ولكن لدى القيسي لطخة في سيرتها المهنية: وهو قرار اتخذته قبل 28 عاما، عندما كانت في الخامسة عشرة، للالتحاق بحزب البعث الذي كان يقوده صدام حسين، والذي كان يعتبر في حينه أسهل طريق الى التعليم العالي والحصول على وظيفة ناجحة. \r\n وخلال احتلال العراق الذي قادته الولاياتالمتحدة، بدا المسؤولون الأميركيون ميالين الى إنهاء الشبكة السياسية لصدام حسين، وطرد عشرات الألوف من البعثيين. ففقدت القيسي وظيفتها في كلية الفنون الجميلة بجامعة بغداد وحرمت من برنامج في الفنون الغرافيكية. \r\n وبتحول السلطة الى حكومة مؤقتة يوم 28 يونيو (حزيران) الماضي يمتلك اشخاص مثل القيسي املا جديدا باستعادة وظائفهم وأوضاعهم الطبيعية. \r\n ومنذ توليه مهماته الشهر الماضي سعى رئيس الوزراء المؤقت اياد علاوي، وهو نفسه بعثي سابق انشق عن صدام حسين قبل عقود وتوجه الى المنفى، الى الغاء ما يقول وآخرون انه كان عملا قاسيا من اعمال الادارة الاميركية المؤقتة في طرد أعضاء الحزب. وقد شكلوا لجان مراجعة داخل الوزارات وبدأوا اعادة توظيف الناس الذين طردهم المسؤولون الأميركيون. وتقول الحكومة انها بحاجة الى بعض البعثيين السابقين للمساعدة في اعادة بناء البلد. \r\n ويقول بعثيون من أمثال القيسي، التي ما تزال عاطلة عن العمل، انهم لا ينبغي ان يعاقبوا، مشيرين الى أنهم كانوا مجرد مطيعين في حزب تهيمن عليه دائرة صدام الداخلية. \r\n ويتفق سيف رحمن رئيس دائرة الموظفين في وزارة الصناعة والمعادن مع ذلك قائلا «كان هناك ستة ملايين من المرتبطين بشكل ما بحزب البعث. ولم يكونوا جميعا مجرمين». \r\n وقال رئيسه الوزير حاجم الحسني، ان عدد رجال صدام الذين اضطهدوا بقية أبناء البلد لم يتجاوز المئات. \r\n وقال وزير التربية سامي المظفر الذي أعاد أخيرا أربعة آلاف من المعلمين المطرودين الى وظائفهم: «معظم الناس في الحزب أرغموا على أن يصبحوا بعثيين. لقد انضموا على الضد من ارادتهم من أجل الحصول على منافع العضوية في الحزب». \r\n لقد كان اجتثاث البعث مهمة حددها الحاكم المدني الأميركي السابق بول بريمر لمجلس الحكم العراقي المنحل الآن، الذي يضم خمسة وعشرين عضوا بينهم علاوي وخصوما أشداء آخرين لصدام ممن انشقوا عن حزب البعث قبل سنوات وانتقلوا الى المنفى. \r\n ودعم مثال الالوسي، رئيس لجنة اجتثاث البعث، عمليات الطرد معتبرا اياها متواضعة وربما غير كافية. وعلى الرغم من الجهود الحالية لاعادة البعثيين الى الوظائف ما تزال اللجنة نشيطة، وهي تقوم بمعالجة الشكاوى والتظلمات ضد الحزب. وقال الالوسي «كان هناك الكثير من الارهابيين والقتلة في النظام. والمسألة ليست مسألة إعطائهم فرصة أخرى. فالقانون في هذا البلد يقول انه يجب جلب المجرمين أمام العدالة. لا يمكننا أن نغلق عيوننا ونبدأ من جديد». وقال ان رئيس الوزراء يسعى الى معالجة المشاكل باعطاء البعثيين وظائف لإغرائهم وإبعادهم عن التمرد. \r\n وحذر الالوسي، الذي زعم ان ما يزيد على نصف كبار المسؤولين في الحكومة المؤقتة كانوا من تكنوقراط صدام السابقين، من أن «السيد علاوي سيرتكب خطأ فادحا اذا ما سمح لهذا الأمر بالحدوث. يجب ان نعطي اشارة واضحة بأنه ليس هناك مكان لحزب البعث النازي ابدا. والا فلن يكون لدينا عراق جديد على الاطلاق». \r\n وفي غضون ذلك، يقول أعضاء الحزب السابقون من أمثال القيسي ان عملية اعادة التوظيف بطيئة جدا. وقالت: «انا غاضبة لأن هذا لم يتحقق خلال شهر أو شهرين، ولم يكتشفوا المشاكل الحقيقية. فأنا عاطلة عن العمل منذ سنة. بل انهم لم يسمحوا لي بمواصلة الدروس من أجل نيل شهادتي العليا». \r\n ويقول محللون، ان التحدي الذي تواجهه حكومة علاوي هو ايجاد أدوار بناءة لأولئك الذين عملوا في مواقع نفوذ في عهد صدام ولكنهم لم يتحولوا الى صفوف المتطرفين. بل ان المسؤولين الأميركيين يعترفون الآن ان ابعاد البعثيين عن عراق ما بعد الحرب أدى الى نتائج عكسية. ولكن هناك تحديا آخر. \r\n وقال محمد صالح العزاوي، الرائد السابق في الجيش العراقي الذي كان يعمل في مشروع لهندسة الصواريخ وكان مسؤولا عن فرقة لحزب البعث «لا نريد العمل من أجل المحتلين ولا نريد العمل من أجل الوزراء الحاليين لأنهم متعاونون مع الأميركيين». وهو الآن يحصل على ما يقرب من خمس راتبه قبل الحرب في اطار برنامج التقاعد المعد لإبعاد العسكريين عن الالتحاق بالتمرد. \r\n ويتفق المسؤولون على انه يجب عليهم عمل المزيد من أجل كسب البعثيين السابقين وابعادهم عن التعاطف مع المتمردين. \r\n وقال وزير الصناعة عن السعي الى اعادة توظيف البعثيين «اذا لم نستطع حل هذه المشكلة لن نكون قادرين على القيام بأي شيء في العراق»، متحدثا عن «أولئك الذين لم تتلطخ أياديهم بدماء أبناء الشعب العراقي». \r\n \r\n * خدمة «لوس انجليس تايمز» خاص ب «الشرق الأوسط».