انطلاقة نارية.. «المشروع X» يقترب من 9 ملايين جنيه في يومين    سعر الدولار أمام الجنيه في بداية تعاملات اليوم 23 مايو    وزيرة التخطيط: الابتكار وريادة الأعمال ركيزتان أساسيتان لتجاوز «فخ الدخل المتوسط» (تفاصيل)    الصحة العالمية: النظام الصحي على وشك الانهيار في غزة مع تصاعد الأعمال العدائية    الحوثيون يعلنون استهداف مطار بن جوريون بصاروخ باليستي    وزير الأوقاف يعزي المستشار عدلي منصور في وفاة شقيقه    صلاح يتوج بجائزة أفضل لاعب في البريميرليج من «بي بي سي»    شاب ينهي حياته بأقراص سامة بسبب خلافات أسرية    الأرصاد تحذر من حالة الطقس: موجة حارة تضرب البلاد.. وذروتها في هذا الموعد (فيديو)    تصحيح فورى ودقيق لامتحانات النقل.. و"التعليم" تشدد على الالتزام بالنماذج    غلق كلي لطريق الواحات بسبب أعمال كوبري زويل.. وتحويلات مرورية لمدة يومين    البيان الختامى للاجتماع الوزاري الافريقي-الأوروبي يشير لاعتماد الاتحاد الافريقي ترشيح خالد العناني لليونسكو    الصحة تعقد اجتماعا تحضيريا لتنفيذ خطة التأمين الطبي لساحل المتوسط خلال الصيف    محافظ أسيوط يشهد تسليم 840 آلة جراحية معاد تأهيلها    وزير الخارجية والهجرة يتوجه إلى باريس لبحث القضية الفلسطينية    كوريا الشمالية تباشر التحقيق في حادث وقع خلال تشدين سفينة حربية    أسعار الفاكهة اليوم الجمعة 23 مايو في سوق العبور للجملة    «يد الأهلي» يواجه الزمالك اليوم في نهائي كأس الكؤوس الإفريقية.. اعرف موعد المباراة    فينيسيوس مودعا مودريتش: كُرتك فن.. وقصتك بألف كتاب    الهلال يفاوض أوسيمين    النحاس يدرس استبعاد إمام عاشور من ودية الأهلى اليوم بسبب الوعكة الصحية    وزير الاستثمار يلتقي رئيس "أبوظبي للطيران" لاستعراض مجالات التعاون    توريد 180 ألف طن قمح لصوامع وشون قنا    وزير التعليم العالى يشهد توقيع مذكرة تفاهم بين جامعتى إيست لندن إيست كابيتال    محافظ سوهاج يفتتح أعمال تطوير ميدان سيتى ويوجه بمراجعة أعمدة الإنارة.. صور    قبل ترويجها للسوق السوداء.. ضبط 38 طن من الدقيق الأبيض والبلدي    ضبط 379 قضية مخدرات وتنفيذ 88 ألف حكم قضائى فى 24 ساعة    انطلاق قافلة دعوية إلى مساجد الشيخ زويد ورفح بشمال سيناء    بروتوكول تعاون بين "الإسكان" و"الثقافة" لتحويل المدن الجديدة إلى متاحف مفتوحة    بسمة وهبة ل مها الصغير: أفتكري أيامك الحلوة مع السقا عشان ولادك    رمضان يدفع الملايين.. تسوية قضائية بين الفنان وMBC    وزير الثقافة يشهد حفل فرقة أوبرا الإسكندرية ويشيد بالأداء الفنى    يدخل دخول رحمة.. عضو ب«الأزهر للفتوى»: يُستحب للإنسان البدء بالبسملة في كل أمر    الإفتاء توضح سنن يوم الجمعة .. أبرزها الإغتسال    وزير الري: تحديات المياه في مصر وأفريقيا تتطلب مزيدًا من التعاون وبناء القدرات    «الشيوخ» يناقش تعديلات قانونه ل«تقسيم الدوائر» غدا    وزير الصحة يشارك في مائدة مستديرة حول البيانات والتمويل المستدام لتسريع التغطية الصحية الشاملة    الرعاية الصحية: التعاون مع منظمة الهجرة الدولية في تقديم الخدمات للاجئين    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الجمعة 23-5-2025 في محافظة قنا    زلزال بقوة 6.3 درجة يهز جزيرة سومطرة الإندونيسية    مجدي البدوي: علاوة دورية وربط بالأجر التأميني| خاص    حقيقة انفصال مطرب المهرجانات مسلم ويارا تامر بعد 24 ساعة زواج    دينا فؤاد تبكي على الهواء.. ما السبب؟ (فيديو)    انتقادات لاذعة لنتنياهو واحتجاجات بعد إعلانه تعيين رئيس جديد للشاباك    قائمة أسعار تذاكر القطارات في عيد الأضحى 2025.. من القاهرة إلى الصعيد    يرغب في الرحيل.. الزمالك يبحث تدعيم دفاعه بسبب نجم الفريق (خاص)    مدفوعة الأجر.. موعد إجازة المولد النبوي الشريف 2025 للموظفين والبنوك والمدارس    نموذج امتحان مادة الmath للصف الثالث الإعدادي الترم الثاني بالقاهرة    موعد نهائي كأس أفريقيا لليد بين الأهلي والزمالك    رسميًا بعد قرار المركزي.. ارتفاع سعر الدولار مقابل الجنيه المصري اليوم الجمعة 23 مايو 2025    الفنان محمد رمضان يسدد 26 مليون جنيه لصالح شبكة قنوات فضائية    أدعية مستحبة في صيام العشر الأوائل من ذي الحجة    ما حكم ترك طواف الوداع للحائض؟ شوقي علام يجيب    بدون الأهلي «بطل آسيا».. تحديد رباعي السوبر السعودي 2025    خدمات عالمية.. أغلى مدارس انترناشيونال في مصر 2025    4 أبراج «بيسيبوا بصمة».. مُلهمون لا يمكن نسيانهم وإذا ظهروا في حياتك تصبح أفضل    جانتس: نتنياهو تجاوز خطًا أحمر بتجاهله توجيهات المستشارة القضائية في تعيين رئيس الشاباك    «بربع كيلو فقط».. حضري «سينابون اللحمة» بطريقة الفنادق (المكونات والخطوات)    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



واشنطن تتجاهل ما يجري في شبه القارة ،صفقة أميركية باكستانية تطلق يد البنتاغون
نشر في التغيير يوم 12 - 10 - 2004


\r\n
ومنذ ذلك الحين لا يتردد في السعي لزيادة سلطته باستمرار واحكام قبضته اكثر على مواطنيه الباكستانيين وعلى القوات المسلحة الباكستانية واجهزة الاستخبارات، ان هؤلاء كلهم لا يولون في واقع الامر ثقة كبيرة للجنرال، ولا يذهبون بعيداً في تأييده.
\r\n
\r\n
كان مشرف قد تعرض لمحاولتي اغتيال استهدفتاه خلال ديسمبر 2003. بكل الحالات لا شك بإن اخطر المشكلات التي يواجهها لها مصدر واحد هو انه يتم النظر اليه باعتباره رجل جورج دبليو بوش. ولقد ندد بقوة بالارهاب للاستهلاك المحلي الاميركي بعد تفجيرات 11 سبتمبر 2001، لكنه بالمقابل لم يفصح كثيراً عن مثل هذا التنديد في بلده، ولم يفعل في واقع الامر الشيء الكثير من اجل مكافحة الارهاب على الصعيد الباكستاني.
\r\n
\r\n
قبلت الادارة الاميركية بهذا الوضع الخاص بالجنرال مشرف لانها على دراية كاملة بعدم امتلاكها لبدائل افضل بالنسبة لها الآن.اما النتيجة فهي ان السياسة الخارجية الاميركية قصيرة النظر تبقي على حليف مستبد في السلطة، ولا يتم بالمقابل فعل اي شيء من اجل تحسين الاوضاع المعيشية للشعب الباكستاني، مما يهييء الظروف المناسبة لتنامي اعداد المتشددين.
\r\n
\r\n
وفي نهاية اكتوبر 2001 تحولت المطاردة الدؤوبة التي اعتمدتها ادارة جورج دبليو بوش للعثور على اسامة بن لادن ورجال القاعدة إلى ازمة اقليمية ووضعت الترسانة النووية الباكستانية على حافة الخطر وزادت من حدة حالة عدم استقرار حكومة مشرف ومن احتمالات نشوب نزاع نووي بين باكستان والهند.
\r\n
\r\n
ومع تزايد اعداد الضحايا المدنيين من جراء الغارات الاميركية على افغانستان زادت بالتوازي مع ذلك الضغوط السياسية على مشرف وحكومته من قبل قادة المعارضة الاسلامية الذين نظموا سلسلة من المظاهرات المنددة بالسياسة الاميركية وبالتعاون معها، ولكن ايضاً من قبل بعض العسكريين المحيطين به ومن اوساط اجهزة الاستخبارات.
\r\n
\r\n
كان قرار جورج دبليو بوش بشن الحرب على حكومة طالبان في افغانستان وراء هذه التداعيات كلها، فهي لم تكن في الحسبان قبل ذلك، كما انها ادت إلى حدوث شقاق حاد بين رجال الاستخبارات الاميركية وبين الخبراء من الدبلوماسيين الاختصاصيين بشئون جنوب آسيا وصانعي القرار في ادارة بوش.
\r\n
\r\n
جذر المشكلة
\r\n
\r\n
ان جذور المشكلة الافغانية ترجع في الواقع إلى عهد الرئيس الاميركي الاسبق رونالد ريغان الذي كان قد اتخذ قراراً بتمويل العديد من الزعماء الافغان المحليين خلال حربهم ضد القوات السوفييتية التي كان قد تم ارسالها إلى افغانستان من اجل مساندة النظام الشيوعي الذي كان قائماً فيها.
\r\n
\r\n
وكانت باكستان هي المعبر الاساسي الذي تمر منه المساعدات الاميركية إلى هؤلاء القادة وقد شارك في تلك العمليات كل من وكالة الاستخبارات المركزية الاميركية والاستخبارات الباكستانية والمجاهدين الذين كانوا وراء تأسيس حركة طالبان التي لم يكن ممكناً القضاء عليها بعد انسحاب الاستخبارات المركزية الاميركية.
\r\n
\r\n
كان المسئولون الكبار في الادارة الاميركية يدركون جيداً بأن حكومة مشرف معرضة للخطر، ولكنهم كانوا يدركون ايضاً انه من الصعب القيام بأي تحرك ضده ما لم يكن مثل هذا التحرك يحظى بتأييد الشعب. غير ان موجة من التساؤلات تصاعدت حوله من الذي يمكنه ان يسيطر على الترسانة النووية في حالة نجاح انقلاب على مشرف. ولم يتم في هذا السياق استبعاد امكانية ان تسيطر مجموعة من الضباط الاسلاميين بطريقة ما، على رؤوس نووية.
\r\n
\r\n
امتلكت باكستان السلاح النووي عام 1978، وقد كان عبدالقادر خان هو الذي استطاع بواسطة شبكة في اوروبا تجميع كل ما يلزم من اجل تصنيع قنبلة نووية عبر تنفيذ برنامج سري. غير ان تلك الاعمال كلها لم تكن سراً بالنسبة لوكالة الاستخبارات المركزية الاميركية التي كانت قد قامت بتزويد ادارة ريغان بتقارير في هذا الشأن.
\r\n
\r\n
\r\n
لكن باكستان كانت آنذاك هي الحليف الاساسي القوي للولايات المتحدة الاميركية في الصراع الذي كان يدور في افغانستان المجاورة من اجل طرد القوات السوفييتية التي كانت تشكل رأس جسر للخطر الشيوعي الرامي إلى التوسع آنذاك. بسبب هذا الوضع اختار البيت الابيض السكوت تجاه النشاط النووي الباكستاني.
\r\n
\r\n
\r\n
بل ان ادارة جورج بوش الاب قد اكدت عام 1989 للكونغرس عدم حيازة باكستان للسلاح النووي، وكانت ترمي بذلك إلى الاستمرار بتقديم المعونة العسكرية لها، مع العلم بأن باكستان تمتلك 12 رأساً نووية.
\r\n
\r\n
\r\n
بعد اسبوعين فقط من تفجيرات 11 سبتمبر 2001 رفعت واشنطن الحظر المفروض على باكستان بسبب امتلاكها للسلاح النووي. والواقع ان الولايات المتحدة لديها وحدة متخصصة في البنتاغون تعمل بشكل سري مع وكالة الاستخبارات المركزية الاميركية ومهمتها هي الكشف عن اي نشاط نووي يجريه اي بلد من البلدان داخل اراضيه.
\r\n
\r\n
وقد كانت هذه الوحدة تتعاون بشكل وثيق مع المخابرات الاسرائيلية وتحديداً مع الجهاز المختص بالنشاط النووي في اسرائيل والمعروف باسم «الوحدة 262». هذه الوحدة سبق لها وقامت بالعديد من عمليات الاغتيال وسرقة معدات واجهزة وتدمير أعتدة نووية في الخارج وبعد تفجيرات 11 سبتمبر وصل عدد من العاملين في الوحدة الاسرائيلية إلى الولايات المتحدة وأجروا تدريبات مختلفة مع القوات الاميركية الخاصة في مواقع احيطت بالسرية الكاملة.
\r\n
\r\n
كان وصول اسلاميون إلى السلطة في باكستان يؤرق كثيراً الادارة الاميركية. لذلك بدأت واشنطن تفكر جدياً بضرورة معرفتها للمواقع النووية الباكستانية. لكن ارتفعت في الوقت نفسه بعض الاصوات التي تقول بأن الاماكن الحالية لوجود الاسلحة النووية قابلة للتغيير في حالة وصول الاسلاميين إلى السلطة في اسلام اباد.
\r\n
\r\n
اضف إلى ذلك صعوبة البحث، بل خطورته، حالياً في الظروف الدقيقة الراهنة. ومن جهة اخرى لاشك بأن المسئولين يدركون جيداً اهمية السيطرة التامة على الاسلحة النووية، بل انهم يعملون حالياً بكل طاقتهم لفعل ذلك لانهم يعلمون بأن قيام اي اسلامي متشدد باكستاني باطلاق مقذوفات نووية ضد الهند سيواجه مباشرة رداً سريعاً وفتاكاً من قبل الهنود، كما ان من المؤكد تقريباً بأن فرق الكوماندوز الهندية ستحاول الاستيلاء على الرؤوس النووية الباكستانية.
\r\n
\r\n
وفي اكتوبر 2001 حاول الجنرال مشرف من خلال حديث له مع شبكة ال «سي.ان.ان» التلفزيونية الاميركية ازالة مخاوف الاميركيين من امكانية استيلاء الاسلاميين على الرؤوس النووية الباكستانية. وقال ان الرؤوس النووية والصواريخ التي يمكنها ان تحملها لا توجد في المكان نفسه وانما هي منفصلة جغرافياً.
\r\n
\r\n
هذا يعني انه حين يراد تسليح صاروخ برأس نووي فإن الامر يتطلب نقل هذا الرأس على شاحنة لمسافة ما، غير ان الخبراء بالمسائل النووية لم يقتنعوا بهذا التقرير لانه في حالة القيام بهجوم مباغت على باكستان من غير المعقول ان تتم العملية بالشكل الذي عرضه مشرف بسبب خطر التعرض للهجوم من قبل العدو، لذلك فلابد ان تكون هناك اسلحة معدة فوراً للانطلاق من دون «تركيب» كل ما حدث هو ان الجنرال مشرف اراد ان يقول للأميركيين ما يودون ان يسمعوه.
\r\n
\r\n
ومع تكرار العمليات في كشمير المتنازع عليها بين الهند وباكستان ازدادت ضغوط الهند على واشنطن لمطالبة مشرف بمنع تسلل اولئك الذين ينفذون تلك العمليات. هكذا اخطر الجنرال الباكستاني في النهاية لتفادي تفاقم الاوضاع مع الهند، ولكن ايضاً لارضاء الادارة الاميركية.
\r\n
\r\n
\r\n
ان يتخذ بعض الاجراءات ضد المنظمات الاسلامية المتطرفة في نهاية عام 2001، هذا وقد شملت هذه الاجراءات تجميد اموال هذه المنظمات في المصارف الباكستانية. واذا كانت الاجراءات التي اتخذها مشرف لم تنل رضا الهند التي كانت تريد اجراءات اقوى، الا انه فعل في الواقع ما كان يرفض ان يفعله في السابق، لكن الجميع يعرف انه ليس بمقدور مشرف وقف الهجمات في كشمير، حتى وان كان البعض يعتقد انه على العكس يشجعها.
\r\n
\r\n
في السوق السوداء
\r\n
\r\n
ي يونيو 2002 قدمت وكالة الاستخبارات المركزية الاميركية تقريراً مفصلاً وشاملاً للرئيس جورج دبليو عن طموحات كوريا الشمالية في الميدان النووي. وقد كان هذا التقرير بالغ السرية ومحدود التوزيع جداً. وقد جاء فيه ان كوريا قد انتهكت القوانين الدولية الخاصة بانتشار الاسلحة النووية، وخرقت ايضاً الاتفاقات المعقودة مع كوريا الجنوبية والولايات المتحدة، عبر حصولها سراً على الامكانيات والوسائل التي تتيح لها انتاج السلاح النووي.
\r\n
\r\n
كانت اكثر النقاط حساسية في هذا التقرير، هي الاشارة إلى باكستان. فمنذ عام 1997 والاستخبارات المركزية الاميركية تؤكد بأن باكستان تشرك كوريا الشمالية في التقنيات المتقدمة والمعلومات الخاصة بالرؤوس النووية وتجارب الاسلحة. وهذا يعني ان باكستان التي تعد احد اهم حلفاء الادارة الاميركية الحالية في مكافحة الارهاب تقوم بتقديم المساعدة لكوريا الشمالية من اجل تصنيع القنبلة النووية، وكوريا هي البلاد التي اعتبرها جورج دبليو بوش احد دول «محور الشر».
\r\n
\r\n
انت كوريا قد وقعت عام 1985 على المعاهدة الخاصة بحظر الاسلحة النووية، وفتحت بالتالي مواقعها النووية للتفتيش الدولي. الا ان الاستخبارات الاميركية حصلت في التسعينيات على معلومات تؤكد ان كوريا تعمل على تصنيع السلاح النووي، وتوصل المفتشون الدوليون ايضاً إلى الاستنتاجات نفسها.
\r\n
\r\n
لقد اثار هذا ازمة دبلوماسية ثم التوصل إلى حلها فيما بعد اتفاق كوريا مع ادارة الرئيس بيل كلينتون عام 1994 نص على وقف البرنامج النووي الكوري نظير معونات اقتصادية كبيرة وبناء مفاعلين نوويين صغيرين لتوليد الطاقة الكهربائية.
\r\n
\r\n
بعد ثلاث سنوات من ذلك الاتفاق عادت المحاولات الكورية من اجل تصنيع القنبلة النووية بالاستعانة بالتغطية الباكستانية. ومعروف ان كوريا تعتمد في اقتصادها اساساً على صادرات الاسلحة، وخاصة الصواريخ التي تحتاجها باكستان. وهنا يذكر التقرير المشار له سابقاً انه اعتباراً من 1997 .
\r\n
\r\n
دأت باكستان بتسديد ثمن الصواريخ التي تستوردها من كوريا بواسطة اشراك هذه الاخيرة في برنامجها النووي. وكانت باكستان قد امضت قرابة عقد من الزمن كي تتوصل إلى تصنيع السلاح النووي، وبالتالي ما قدمته لكوريا من معلومات وخبرات يوفر على الكوريين الكثير من الجهد والمال.
\r\n
\r\n
وكانت هناك تقارير اخرى من حين لآخر تتعلق ببيع كوريا الشمالية الصواريخ لباكستان. لكن لم تكن هناك ابداً معلومات وفيرة عن حقيقة التعاون النووي بين البلدين الا ان الاميركيين كانوا يتابعون بدقة تحركات العالم النووي الباكستاني عبدالقادر خان، الذي زار كوريا الشمالية ثلاث عشرة مرة خلال مدة عشر سنوات. لكن الامر الذي اثار قلقهم تمثل في زيارته لايران في آواخر عقد التسعينيات الماضي.
\r\n
\r\n
وفي اكتوبر 2002 وبعد ان شاعت قصة التعاون النووي بين باكستان وكوريا الشمالية، وتحدثت صحيفة «نيويورك تايمز» عن هذا التعاون، نفى الجنرال مشرف ذلك تماماً وقال بان هذه ليست سوى مجرد شائعات لا اساس لها من الصحة. ويبدو ان البيت الابيض قد اقتنع بما قاله مشرف، لكن هذا لم يمنع كولن باول من تحذير الرئيس الباكستاني من مغبة اي تعاون نووي بين بلاده وبين كوريا الشمالية.
\r\n
\r\n
ظل تقرير وكالة الاستخبارات المركزية الاميركية سراً حتى خريف 2002. وان لم يكن من المعروف، او من المفهوم، ان يظل طي الكتمان، على الرغم مما هو معروف من كراهية جورج دبليو بوش لقادة كوريا الشمالية، ولكن ربما كان التحضير للحرب في العراق وراء ذلك التأخير في الكشف عنه.
\r\n
\r\n
في نهاية 2002 اعلنت الادارة الاميركية عن استراتيجية امنية تسمح للعسكريين الاميركيين بتدمير اسلحة الدمار الشامل التي يمتلكها الاعداء قبل استخدامها. وكان من المنطقي ان تكون كوريا الشمالية هي المقصودة بهذا، لاسيما ان برنامجها النووي كان اكثر تقدماً من البرنامج النووي العراقي. لكن هدف الادارة كان في واقع الامر هو تعبئة الرأي العام وتهيئته لغزو العراق.
\r\n
\r\n
كانت القوة العسكرية العراقية قد ضعفت وتقهقرت بعد حرب الخليج عام 1991 وبعد سنوات الحظر الذي فرضته الامم المتحدة. اما كوريا الشمالية فهي بدون شك احد اكثر بلدان العالم تسلحاً، اذ يمكن تعبئة نسبة 40% من شعبها لحمل السلاح، ثم انها تمتلك ترسانة حقيقية من مختلف انواع الاسلحة. وتدل التقديرات المتداولة على ان الدخول في حرب معها قد يسفر عن سقوط مليون ضحية وسقوط مئة الف قتيل في صفوف القوات المسلحة الاميركية التي قد تشترك في الهجوم.
\r\n
\r\n
وفي اكتوبر 2002 قام مساعد وزير الخارجية الاميركي لشئون شرق آسيا بزيارة إلى كوريا الشمالية من اجل حل الازمة التي كانت قد نشبت بين البلدين بسبب استئاف البرنامج النووي الكوري.
\r\n
\r\n
وكان وراء فشل المسئول الأميركي بمهمته ان الأميركيين قد اشترطوا وقف البرنامج النووي الكوري على الفور وقبل اجراء أي محادثات بين الطرفين، هذا في حين أن الكوريين وجهوا الاتهام للأميركيين بأنهم يريدون في الواقع القضاء على كوريا وليس فقط الاكتفاء بوقف برامجها للتسلح.
\r\n
\r\n
وخاصة النووي منها، وطالبوا في هذا السياق بتعهد أميركي صريح بعدم شن هجوم على كوريا وبتطبيع العلاقات معها، لكن لم يكن في جعبة مساعد وزير الخارجية الأميركي سوى مطالب محددة بوقف البرنامج النووي الكوري، وبالتالي لم يتم التوصل إلى اتفاق.
\r\n
\r\n
في الأشهر التالية صعّدت الإدارة الأميركية هجومها العلني على كوريا الشمالية، بينما جرت في الوقت نفسه اتصالات سرية عن طريق أطراف أخرى قامت بدور الوسيط بين الأميركيين والكوريين للوصول إلى حل. وكان رد كوريا هو انها أعلنت تخليها عن التزامها بمعاهدة حظر انتشار الاسلحة النووية وقامت أيضاً بطرد المفتشين الدوليين.
\r\n
\r\n
صفقة واشنطن
\r\n
\r\n
في 4 فبراير 2002 فاجأ العالم النووي الباكستاني الكبير عبدالقادر خان العالم بظهوره على شاشة التلفزيون الباكستاني ليعلن مسئوليته عن تنظيم شبكة لبيع معدات خاصة بالأسلحة النووية في السوق السوداء، لقد تم هذا بعد أن تسربت أنباء عن حصول كل من إيران وليبيا على مواد نووية مصدرها باكستان، ولم يكن من الجنرال مشرف سوى أن قبل الاعتذار العلني للعالم النووي عبدالقادر خان، ثم أعلن مباشرة في اليوم التالي عفوه عنه نظراً للخدمات الجليلة التي قدمها لوطنه.
\r\n
\r\n
من الصعب تصديق هذا كله، ذلك أن الكثيرين كانوا على علم بنشاطات العالم النووي الباكستاني عبدالقادر خان منذ سنوات طويلة. ومن غير المعقول أن تكون حكومته هي الوحيدة التي تجهل الاتصالات التي أجراها مع بلدان كإيران وليبيا وكوريا الشمالية وماليزيا.
\r\n
\r\n
لم يكن الأمر في نظر الجميع تقريباً سوى عبارة عن عملية اخراج مسرحي لقضية شائكة، مع ذلك أبدت الادارة الأميركية ترحيبها بما حدث، وشددت على القول ان المصير الذي يواجه عبدالقادر خان هو شأن داخلي باكستاني لا علاقة لها به.
\r\n
\r\n
لقد تمت الصفقة بين الجنرال مشرف وبين إدارة جورج دبليو بوش، وتمثلت حقيقة تلك الصفقة في أن تقوم الإدارة الأميركية بنسيان قضية العالم النووي الباكستاني عبدالقادر خان وتحركاته الى العديد من البلدان، وبالمقابل يوافق الجنرال مشرف على قيام القوات الأميركية بغارات جوية وبرية في منطقة جبال هندكوش، حيث انه كان يرفض في السابق السماح بمثل هذه الغارات التي ترمي إلى البحث عن اسامة بن لادن وبقية قيادات تنظيم القاعدة الذين ربما لجأوا الى هذه الجبال الحصينة.
\r\n
\r\n
لكن كان رأي بعض الخبراء ان المنطقة الحدودية بين باكستان وأفغانستان هي منطقة شديدة الوعورة، وبالتالي سوف يصادف الأميركيون فيها مصاعب لوجستية عديدة، فهي منطقة تفتقر إلى الطرق، وقد أثبتت دروس التاريخ انه من الصعب اختراق شعابها ووديانها وقممها، ومن المعروف ان الاسكندر الأكبر كان قد فقد فيها فرقة كاملة، كما ان الروس لم يحاولوا ولوجها عندما أرسلوا قواتهم بأعداد كبيرة الى أفغانستان.
\r\n
\r\n
من ناحية أخرى، كان الجنرال مشرف لا يزال عرضة للخطر في الداخل بسبب الطريقة التي عالج بها قضية عبدالقادر خان. وقد قال أحد الوزراء السابقين والذي أصبح رئيساً لأحد الأحزاب المعارضة لمشرف بأن الرأي العام في باكستان يعتبر العالم النووي خان بمثابة «كبش فداء» في حين يعتبره الرأي العام الدولي خطراً كبيراً.
\r\n
\r\n
وفي ربيع 2004 وصلت القوة الاميركية الى باكستان، لكن أحيط وصولها بسرية تامة، وبعد أن كانت قوات مشرف قد قامت بهجوم غريب على جبال هندكوش، وفي منتصف مارس أعلنت الحكومة الباكستانية أن مئات الجنود من قواتها يخوضون معركة شرسة ضد قوات القاعدة وارهابيين آخرين، وفي الوقت نفسه أخبر الجنرال مشرف شبكة «سي.ان.ان» التلفزيونية أنه من المؤكد أن هدفاً مهماً يتواجد في المنطقة.
\r\n
\r\n
في حين ترددت شائعات قوية عن أن الدكتور أيمن الظواهري المساعد الأقرب لرئيس تنظيم القاعدة أسامة بن لادن هو على وشك الوقوع في أيدي القوات الباكستانية، بل ذهبت الشائعات إلى القول انه من المحتمل أيضاً القاء القبض على اسامة بن لادن نفسه.
\r\n
\r\n
وخلال الأسبوعين التاليين تعاظم الحديث عن معارك شرسة يخوضها الجيش الباكستاني ضد من وصفوا بأنهم مئات من المقاتلين، كما تم الحديث عن وقوع خسائر كبيرة بين الجانبين. لكن في النهاية ظهر أنه لم يكن هناك أحد من قادة القاعدة، لا أسامة بن لادن ولا أيمن الظواهري، مما دعا إلى التساؤل: مَنْ كان يقاتل مَنْ؟ ولماذا؟
\r\n
\r\n
إن الاحتمال المرجح هو أن الجنرال مشرف حاول بذلك أن يضع ستاراً من الدخان على وصول القوات الأميركية التي ظلت تتابع البحث عن ابن لادن وأنصاره طيلة الربيع وحتى حلول فصل الصيف.ومع مرور الشهور واقتراب الانتخابات الرئاسية الأميركية في مطلع نوفمبر 2004 يبقى هناك سؤال مهم لم يجد اجابة حتى الآن، وهو: أين أسامة بن لادن؟
\r\n
\r\n


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.