع شرق وسط اوروبا, وكذلك تركيا, على طريق الاصلاح. وما ينطبق على بولندا وتركيا ينطبق ايضا على اوكرانيا. \r\n \r\n ان عدم منح اوكرانيا هذه الامكانية, يكون الاتحاد الاوروبي قد ضرب المحاججة التي يسوقها الديمقراطيون الاوكرانيون الموالون للغرب, مثل يوشتشينكو, والتي تقول ان طريق اوكرانيا الوحيد للتطور والتنمية هو الانضمام الى اوروبا. \r\n \r\n فلماذا لا يصرّح الاوروبي وبكل بساطة, بانه يرغب في انضمام اوكرانيا, شريطة ان تفي اوكرانيا بجميع متطلبات معايير الدخول في الاتحاد طبعا? ان عقودا تفصل اوكرانيا عن تحقيق هذا الهدف, ولهذا على اوروبا ان تقلق من المساعدة المالية التي ستقدمها لبلد فقير آخر, ومن اجل استيعاب مهاجرين يتدفقون عليها في اي وقت قريب. غير ان الوصول الى الديمقراطية واقتصاد السوق وحكم القانون سيكون اسهل بصورة اكبر على اوكرانيا ان مدت اليها يد العون والمساعدة. \r\n \r\n اذا, لماذا لا يقوم الاتحاد الاوروبي بشيء بسيط وفعّال ومجاني? ان جزءا من سبب ذلك يكمن في ان العديد من البلدان الاوروبية الغربية ما زال يجهل, وبشكل مرعب, جاره المباشر, تساوي مساحته مساحة فرنسا. وجزء منه يتمثل في ان الاتحاد الاوروبي قد قبل لتوه عشرة اعضاء جددا, ويتساءل عما سيقرره بالنسبة لعضوية تركيا فيه. وفي جزئه الاخر يكمن العامل الجيوسياسي الصرف. فالدولة الاوروبية التي تخشى نفش ريش روسيا, يسعدها تسليم اوكرانيا لموسكو مقابل النية الطيبة لروسيا, ولنفطها وغازها. \r\n \r\n والسؤال الآن: اليست هذه هي السياسة المبنية على المصلحة المادية وليس على الاسس النظرية والاخلاقية »ريال بوليتك«? اليست هذه هي التضحية بالديمقراطية وحقوق الانسان وحكم القانون على مذبح المصلحة الذاتية? اليس هذا الطلاق مع كل ما يزعم الاتحاد الاوروبي انه يتبناه? \r\n \r\n ان اخفق الاتحاد الاوروبي في دعم الديمقراطية في اوكرانيا عن طريق منحها العضوية فيه, فانه بذلك يكون قد تخلى عن زعمه بانه مجموعة جديدة من الدول القائمة على قيم.0 \r\n \r\n * مؤلف كتاب معضلات الاستقلال: اوكرانيا بعد الشمولية, \r\n \r\n ومشارك في تحرير كتاب »تعاملات روسيا مع الغرب« \r\n \r\n عن صحيفة انترناشيونال هيرالد تريبيون \r\n