\r\n نعته الذين يعرفونه عن كثب بمختلف النعوت التي تراوحت ما بين »البطيء« و »الباهت« لكن الثقة التي كان ينتزعها من رؤسائه والولاء الذي يقدمه لهم جعلاه جزءاً لا يتجزأ من حكاية صعود دونالد رامسفيلد الى السلطة, في سبعينات القرن الماضي, شغل رامسفيلد منصب كبير موظفي البيت الابيض في ادارة جيرالد فورد في حين كان تشيني يعمل نائباً له, في تلك الايام اطلقت قوات الشرطة السرية على ديك تشيني اسماً رمزياً اختصر بكلمة واحدة كامل وضع تشيني. ذلك هو اسم: »المقعد الخلفي«. \r\n \r\n لكن شركة هاليبرتن قدرت جيداً قيمة تشيني, فمن خلال وجوده في منصب رئيس الشركة, توفرت لهاليبرتن اداة تأثير قوية في واشنطن. كانت حصيلة اعمال هاليبرتن من قبيل تعيين تشيني فيها في خريف عام 1995 معتدلة نسبياً, فبعد خسارتها لمبلغ 91 مليون دولار عام ,1993 عادت الشركة لتحقق الارباح عام 1994 بمجموع ربح عملياتي مقداره 236 مليون دولار, ومع المصدر الجديد للربح القادم من »برنامج الاضافة اللوجستية المدنية« عادت هاليبرتن, وشركتها الفرعية كيلوغ براون وروت الى صف الشركات الرابحة, وعلى الرغم من محدودية الربح الذي درته عليها عقود »برنامج الاضافة اللوجستية المدنية« فإن البرنامج نجح في اعادة ادماج شركة كيلوغ براون وروت بالماكنة العسكرية. \r\n \r\n جاءت الفرصة الكبيرة في شهر كانون الاول ,1995 بعد شهرين فقط من استلام تشيني لمنصبه كرئيس لمجلس ادارة هاليبرتن عندما قامت الولاياتالمتحدة بارسال الاف الجنود الى البلقان كقوة لحفظ السلام هناك. شاركت شركة كيلوغ براون وروت بالجهد الحربي في البوسنة وكوسوفو وقدمت الدعم للجيش الامريكي في عملياته في المنطقة وكانت المهمة ضخمة بحجمها وابعادها. \r\n \r\n من بين الامثلة على نوع العمل الذي ادته الشركة في البلقان يمكن الاشارة الى معسكر »بوندستيل«. كان المعسكر في السعة الى الحد الذي حمل مكتب المحاسبات العامة في الولاياتالمتحدة على وصفه بأنه كان »مدينة صغيرة« قامت الشركة ببناء الطرق, ونصب مولدات الكهرباء, واقامة شبكات المياه والمجاري, وانشاء المباني السكنية, وحقل جوي للطائرات العمودية, وسياجاً, وابراج حراسة, ومركز اعتقال, ويعتبر معسكر »بوندستيل« اكبر المعسكرات الخارجية الامريكية واغلاها كلفة منذ حرب فيتنام, وليس من باب المصادفة ان يكون المعسكر قد اقيم على خط مرور انبوب »آمبو« النفطي الذي يمر عبر البلقان مجتازاً البانيا ومقدونيا وبلغاريا, وهو انبوب النفط الحيوي الذي يصل منطقة بحر قزوين الغنية بالنفط ببقية انحاء العالم الخارجي, وكانت شركة كيلوغ براون وروت نفسها هي التي تولت تنفيذ المشروع التطبيقي الابتدائي لخط »آمبو«. \r\n \r\n برئاسة تشيني تضاعفت ارباح شركة كيلوغ براون وروت من اعمالها مع »برنامج الاضافة اللوجستية المدنية« من 144 مليون دولار عام 1994 الى اكثر من 423 مليون دولار عام ,1996 وكانت البلقان مصدر هذه الارباح الجديدة, وبحلول عام 1999 قارب المبلغ الذي يدفعه الجيش الامريكي للشركة في البلقان مبلغ المليار دولار. \r\n \r\n وقد اصدر مكتب المحاسبات العامة الامريكي في ايلول من عام 2000 تقريراً يوضح فيه وجود مشاكل خطيرة في مجال السيطرة على الكلفة في البوسنة, لكن شركة كيلوغ براون وروت ما زالت محتفظة بعقدها مع البنتاغون هناك لحد الان. \r\n \r\n في هذه الاثناء, كان تشيني منهمكاً في تطوير اعمال هاليبرتن في انحاء اخرى من العالم. وفي كلمة القاها عام 1998 من معهد كاتو, وجه تشيني الانتقاد الى الحكومة الامريكية لاعتمادها مبدأ التوسع في فرض العقوبات على الدول الاخرى. \r\n \r\n وكان تشيني يعارض بشكل خاص العقوبات المفروضة على كل من ليبيا وايران وهما البلدان اللذان كانت هاليبرتن تنفذ فيهما عقوداً للعمل بغض النظر عن العقوبات, وكان دور الشركة الاكثر اثارة للقلق هو الدور الذي لعبته في العراق. فما بين اضطلاع تشيني بمنصب وزير الدفاع وانتقاله الى منصب نائب رئيس الولاياتالمتحدة, تولى تشيني ادارة شركة هاليبرتن ورئاسة مجلس ادارتها في تلك الفترة التي كانت خلالها تلتف حول العقوبات الصارمة التي تفرضها الاممالمتحدة على العراق وتساهم في اعادة اعمار العراق واغناء جيوب صدام حسين. \r\n \r\n في ايلول ,1998 ابرمت هاليبرتن عقد ادماج رأسمالها مع رأسمال شركة »دريسر اندستريز« »وهي الشركة التي كانت اول مكان يعمل فيه جورج بوش الاب في مطلع حياته« لتصبح بذلك اكبر شركة لخدمات الحقول النفطية في العالم, وقد جلب العقد معه شراكة اثنتين من الشركات المتفرعة عن »دريسر اندستريز « كانتا تنفذان اعمالاً في العراق من خلال برنامج النفط مقابل الغذاء المثير للجدل. وكانت الشركتان المتفرعتان وهما شركة »دريسر راند« و »انجرسول دريسر« قد وقعتا عقوداً مع العراق بقيمة 73 مليون دولار لتوريد معدات انتاج نفطية. \r\n \r\n اثناء حملته الانتخابية لمنصب نائب الرئيس عام ,2000 اخبر تشيني الصحافة بأنه يتمسك »بسياسة صارمة, ضد التعامل مع العراق, وقد اقر بقيامه بالتعامل مع كل من ليبيا وايران, لكن \"العراق\" امر مختلف« على حد قوله, وفي مقابلة مع محطة ABC الفضائية, قال تشيني: »نحن لم نقم بأية اعمال في العراق منذ فرض العقوبات الدولية عام ,1990 وانا ملتزم بموقف صارم في عدم القيام بذلك«. \r\n \r\n بعد ذلك بثلاثة اسابيع, وجد تشيني نفسه مرغماً على الاقرار بروابطه التجارية مع العراق, لكنه ادعى جهله هو شخصياً بوجود تلك العلاقة, وقال للصحفيين انه لم يكن على اطلاع على اعمال شركة دريسر عام ,2000 في هذه الاثناء كانت الشركتان قد حققتا ربحاً مقداره 30 مليون دولار عن عملهما في العراق قبل انفصالهما. \r\n \r\n ظهر واضحاً ان الاندماج مع دريسر كان ذروة نجاحات تشيني في شركة هاليبرتن, لكنه لم يكن النجاح الوحيد, فقد خلف تشيني للشركة ارثاً ضخماً. اصبح ديفيد غريبين, كبير موظفي تشيني السابق, الراعي الرئىسي لهاليبرتن في واشنطن, كما تم تعيين الادميرال جو لوبيز القائد السابق للاسطول السادس كخبير للعمليات الحكومية في شركة كيلوغ براون وروت. وقد عمل الفريق الذي ادخله تشيني على الشركة على جعل شركة هاليبرتن واحدة من كبريات الشركات المتعاقدة مع الحكومة الامريكية, فقد تمكنت شركة كيلوغ براون وروت من مضاعفة حجم تعاقداتها الحكومية من 1.2 مليار دولار في السنوات الخمس التي سبقت تعيين تشيني مديراً لهاليبرتن الى 2.3 مليار خلال السنوات الخمس التي قضاها مديراً للشركة. اما شركة هاليبرتن الام فقد صعدت من الموقع الثالث والسبعين الى الموقع الثامن عشر على لائحة المتعاقدين الكبار مع البنتاغون. \r\n \r\n بعد احداث الحادي عشر من ايلول, وسعت شركة كيلوغ براون وروت نشاطاتها لتشمل العمل ضد اطار الحرب على الارهاب, حيث تولت بناء الف زنزانة اعتقال في غوانتانامو بكلفة 52 مليون دولار, ولم تجد الشركة صعوبة في تنفيذ هذه الصفقة حيث سبق لها القيام بالعمل نفسه في فيتنام قبل 35 عاماً. وعندما ارسلت القوات الامريكية الى افغانستان, كانت الشركة اول من وصل الى هناك. فقد تولت بناء القواعد الامريكية في باغرام وقندهار بكلفة 157 مليون دولار. وكما حدث في المرات السابقة, فإن رجال الشركة سبقوا رجال الجيش الى المواقع الجديدة في افغانستان. وكان من بين مهماتهم اعداد المعسكرات, واطعام الجنود, والتخلص من النفايات. وقد قاموا بكل هذه الاعمال بنفس الكفاءة والسرعة التي كان الجيش سيقوم بها. وكانت الارباح جيدة كذلك., لكنها لم تبلغ ما جاءت به حروب البلقان. \r\n \r\n بعدها, فازت هاليبرتن بعقد اعادة تأهيل البنية التحتية النفطية في العراق, وهو عقد لم يخضع لمناقصة ولم ينافسها عليها احد, انما احيل مباشرة الى هاليبرتن لانها كانت الشركة التي طورت, في الاساس, خطة اخماد حرائق ابار النفط في الكويت. \r\n \r\n عندما غادر ديك تشيني الشركة عام 2000 ليشغل منصب نائب الرئيس في ادارة جورج بوش اصر على انه قد قطع علاقاته بها وباع اسهمه فيها بمبلغ قياسي مقداره 30 مليون دولار, لكن دائرة البحوث في الكونغرس تعارض ذلك. اذ ما يزال تشيني يتلق رواتب »خاصة« من هالبيرتن منذ عام 2001 ومن المقرر ان يستمر دفع هذه الرواتب حتى نهاية عام .20050 \r\n \r\n عن »الغارديان« البريطانية