\"ساندي بيرغر\" شخصية بارزة بين نخبة السياسة الخارجية. ولديه أصدقاء في كل مكان، ولا سيّما حيث تكون الصداقات مهمة، أي في ال\"كابيتول هيل\" وفي الإدارة الديمقراطية الموجودة في المنفى والمحبوسة في المراكز الفكرية والبحثية في واشنطن العاصمة وفي شارع \"كي ستريت\"، وهو يشغل مكانة مرموقة في الدوائر السياسية الرفيعة وبين صنّاع الرأي في الصحافة. وهو أيضاً ذو تأثير. وفور الكشف عن قضيته وقضية الوثائق المفقودة من الأرشيف الوطني، سارع \"بيل كلينتون\" و\"جون كيري\" إلى قول كلام طيب في حق صديقهما. ولم يأتِ من فراغ أن \"بيرغر\" تلقّى تعاطفاً في مقالة نشرتها صحيفة \"واشنطن بوست\" يوم الأربعاء الماضي 21 يوليو، وفيها قال كاتبها الصحفي \"في الوقت نفسه، كان (بيرغر) معروفاً كشخص عاجز دوماً عن متابعة الأوراق أو المواعيد دون الاستعانة بمرؤوسيه لكي يُبقوه منظّماً ملتزماً بالمواعيد. ويسهل على كل من يعرفونه ويحبونه أن يروا الطريقة الممكنة لحدوث هذا الأمر، على حد قول أحد زملاء كلينتون\". \r\n \r\n و\"ساندي بيرغر\" هو الشخصية الإيجابية اللطيفة المعتادة. أنا لا أعرفه أو أحبه إلاّ كجار لي، ووفقاً لما تمليه تعاليم الكتاب المقدس. لكنني أعلم أن هناك رجالاً ونساءً خدموا أمتنا ودفعوا ثمناً باهظاً لقاء سوء تعاملهم مع المعلومات السرية. وهؤلاء أيضاً كانوا، بحسب المفترض، معروفين ومحبوبين لدى الآخرين. وعلى رغم ذلك، فإن إخفاقهم في اتخاذ التدابير الملائمة لحماية المعلومات أوقعهم في مأزق مع حكومتهم. فهل ينبغي إعطاء \"بيرغر\"، لأنه ذو ارتباطات، إذناً بأخذ المعلومات السرية من الأرشيف الوطني دون إذن؟ وهل ينبغي أن يكون تحويل الانتباه بالاستعانة بهموم العالم دفاعاً ملائماً وكافياً عن منتهكي إجراءاتنا الأمنية. \r\n \r\n في عام 2000 وفي عهد إدارة \"كلينتون\"، تم تعليق التصريح الأمني الخاص بالسفير \"مارتن إنديك\" بسبب الاشتباه في انتهاكات للمعايير الأمنية في وزارة الخارجية. وفي السنة نفسها، وبحسب قول المتحدث باسم الوزارة \"ريتشارد باوتشر\"، تم تعليق التصاريح الأمنية الخاصة بخمسة موظفين آخرين في الوزارة بسبب انتهاكات السياسات الأمنية. وفي السنتين السابقتين، تم تعليق التصاريح الأمنية ل27 من العاملين في وزارة الخارجية لأسباب أخرى. \r\n \r\n وفي السفارات والبعثات الدبلوماسية الأميركية حول العالم، يتم تفتيش المكاتب يومياً لضمان حماية المعلومات السرية. والانتهاكات التي تتم بترك الخزائن غير مقفلة وحرق الأكياس دون الانتباه إلى محتوياتها وترك المعلومات السرية دون حماية، كل ذلك يتم الإبلاغ عنه وإذا تكرّر وكان خطيراً إلى حد كاف، فإن المسألة تُحال إلى واشنطن. \r\n \r\n ويبقى الإرهاب هو المشكلة رقم واحد. لكن هناك أيضاً قوى معادية موجودة وتحترف وضع اليد على أسرار الحكومة الأميركية. وهؤلاء يفعلون ذلك بأية طريقة تقتضيها الضرورة، بما في ذلك التجسس والتنصّت الإليكتروني أو تجنيد شخص ما في الداخل لكي يقوم بإخراج الأسرار. \r\n \r\n وأجهزة الإنذار وكاميرات المراقبة التلفزيونية والأجهزة الميكانيكية المصمّمة كلها لمنع عمليات التطفل، تكون كلها دون قيمة كبيرة إذا كان الشخص الذي بحوزته المعلومات السرية مهملاً أو يخالف الإجراءات الأمنية. وبعض الناس يفعلون ذلك، ويجلبون على أنفسهم وعلى أمن أمتهم عواقب خطيرة. ها أنا أعرف الموضوع جيداً. \r\n \r\n منذ سنوات عديدة، وعندما كانت الحرب الباردة ما تزال باردة تماماً، وعندما كان لي رأس كله مغطى بالشعر وكان وزني أكبر مما هو الآن بفارق يعادل نحو 12 باونداً، كنت موظفاً خاصاً لدى وزارة الخارجية وتم تعييني في السفارة الأميركية في مدينة بون كعنصر أمن إقليمي. ومن برلينالغربية إلى هامبورغ وميونيخ، رأيت أحسن وأسوأ جوانب أميركا قيد العرض عندما يتعلق الأمر بالامتثال للإجراءات الأمنية. وهذا ما يعيدنا إلى موضوع السيد \"بيرغر\". ففي عملية إصدار حكم بشأن قضيته، ينبغي أن تنطبق عليه تلك المسائل التي تنطبق على الآخرين. وباعتبار أن السيد \"بيرغر\" خرج من الأرشيف الوطني بمعلومات سرّية مؤلفة مّما يتراوح بين 40 و50 صفحة من الملاحظات، وباعتبار أنه أخفق في إبراز هذه الوثائق أمام مسؤولي الأرشيف بغية مراجعتها قبل مغادرته، فهل من الممكن بعد ذلك أن يؤتمن على المعلومات السرية؟ \r\n \r\n يقول مسؤولو الأرشيف إن \"بيرغر\" أعاد تلك الوثائق عندما اتصل به أحد عمال الأرشيف بخصوص الملفات المفقودة، لكن الوثائق الأخرى ما تزال مفقودة. وأخفق تفتيش بيته ومكتبه في تحديد موقع الوثائق المفقودة. فهل يثير هذا تساؤلاً حول استعداد \"بيرغر\" وقدرته على حماية المعلومات السّرية التي بحوزته؟ \r\n \r\n يقول محامي \"بيرغر\" إن ممارسات موكله كانت \"غير مقصودة\". ويحدث أن الأفعال غير المقصودة هي إحدى الشروط التي يمكن أن تثير المخاوف الأمنية وفقاً للخطوط الإرشادية الحكومية لدى النظر في الأنظمة الأمنية. حسنٌ، ما الذي دفع مسؤولي الأرشيف إلى بدء مراقبة \"بيرغر\" لدى تعامله بمعلومات سرية في غرفة خاصة لمراجعة الوثائق؟ قال مسؤولون مماثلون لصحيفة \"واشنطن بوست\" إن بعض الوثائق فُقِدت بعد زيارة \"بيرغر\" السابقة، ولذا قام موظفو الأرشيف بتشفير المعلومات والأوراق التي كان مهتماً بقراءتها، وذلك للمساعدة على الكشف عن اختفاء الأوراق عندما يحدث. وقام مصدر بإبلاغ صحيفة \"واشنطن بوست\" بأن تلك المعلومات اختفت من الملفات بعد إحدى زيارات \"بيرغر\". \r\n \r\n إن كلمة \"غير مقصود\" لا تعني تركيز الذهن على المسألة. وربما أن المصادر التي تُخبر \"واشنطن بوست\" بأن مسؤولي الأرشيف شهدوا بأن \"بيرغر\" كان يحشو الأوراق في ثيابه، ترى أن ذهن المستشار السابق لشؤون الأمن القومي كان مركّزاً بشكل مدهش على ما يفعل. وينكر \"بيرغر\" أنه حمل معه معلومات سرية في بنطاله. لكن بلوغ الحقيقة هو في الواقع، الأمر الذي يدور حوله كل هذا. \r\n \r\n وما يدور حوله النقاش ليس إحساس \"بيرغر\" بالظلم أو الارتباك، أو لعبة القبض بالجرم المشهود من جهة الجمهوريين، أو رغبة الحزب الديمقراطي في منح \"بيرغر\" ميّزة الشك لمصلحة المتهم لأنه واحد منهم. بل إن السؤال هو: هل كان انتهاك \"بيرغر\" للقوانين غير مقصود- هذا في أفضل الأحوال- أم أنه متعمد- وهذا في أسوأ الأحوال؟ وهل ينبغي اعتباره مسؤولاً عن ممارساته؟ أم أنه مهم جداً وصاحب ارتباطات بحيث تجب معاملته كأي شخص آخر؟ فما الجواب يا واشنطن؟. \r\n \r\n \r\n كولبيرت كينغ \r\n \r\n كاتب ومحلل سياسي أميركي \r\n \r\n ينشر بترتيب خاص مع خدمة \"لوس أنجلوس تايمز وواشنطن بوست\"