\r\n ففي حين يصعب تصنيف قادة حزب الليكود اليميني وحزب العمل اليساري كشركاء طبيعيين في الامور السياسية, وفشلا في العمل معا في الماضي, يبدو على رئيس الحكومة اريئيل شارون وزعيم حزب العمل شمعون بيرس, ان الواحد منهما بحاجة للاخر لانقاذ مخططات الفصل عن حياة واراضي الفلسطينيين. \r\n \r\n ذلك ان حقيقة ان قادة الليكود والعمل اخذوا يفكرون في موضوع تشكيل حكومة وحدة وطنية, توحي جديا بان الخلافات الايديولوجية التي ميزتهم, ذات يوم, عن بعضهم بصورة حادة, لم تعد على جانب من الاهمية ذاتها التي كانت عليها في السابق. \r\n \r\n وفي هذا الخصوص, يقول ابراهام ديسكين, استاذ العلوم السياسية بالجامعة العبرية في القدس, »ان الهوة بين الطرفين ليست بذلك العمق. فحزب العمل الذي اعتاد على المحاججة القائلة بانه اذا دفعت اسرائيل ثمنا عاليا على نحو كاف, سيتحقق السلام, قد انتهت الان. ففي الظرف الراهن, اعتقد ان كل شخص في اسرائيل يؤمن بان السلام حلم جميل, لكنه غير واقعي. بل انه حتى الصقور في الليكود يقولون ان »اسرائيل الكبرى« حلم جميل ايضا, ولكنه غير واقعي كذلك. وهكذا يعتقد الجميع بان على اسرائيل تقديم تنازلات كبرى, حتى بالسماح باقامة دولة فلسطينية, ولكن ذلك لن يجلب السلام«. \r\n \r\n وبدلا من ذلك, فان دوامة التطورات في اسرائيل تشير الى ان اسرائيل تهدف الى تحقيق شيء آخر.. وهو التعايش دون رعب. وهذ هو افضل ما يمكن ان يحصل عليه الكثيرون من الاسرائيليين, يساريين كانوا ام يمينيين, على المدى القصير على الاقل. \r\n \r\n وفي رأي العديد من الاسرائيليين, فان ذلك هو مجمل السبب لبناء الجدار المثير للجدل عبر اراضي الضفة الغربية, وهو السبب الداعي الى التوجه نحو الانسحاب, من جانب واحد, من قطاع غزة, ومن بعض اجزاء الضفة الغربية, كما انه هو السبب الذي جمع بين هذا الزوج, شارون وبيرس صعبي المراس, وراء عجلة المقود. وفي هذا المجال, كتب يوعيل ماركوس في صحيفة هاآريتس يقول: »من الناحية الحسابية, شارون بحاجة الى حزب العمل في الحكومة لسبب واحد فقط, هو فك الارتباط«. \r\n \r\n ومهما يكن من امر, فان المفاوضات الخاصة بتشكيل حكومة وحدة وطنية, والتي بدأت بشكل جدي بعد قرار محكمة العدل الدولية التابعة للامم المتحدة, بعدم شرعية الجدار الذي تبنيه اسرائيل في الضفة الغربية, تتعرض لخطر الانغماس في النزاعات الداخلية الكلاسيكية في اسرائيل, اي في وحول الانقسامات بين الدوائر العلمانية والدينية, وكذلك الخلافات حول اتباع سياسات اقتصادية رأسمالية ام اشتراكية. \r\n \r\n فبعيد اتصال شارون بحزب العمل, وهذا الاخير كان خارج السلطة منذ ثلاث سنوات خلت, فتح رئيس الحكومة مباحثات مع حزبين دينيين محافظين, هما شاس واليهودية التوارتية الموحدة. وقد اثارت خطوة شارون بإشراك الاحزاب الارثوذكسية المتطرفة في الائتلاف المزمع تشكيله, حفيظة اعضاء في حزب العمل, المتشائمين اصلا, والمتشككين الى ابعد الحدود بنوايا شارون. \r\n \r\n فحزب العمل, الذي قاد اسرائيل الى اتفاقات اوسلو, لا يريد لبيرس ان يظهر بالراغب صراحة في تقدم المساعدة لشارون, وفي الوقت ذاته, فان اعضاء حزب العمل حريصون على احراز تقديم ما في عملية السلام الفاشلة, وكثيرون منهم يؤيدون خطة شارون لفك الارتباط اكثر من تأييد اعضاء حزب شارون لها. \r\n \r\n وما ان تتقدم هذه المفاوضات, حتى تبرز ايضا خلافات متوقعة حول السياسة الاجتماعية - الاقتصادية المتبعة في ظل حكم شارون. فوزير المالية فيها, وهو رئيس حكومة سابق, بنيامين نتنياهو, من مؤيدي سياسة الاقتصاد الحر, الذي قلص العديد من برامج الرفاه الاجتماعي, وغيرها من مخصصات الانفاق الاجتماعي الحكومي, الامر الذي يجعل منه خصما رئيسا لعامر بيريتز, احد الزعماء المتوقدين في اتحاد النقابات, والذي يوصف في الكثير من الاحيان بانه خليفة بيرس. وعلى الرغم من اندماج كتلة بيريتز, المعروفة باسم »امة واحدة«, في حزب العمل مؤخرا, فقد اعلن يوم الثلاثاء الماضي بانه سيظل في صف المعارضة, حتى لو انضم حزب العمل الى الحكومة. \r\n \r\n وهناك ايضا توترات متعلقة بوتيرة الانسحاب. فعلى الرغم من ان بعض اعضاء حزب العمل يودون ان يتم ذلك باسرع مما يرغب فيه شارون, الا انهم قبلوا على مضض الجمع بين بناء جدار في الضفة الغربية وازالة مستوطنات في غزة, على انه نوع من الاعتراف بالتسوية على اساس الارض مقابل السلام, التي طالما دافعوا عنها. وفي هذا الشأن, قال ديسكين: »اعتقد ان شارون ماض قدما بالرغم من استحالة تشكيل الائتلاف القائم في ذهنه. فالجدار قائم هناك لانه جزء من فك الارتباط, وهو من الناحية الواقعية يتخلى عن جزء من المناطق المحتلة«. \r\n \r\n ومع كل هذا, فذلك غير كاف لارضاء الفلسطينيين وغيرهم من معارضي بناء الجدار. وقد غدا واضحا اكثر ان اسرائيل ستنقل اجزاء من مساره ليقترب اكثر من »الخط الاخضر«, اي الى حدود اسرائيل قبل عام .1967 وفي هذا الصدد, ذكرت تقارير وسائل الاعلام الاسرائيلية بان الجيش سيعيد رسم خط الجدار ليدنو الى حدودها المعترف بها دوليا, وبانه سيضع خطوطا عامة ارشادية تضمن للفلسطينيين عدم انفصالهم عن مزارعهم وبساتينهم, تبعا لقرار المحكمة العليا الاسرائيلية الصادر في الشهر المنصرم.0 \r\n \r\n عن صحيفة كريستيان ساينس مونيتور