\r\n وسيكون هذا الرأي انعكاساً للتحيز الإعلامي الذي ظهر بوضوح أثناء تغطية وقائع مؤتمري الحزبين الجمهوري والديمقراطي‚ كما أنه سيعكس أيضاً حقيقة أن بوش قد نجح نجاحاً باهراً حتى الآن في تقليد ممثل أفلام «الكاوبوي» الشهير «كلينت إيستوود»‚ \r\n \r\n هذا ما ستفعله شبكات التلفزة الإخبارية‚ ولكن ما الذي ستفعله وسائل الإعلام المطبوعة؟ دعونا نأمل ألا تفعل ما فعلته منذ أربع سنوات خلت‚ \r\n \r\n فقد كانت المقابلات التي تم إجراؤها في ذلك الحين (عام 2000) مع مجموعات عشوائية من الناخبين‚ تظهر تفوق «آل غور» على بوش بهامش ضئيل‚ وكان المفروض أن تظهر التحليلات التي تم إجراؤها بعد المناظرة أن هذا الهامش قد ازداد اتساعاً‚ خصوصاً بعد (الأكاذيب الكبيرة) التي قدمها بوش في تلك المقابلة بخصوص الميزانية والتأمين الصحي وما إلى ذلك‚ كما كان من الواجب أيضاً أن تؤدي عملية (فحص الحقائق) التي ظهرت في صباح اليوم التالي عن المناظرة وأداء المرشحين فيها‚ إلى آثار مدمرة على موقف بوش الانتخابي‚ \r\n \r\n ولكن وكما أشار «آدم كلايمر» في صفحة الرأي في صحيفة «نيويورك تايمز»‚ فإن التغطية التي ظهرت في الصفحات الأولى للصحف عن المناظرة التي جرت في ذلك العام لم تركز على ما قاله المتناظران‚ ولكن على (لغة جسد) كل منهما‚ فبعد المناظرة‚ أطنبت الروايات الخبرية الرئيسية في تلك الصحف في الحديث عن (تنهدات) غور‚ ولكنها لم تقل الشيء الكثير عن أكاذيب بوش‚ كما اتسمت المقالات التي ركزت على (فحص الحقائق) والتي تم وضعها في أماكن غير بارزة في الصفحات الداخلية‚ بالافتعال‚ ومحاولة لي عنق الحقيقة‚ والتغطية على الأخطاء الكبيرة التي وقع فيها بوش‚ \r\n \r\n وكانت نتيجة هذا التركيز على الأداء التمثيلي للمرشحين‚ بدلا من التركيز على جوهرهما‚ أن هزيمة بوش في المناظرة‚ تحولت بعد مرور أيام قليلة فقط إلى نصر‚ \r\n \r\n وهذه المرة دارت المناظرة الأولى بين المرشحين عن السياسة الخارجية‚ وهي منطقة يفترض أن يكون السيد بوش فيها مكشوفاً تماماً‚ إن لم يكن لشيء‚ فلأن وعوده المبالغ فيها بتخليص العالم من الأشرار قد انتهت إلى لا شيء‚ \r\n \r\n والدليل الأول على ذلك‚ هو بالطبع أسامة بن لادن الذي وعد الرئيس بوش بالنيل منه (حياً أو ميتاً)‚ ثم اختفى تماماً من أحاديثه بعد عملية متعجلة ومرتبكة في «تورا بورا»‚ تمكن «بن لادن» من الخروج منها حياً‚ \r\n \r\n كما أن تنظيم «القاعدة» الذي كان يمكن أن يتم سحقه لو لم يقم بوش بتحويل الجهد والموارد الأميركية إلى حرب العراق‚ لا يزال يشكل نفس الدرجة من الخطورة التي كان يشكلها من قبل‚ \r\n \r\n والدليل الثاني هو كوريا الشمالية وهي الدولة التي أعلن الرئيس بوش أنها جزء مما أسماه ب «محور الشر»‚ ثم ابتلع كلامه فيما بعد‚ عقب شروع نظام هذه الدولة في صنع أسلحته النووية‚ والدليل الثالث- والأهم- هو العراق وما يحدث فيه حالياً‚ فبعد أن تباهى بوش في البداية بالنصر الذي حققته أميركا في العراق‚ تحول هذا البلد الآن إلى كارثة أسوأ كثيراً مما توقع معارضو الحرب‚ \r\n \r\n وتبالغ حملة كيري كثيراً في التركيز على تلك اللحظة التي ارتدى فيها بوش زي الطيارين‚ وراح يتبختر على ظهر حاملة طائرات أميركية‚ معلناً أن المهمة قد انتهت‚ ولكنني شخصياً‚ أرى أن أسوأ لحظات بوش جاءت بعد شهرين من هذه اللحظة عندما أدلى بتصريح قال فيه:«هناك البعض مما يستشعرون بأن الظروف الموجودة في العراق تسمح لهم بأن يهاجمونا هناك‚‚‚ وأنا من هنا أقول لهم أن يتقدموا إذا ما كانت لديهم الجرأة على ذلك حقاً»‚ ولكن عندما أقدم هؤلاء في النهاية‚ فإن السيد بوش اهتز وتلعثم‚ والدليل على ذلك أن القوات الأميركية- التي من الواضح أنها قد تلقت أوامر بتقليل خسائرها إلى أقل حد ممكن حتى موعد الانتخابات القادمة- قد تخلت عن مناطق كثيرة في العراق للمتمردين‚ وخلال المناظرة حاول بوش التغطية على سجله السيئ بالاختيال والتباهي كما اعتاد دائماً‚ وبالهجوم على خصمه أيضاً‚ فهل ستقوم الصحافة بلعب لعبة «كارل روف» وتقوم- كما يقول السيد كلايمر- بالخلط بين التغطية السياسية‚ وبين النقد الدرامي‚‚‚ أم أنها ستقوم بوظيفتها المطلوبة في فحص الحقائق المتعلقة بالمرشحين؟ \r\n \r\n هناك بعض العلامات المشجعة التي ظهرت في الفترة الأخيرة‚ كانت هناك فترة مزعجة من الوقت بدت فيها الكثير من المؤسسات الإعلامية الإخبارية‚ وكأنها على استعداد لقبول الادعاءات الزائفة التي تسوقها الإدارة‚ والتي تقول إن الوضع في العراق قد أصبح يميل إلى الهدوء بعد نقل السيادة إلى الحكومة المؤقتة‚ أما الآن‚ ومع تفاقم العنف في العراق‚ فتبدو تلك المؤسسات وكأنها على استعداد لتوجيه أسئلة صعبة حول رؤية إدارة بوش الخيالية عن الوضع في العراق‚ فعلى سبيل المثال تشير التحليلات الأخيرة التي أوردتها وكالة «رويترز» للأنباء إلى أن المصادر المستقلة تعارض التأكيدات التي يقدمها السيد بوش عن كل شيء تقريباً (بدءا من تدريب قوات الشرطة‚ وإعادة إعمار العراق‚ إلى الاستعدادات الخاصة بانتخابات يناير القادم)‚ \r\n \r\n الإشارة المشجعة الثانية هي أن السيد بوش لم يعد يحظى بنفس القدر من الحرية الذي كان يحظى به من قبل‚ عندما كان يقوم بمهاجمة خصمه في السباق الانتخابي‚ ففي الأسبوع الماضي‚ وعقب قيام بوش بالإدلاء بتصريح عن كيري قال فيه:«إن السيد كيري يفضل ديكتاتورية صدام عن الوضع الحالي في العراق»‚ فإن وكالة «أسوشيتد برس» قامت بالإشارة إلى أن بوش قد قام (بتحريف عبارات كيري) ثم قامت بإيراد ما قاله كيري حرفياً‚ \r\n \r\n ومع ذلك فإن أجهزة الإعلام الأميركية ستكون تحت إغراء التحول مرة أخرى إلى النقد الدرامي‚ أي التركيز على الكيفية التي يبدو عليها المتناظران‚ وكيف يتصرفان‚ ثم وضع التحليلات الخاصة بما قالاه فعلا‚ وما إذا كان ذلك صحيحاً أم لا في الصفحات الداخلية‚ ونظراً لأن هناك الكثير والكثير من الأشياء المعرضة للخطر والموضوعة في كفة الميزان‚ فإن الجمهور الأميركي يستحق من أجهزة إعلامه ما هو أفضل من ذلك‚ \r\n