وليسوا بالقليلين هم الذين يتساءلون عن الذي سيحدث في غياب رب البيت, حالة طالما تمنتها اسرائيل لكنها ربما لن تكون مدعاة اسف بالنسبة لبعض المسؤولين الفلسطينيين فكان وزير الداخلية السابق محمد دحلان قد وصل الى رام الله بعد ظهر الخميس الماضي ليقوم ,كما اعلن رسميا, بتقديم التمنيات بالشفاء العاجل لخصمه اللدود, ولكن ليسعى كذلك الى افهام رئيس الحكومة ابو علاء ووزرائه ان ليس لديه النية للبقاء خارج الوزارة, وسرت الاشاعات في المساء حول تشكيل لجنة طوارئ تكون مكلفة بتيسير كافة الامور طيلة الفترة التي سيمكثها الرئيس في باريس, ويأمل دحلان في التمكن من الرجوع والعودة لتبوؤ حقيبة الامن الداخلي وحبذا لو حصل ذلك بموافقة عرفات ضعيف منهك ويبقى موضوع الخلافة في رأس الهرم بمنظمة التحرير الفلسطينية, من المحرمات بصفة رسمية. \r\n \r\n ولكن الجميع يعلمون ان القيادة الفلسطينية كانت بحثت في الساعات الاخيرة فيما بعد عرفات وكان سؤال يقول: وما العمل, فهل من الواجب اتباع الطرق الدستورية او تلك الخاصة بالسلطات القوية نتاج المهام السياسية? ان فتح, الحركة السياسية بزعامة ياسر عرفات نفسه والتي تحظى بالاغلبية لا يساورها اي شك في ان المسار الصحيح هو ذلك السياسي. \r\n \r\n فالقانون الاساسي الفلسطيني يحدد انه في حالة مرض او موت الرئيس يتولى القيام بمهامه رئيس المجلس التشريعي التابع للسلطة الوطنية الفلسطينية وهو منصب يشغله الان روحي فتوح, الشخصية السياسية المقدرة, المحترمة, والمؤتمن, ولكنه لا يتمتع بالنفوذ والسلطة الكافيان لادارة مرحلة في غاية الدقة, كما لا يتمتع فتوح بماض ككادر متقدم في حركة فتح وهي منقصة ما زال يحسب لها الف حساب داخل البيت الفلسطيني وضمن مخططات ابو عمار, كان ابو علاء هو الشخص المناسب للاضطلاع بدور الرئيس بالانابة, ولم يكن يخطر ببال الرئيس الفلسطيني ان تعمد الولاياتالمتحدةالامريكية واسرائيل الى فرض تسمية رئيس للحكومة, المنصب الذي كان محمود عباس قد تولاه من قبل, ثم وبعد استقالة هذا الاخير, تولى تلك الحقيبة ابو علاء بالذات والذي كان مضطرا للتخلي عن انتدابة لرئاسة المجلس التشريعي فوقع الاختيار على فتوح نتيجة لكونه لا يتمتع بسطوة وتأثير كبيرين لذا, فقد كان مثاليا للتحرك فوق ارض ملغمة بعثت نتيجة الخلافات الشديدة المشتعلة باستمرار داخل صفوف قيادة منظمة التحرير الفلسطينية وتبعا لما اوردته مصادر فلسطينية حسنة الاطلاع, فقد وافق فتوح على التخلي جانبا والتنازل ولو بصفة غير رسمية عن الرئاسة الانتقالية الى محمود عباس, الذي يشغل كذلك منصب امين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية او الرجل الثاني بعد عرفات اما الاختبار الحقيقي فسوف يأتي لاحقا وقت ان يتقدم الصفوف اولئك المتطلعون الى الاستيلاء على السلطة, بمجرد خروج عرفات من على مسرح الاحداث فبالاضافة الى دحلان لا بد وان يؤخذ بالحسبان موسى عرفات, الذي يمثل منصب مدير المخابرات العسكرية في السلطة الوطنية الفلسطينية الذي يخوض رحى معركة عنيفة من اجل السيطرة على قطاع غزة, بانتظار الانسحاب الاسرائيلي الذي من المقرر ان يحدث في العام القادم. \r\n \r\n اما في الضفة الغربية, فسوف يعود لاسماع صوته جبريل الرجوب مستشار عرفات للامن الداخلي الذي بقي في هذه المناسبة, مما يبعث على الكثير من الاستغراب. ويقال بانه يعاني بدوره من مشاكل صحية, وبانه يتلقى العلاج في مصر. \r\n \r\n هذا, وقد ادى مرض عرفات الى تسليط الضوء على غياب قائد فلسطيني اخر ذي هيبة واحترام, الوحيد الذي كان قادرا على اخذ زمام المبادرة والامساك بأعنّة السلطة, وقيادة مرحلة انتقالية تتسم بالهدوء انه مروان البرغوثي امين سر حركة فتح في الضفة الغربية, الذي اعتقلته اسرائيل قبل عامين وحكم عليه ببضعة مؤبدان ويفاخر البرغوثي بالدعم المتين الذي يتلقاه من حركة فتح وبتقدير الشعب له, ولكنه يقف الان خارج اللعبة. \r\n \r\n وبالرغم من شهية استلام السلطة بالنسبة للبعض, فان القليلين هم الذين يؤمنون بامكانيته اندلاع نار حرب اهلية في الضفة الغربية. \r\n \r\n فالفوضى لا تروق حتى لحركة حماس الاسلامية التي تبدو انها قد بدأت تتطلع للمستقبل من اجل تحقيق تميز اكبر لدورها السياسي, على حساب الدور العسكري لهدف التحول كي تكون القوة المسيطرة في الارض المحتلة. \r\n \r\n وتميل حماس اليوم الى مراقبة تطورات الوضع لتقوم بخطواتها فيما بعد, ولم يكن محض صدفة انها قد اقلّت من التصريحات في هذه الساعات العصبية حيث يتعرض عرفات للموت في كل لحظة. \r\n \r\n اسير داخل الوطن, عودة الى عرفات ومغادرته لارض الوطن: فبعد ما يقارب الثلاثة اعوام من الحصار كان عرفات قد ترك مبنى المقاطعة مع اول ساعات الصباح وكان بوده لو فعل ذلك كانسان معافى حر الحركة, متغلبا بذلك على الاوامر الصارمة الصادرة عن الحكومة الاسرائيلية التي كانت قد اعلنت عنها في شهر كانون اول عام 2001 شخصية غير مرغوب فيها. \r\n \r\n لكنه فعل ذلك بعد ان اعياه المرض, ومضطرا لمغادرة محبوبته فلسطين التي كان قد عاد اليها في الاول من شهر تموز 1994 بعد قضائه سبعة وعشرين عاما في المنفى وقد تعرض عرفات للموت عدة مرات وهو في مقر المقاطعة وليس فقط مساء الاربعاء الماضي, وقت اصابته نوبة قلبية ادت الى ذهابه في غيبوبة, بحيث خشي الكثيرون من حدوث نهاية مفاجئة وعلى سبيل المثال لا الحصر فقد كانت حياته قد تعرضت للخطر نتيجة للهجمات العسكرية الاسرائيلية المتكررة التي تم تنفيذها خلال هذه السنوات الثلاث. \r\n \r\n وكان اولها في شهر كانون اول عام ,2001 حيث تم تدمير الطائرتين العموديتين اللتين كانتا تحت تصرفه, ثم قامت طائرات الاباشي في الفترة ما بين نهاية كانون اول, وبداية كانون ثاني في استقصاد مكاتب المقاطعة اكثر من مرة وتموضعت الدبابات الاسرائيلية لايام طويلة على بعد عشرات الامتار من المكتب الخاص للزعيم الفلسطيني ثم واجه عرفات الموت المحقق في نهاية شهر اذار وبداية نيسان عندما احتلت اسرائيل مدنية رام الله, حيث تبع ذلك تنفيذ العديد من العمليات الانتحارية في القدس واماكن اخرى في اسرائيل, فاقدمت القوات الاسرائيلية على اجتياح المقاطعة بواسطة المدرعات مما ادى الى مقتل العديد من رجال الشرطة الفلسطينية وتمت محاصرة الرئيس الفلسطيني داخل مكتبه لايام عديدة من غير ماء او كهرباء فلجأ الى استخدام الهاتف النقال من اجل الاتصال مع الخارج ثم ما لبث ان انقطع الاتصال بشكل نهائي, وكان الهدف من كل ذلك هو جبارة على ترك رام الله والخروج الى المنفى ولكن عرفات كان قد ابدى مقاومة شجاعة معلنا استعداده للقضاء شهيدا شأنه في ذلك شأن بقية الفلسطينيين, ومر شهران من الجحيم الذي لا يطاق قضاها مع مجموعة من دعاة السلام. \r\n \r\n كانت من بينهم الاسرائيلية نيتا غولان التي تعرضت فيما بعد للمساءلة القضائية بتهمة تشكيل حاجز بشري لعرفات, وبعد ذلك ببضعة اشهر, ولاحقا على حدوث عملية تفجيرية اخرى, تقدمت قطعات من الجيش الاسرائيلي الى وسط مدينة رام الله, وبدأت بتدمير البناية اثر الاخرى في محيط المقاطعة ولم يبق قائما سوى المبنى الذي يقع فيه المكتب الخاص لعرفات اضافة الى صالة مجاورة وعض الرئيس الفلسطيني على النواجذ من جديد وفي نهاية الامر, وبعد ايام وايام من الحصار, طلبت الولاياتالمتحدة من شارون التراجع الى الخلف, وقبل ما يزيد على عام, في شهر ايلول على وجه التحديد, عمدت الحكومة الاسرائيلية الى اتخاذ قرار يقضي بابعاد عرفات, \r\n \r\n الذي جاء رده من خلال مقولته »يا جبل ما يهزك ريح« وبانه لا يخشى ان يموت شهيدا.0 \r\n \r\n عن: المانيفيستو الايطالية