ولكن ماذا بشأن رئيس الوزراء اياد علاوي؟ على الرغم من أنه يقول انه عازم على اجراء الانتخابات في موعدها، فان الرجل الأعلى في الحكومة المؤقتة المدعومة من الولاياتالمتحدة متعاطف مع طلب التأجيل، والبعض يقول انه تواق الى التأجيل. \r\n وقال جابر حبيب أستاذ العلوم السياسية في جامعة بغداد، «هذه هي السياسة العراقية، وهذا مألوف في طريقة عملنا». \r\n ويؤكد الجدل الدائر حول موعد اجراء الانتخابات البرلمانية التعقيدات الاثنية والسياسية والدينية للدولة العراقية الحديثة، فلفترة تزيد على ثلاثة عقود أفلح حزب البعث، الذي كان يتزعمه صدام حسين في السيطرة على الامور عبر جهاز أمني تميز بالقسوة. وكان يفضل السنة ولا يتسامح مع أي معارض أو أي تعبير عن الكيان الذاتي الاثني والديني للجماعات العراقية المختلفة. ولكن الغزو الذي قادته الولاياتالمتحدة وأطاح نظام صدام، اتاح الفرصة للجماعات المتنوعة في العراق للتعبير عن طموحاتها التي ظلت مقموعة لفترة طويلة. \r\n ويخشى السنة العرب الذين ينظر كثير منهم الى الانتخابات باعتبارها وسيلة لانهاء هيمنتهم الرسمية في العراق، من أن العنف المتواصل سيقصي كثيرين منهم عن الاقتراع، وبالتالي يفاقم خسارتهم للسلطة، وحتى الان فان تسجيل الناخبين الذي بدأ في الأول من الشهر المنصرم في معظم أنحاء العراق، لم يبدأ بعد في محافظة الأنبار ذات الأغلبية السنية، التي تعتبر معقلا للتمرد. \r\n ويقول مراقبون كثيرون انه خلف المسايرة السنية للظروف يكمن رفض شديد من قبل البعض لقبول دولة يهيمن عليها الشيعة. \r\n ودعت أحزاب سنية رئيسية، مثل الحزب الاسلامي العراقي الى تأجيل الانتخابات لفترة ستة اشهر. أما الجماعات السنية الأخرى مثل هيئة العلماء المسلمين فتدعو الى مقاطعة الانتخابات ما دام الاحتلال يلقي بظلاله عليها. \r\n ولكن البعض يتساءلون عما اذا كان تأجيل الانتخابات سيغير من الأمر شيئا. فليس هناك، على أية حال، ضمان بأن المناطق السنية ستكون هادئة خلال فترة التأجيل او أن المتشددين المقاطعين سيقتنعون بالمشاركة. ومن وجهة نظر الشيعة فإن وقت التسوية والمساومة اصبح من الماضي. فالزعماء الشيعة ظلوا يطالبون باجراء الانتخابات منذ سقوط النظام، وتحت ضغط من الزعماء الشيعة اضطر بول بريمر، الحاكم المدني الأميركي السابق للعراق، الى قبول شهر يناير (كانون الثاني) موعدا نهائيا لاجراء الانتخابات. وقد نصت وثيقة تسليم السلطة الى المسؤولين العراقيين على موعد اجراء الانتخابات في يناير. \r\n ويقف في طليعة الداعين الى اجراء الانتخابات في موعدها آية الله العظمى علي السيستاني، أبرز رجال الدين الشيعة في البلد، وربما الشخص الأكثر تأثيرا في العراق. وقد اعتبر المشاركة في الانتخاب واجبا على كل مسلم، ورسالته واضحة وتؤكد أن لا تأجيل آخر. \r\n وقد دعا المسؤولون الأميركيون ،ابتداء من الرئيس جورج بوش، الى اجراء الانتخابات في موعدها تقديرا منهم لقدرة السيستاني على تحريك الناس في مظاهرات بكلمة منه. \r\n ولكن اذا ما امكن اقناع السيستاني بضرورة تأجيل الانتخابات فانه من المحتمل أن تذعن ادارة بوش. ومن غير الواضح ما اذا كان هناك مبعوثون يسعون الى الاتصال بالسيستاني أو مساعديه لاقناعه بدعم التأجيل. \r\n وفي غضون ذلك ظلت معرفة دور الأحزاب الكردية في الجدل الانتخابي صعبة، فعلى خلاف اللاعبين السياسيين الآخرين في العراق يتمتع الأكراد بسنوات من الخبرة وشكل من الاستقلال السياسي بل والدبلوماسية الدولية. وفي معقلهم بشمال العراق مارسوا الحكم الذاتي بحماية دولية من نظام صدام لفترة تزيد على عقد من الزمن قبل غزو العام الماضي. \r\n ويتمثل الهدفان الأساسيان للأكراد في الحفاظ على درجة كبيرة من الحكم الذاتي واقامة السيطرة الديموغرافية والسياسية على منطقة كركوك الغنية بالنفط، وهي منطقة نزاع اثني مع العرب والتركمان. \r\n وفي كلا الهدفين يبقى الأكراد، ومعظمهم من السنة، حذرين حيال الطموحات الشيعية ويخشون من انتهاء ما يتمتعون به من استقلال ذاتي. ومن ناحية أخرى فان زعماء الشيعة والسنة العرب يرتابون من الأكراد بسبب علاقاتهم الودية مع واشنطن ويبقون حذرين من المواقف الكردية المناورة بشأن السلطة. \r\n وعلى الرغم من المواقف المعلنة فان الأكراد يحتمل أن يستفيدوا من تأجيل الانتخابات. وسيوفر لهم ذلك مزيدا من الوقت لتعزيز سيطرتهم على كركوك، حيث تسهل الأحزاب الكردية عودة السكان الأكراد المهجرين اليها. \r\n وفي غضون ذلك يبدو علاوي في مأزق بين الرغبة في التأجيل، وواجبه كرئيس للحكومة المؤقتة الذي يحتم عليه الوقوف بثبات مع موعد الثلاثين من يناير المقبل. \r\n \r\n * خدمة «لوس انجليس تايمز» خاص ب«الشرق الأوسط»