\r\n الفوضى الحالية هي نتيجة مزدوجة من الفوضى الداخلية المقصودة التي تسبب بها عرفات حتى اليوم بهدف عدم السماح لأي طرف آخر بالبروز والاستقواء الى جانبه ونتيجة للتفكك المنهجي لاجهزة أمن السلطة على يد اسرائيل خلال السنوات الاربع الماضية. طالما كانت اسرائيل هي التي تسيطر على الارض، بدا وكأن عرفات يتمتع باللعبة الداخلية التي يديرها. ولكن الفوضى التي اندلعت أصبحت تهديدا له ايضا في الآونة الأخيرة. \r\n \r\n التوجه الاسرائيلي بالانسحاب من غزة يفرض على الفلسطينيين ان يحسموا المعضلة التي رفضوا حسمها في الماضي. عليهم ان ينظموا شئون بيتهم، وان يضعوا حدا للعنف والفساد، كما تطالبهم الأسرة الدولية وجزء كبير من الجمهور الفلسطيني. ما لم يتم تحصيله بقوة النار والضغوط الدولية يحدث الآن بصورة بديهية من تلقاء نفسه. شعور الفلسطينيين بأنهم سيتسلمون غزة وانهم سيتركونهم ليواجهوا مصيرهم، يلزمهم بالتحرك الفوري. عليهم في هذه الحالة ان يحسموا صورة المعركة الآن حتى لا تدب الفوضى في مناطقهم في مرحلة ما بعد الانسحاب. \r\n \r\n «حالة الطواريء» في هذه المرة تعود كلها للسلطة. ليست عندنا. اسرائيل ستحسن صنعا اذا حرصت على الجلوس بهدوء وعدم التدخل في الساحة الفلسطينية الداخلية. لا عناق ولا شقاق وانما حالة انتظار ومراقبة من الجانب لمشاهدة كيفية حسم العملية. \r\n \r\n وماذا بالنسبة لنا؟ هناك فوضى ايضاً، حيث تعتبر المهزلة الأكبر أن الفلسطينيين هم الذين يشعرون بالفوضى الخاصة بهم لأنهم الوحيدون الذين سارعوا في هذه الاثناء بأخذ تصريحات شارون بضم حزب العمل الى حكومته على محمل الجد. الصورة في يوم بدء الاتصالات الرسمية لتشكيل الائتلاف الجديد غامضة كلياً. عند شارون كما هو دائما، يوجد جواب لسؤال ما الذي يسعى اليه في لعبة المغازلات السياسية، ولكن الآخرين لا يستطيعون الا أن يعطوا تكهناتهم وتخميناتهم فقط. من الصعب معرفة الاتجاه من كثرة الغموض الحقيقي السائد. \r\n \r\n شارون معروف بصفته مُحبا للجمع بين الطعام والسياسة. فهو يحب ان يتناول الوجبات للتقرب من السياسيين الذين يخدمون مصالحه، كما ويحب إلتهام السياسيين الذين يقفون في طريقه. هذا الأمر سار على ما يرام طالما كان يسيطر على زمام الامور بلا منازع، ولكنه آخذ في التعقيد مع ظهور شدة الفوضى السائدة في المطبخ الحزبي والحكومي. \r\n \r\n شارون يصل الى مأدبة الإفطار التي حددها مع بيريز وفي حلقه غصة تسبب بها الوزيران نتنياهو وشالوم لما أجبراه على التهامه من قبل. ذلك العائق القوي الذي وضعه هذان البارزان في مركز الليكود ضد زحزحتهما من منصبيهما في حالة دخول حزب العمل الى الحكومة، هو ما يقف في حلق رئيس الحكومة على مأدبة الإفطار مع بيريز. الصباح يبدأ من ناحية شارون مع وجبات غير مرغوبة على الطاولة. \r\n \r\n خضوعه للاثنين يعني تنازله عن حليفه موفاز. شارون سيجد صعوبة في التنازل عن صاحب حقيبة الدفاع المستوطنون في الحكومة. ناهيك عن ان حزب العمل غير معني بهذه الحقيبة تحديدا. المسألة المطروحة الآن هي الى أي حد سيُطعم شارون شركاءه المستقبليين أو الى أي حد يصل مختنقا من الوجبات التي يُجبره شركاؤه الحاليون على التهامها. شارون سيمر في التواءات في معدته الى ان تتضح نهاية المرحلة الحالية التي سيبدأها. \r\n \r\n الفرق الجوهري بين الزحزحة السياسية التي شاهدناها في مطلع 2003 وبين العملية التي تبدأ بصورة رسمية الان، هو أن شارون كان في المرحلة الاولى صاحب قوة سياسية وحاملا للملح الذي يستمتع برشه على جراح رؤساء الكتل والاحزاب الذين يُقسمون بحبه. أما اليوم فلا توجد أي ثقة بأن شارون هو الذي سيقوم بتوزيع الوجبات الائتلافية حسب رغباته. أو ان كل شيء سينضج خلافا لرغبته ويسير نحو الانتخابات الجديدة. \r\n \r\n هذا الصيف يعتبر قاسياً اصلاً وسيزداد قسوة بالنسبة لكل تلك العائلات المحتاجة التي ستحصل على مخصصات اطفال مقلصة «هدية» من الحكومة لسلة نفقات الاجازة الكبرى واستعدادا لبدء السنة الدراسية القادمة. \r\n \r\n \r\n عن «يديعوت احرونوت» \r\n \r\n