\r\n كل من الهند وتركيا ترى نفسها ضحية «للارهاب الاسلامي» وكان ينظر اليهما كحليفين طبيعيين لاسرائيل صاحبة النفوذ القوي في واشنطن وصاحبة صناعة السلاح المتطورة التي يحاول هذان البلدان الاستفادة منه‚ لكن الحكومة الاسلامية الجديدة في تركيا انتقدت بشدة الحكومة الاسرائيلية على العمليات التي يقوم بها الجيش الاسرائيلي ضد الفلسطينيين في قطاع غزة وهي في نفس الوقت تتقاطع مصالحها وتطلعاتها مع المؤسسة العسكرية التركية القوية التي مارست ضغوطا قوية للغاية من اجل ابرام اتفاقية دفاع مع اسرائيل في 1996‚ \r\n \r\n لم يتراجع اردوغان عن انتقاداته لاسرائيل حتى عندما قابل وزير البنية التحتية الاسرائيلي يوسف بارتسكي عندما قال ما الفرق بين ان يقتل الارهابيون مدنيين اسرائيليين وان يقتل اسرائيليون مدنيين فلسطينيين؟ \r\n \r\n ويوجه اردوغان جام غضبه على شارون وحكومته بصفة خاصة ولكن ذلك لم يمنع احد الصحفيين الاتراك من القول من الواضح ان التحالف الاستراتيجي مع اسرائيل يشهد فترة اهتراء‚ وقد سحبت تركيا سفيرها لدى اسرائيل مؤخرا لفترة قصيرة احتجاجا على وحشية اسرائيل ضد الفلسطينيين‚ \r\n \r\n في 24 يونيو منعت السلطات التركية قوات الامن الاسرائيلية من العمل في مطار استنبول مما ادى الى نشوب ازمة ادت الى التشويش على الرحلات الجوية من والى اسرائيل لمدة اسبوعين‚ ولكن الصراع يذهب اعمق من ذلك بكثير‚ فقد تحدث تقرير اميركي عن ان المخابرات الاسرائيلية تعمل في شمال العراق وسط الاكراد من اجل دفعهم للتسلل الى سوريا وايران لتحقيق مكاسب في فترة ما بعد عهد صدام مما ادى الى اثارة قلق انقرة‚ فتركيا لا تريد للعراق ان يتحطم لان ذلك يعني دفع الاكراد بعيدا عنه وليس خافيا على احد ان اسرائيل تريد عراقا ضعيفا غير مركزي‚ \r\n \r\n التقارير تتحدث عن قيام اسرائيل بتدريب وحدات من قوات الكوماندوز الكردية في شمال العراق وتشجيع تلك الوحدات على التسلل الى ايران‚ واحدى مهام تلك الوحدات رصد برنامج الاسلحة النووية الايرانية تمهيدا على ما يبدو لتوجيه ضربة اسرائيلية اجهاضية ضد هذه المنشآت يوجهها سلاح الجو الاسرائيلي‚ وتعتقد اسرائيل ان امام ايران فقط عاما واحدا لتحقيق اختراق في برنامجها النووي وهي ايضا تسارع الخطى لتطوير صواريخ «شهاب» التي تمتلكها‚ هذه التقارير على درجة عالية من الدقة مما يعني ان المشاكل بدأت تلوح في سماء المنطقة‚ \r\n \r\n ونفت اسرائيل انها تعمل في كردستان العراق وتحاول مع الولاياتالمتحدة التقليل من اهمية الانتقادات التركية بالقول ان هدف هذه الانتقادات طمأنة الرأي العام التركي المعادي لاسرائيل‚ ولكن بالنسبة للاتراك فان اسرائيل مذنبة حتى تثبت براءتها‚ \r\n \r\n وتعتقد اسرائيل ان التحرك التركي للانضمام الى الاتحاد الاوروبي الذي لا يعتبر صديقا حميما لاسرائيل هو السبب الذي يدفع تركيا لتوجيه الانتقادات اليها بصورة متزايدة‚ \r\n \r\n وسعت اسرائيل لتجنب صدع مفتوح في العلاقة مع تركيا‚ وورد في مقال افتتاحي في صحيفة «هآرتس» العبرية في 13 يوليو الجاري «من الاهمية بمكان الآن اكثر من اي وقت مضى الاحتفاظ بعلاقة جيدة مع تركيا من اجل اظهار انه لا يوجد هناك بالضرورة ما يمنع احتفاظ بلد مسلم بعلاقات جيدة مع اسرائيل»‚ \r\n \r\n والحقيقة ان التخبط الاميركي في العراق يدفع جيران هذا البلد كلا من تركيا وسوريا وايران الى حمل السلاح تخوفا من تطورات وتداعيات الفوضى الضاربة اطنابها في العراق والاستعداد لما قد يطرأ خلال الاشهر القادمة‚ \r\n \r\n ان تدهور العلاقات بين تركيا واسرائيل وهما قوتان غير عربيتين في المنطقة اثار قلقا خطيرا في اوساط ادارة بوش بسبب تخوفها من ان يؤدي ذلك الى انهيار تحالفاتها الاستراتيجية في الشرق الاوسط وهي عنصر اساسي في الحرب التي تشنها واشنطن على الارهاب وهو شيء ليس بمقدور اميركا تحمله‚ ان الولاياتالمتحدة الساعية لتقوية نفوذها في الشرق الاوسط وآسيا شجعت بل وعملت على تقوية علاقات اسرائيل مع تركيا والهند‚ \r\n \r\n وقد اثار الرئيس بوش قضية الاحتقان القائم في العلاقة بين تركيا واسرائيل مع اردوغان خلال قمة الناتو التي عقدت في استنبول في يونيو وحثه على تطبيع العلاقات مع الدولة العبرية من اجل «مصلحة الاستقرار الاقليمي»‚ \r\n \r\n ويبدو ان اردوغان الذي وصل الى السلطة في عام 2002 بدعم شعبي واسع مصمم على التحرك بتركيا في اتجاهات جديدة‚ فقد رفض طلب شارون القيام بزيارة رسمية لتركيا كما انه لم يقم لا هو ولا وزير خارجيته بزيارة اسرائيل‚ كذلك رفض اردوغان مقابلة نائب رئيس الوزراء الاسرائيلي ايهود اولمرت لدى زيارته انقرة مؤخرا متعللا بانه مشغول بزواج ابنته ولكنه قابل رئيس الوزراء السوري محمد ناجي بعدها بأيام‚ \r\n \r\n وتبذل حكومة اردوغان جهودا دبلوماسية كبيرة من اجل تعزيز العلاقات مع الدول العربية والاسلامية التي تضررت كثيرا بعد التوقيع على الاتفاق العسكري مع اسرائيل في 1996‚ وقد سوت تركيا مشاكلها المعلقة مع سوريا كما انها تسعى لتطبيع علاقاتها مع ايران‚ \r\n \r\n في الهند فان افول نجم حزب «بهارتيا جاناتا» القومي المتطرف بعد الانتخابات البرلمانية في مايو يشكل نكسة لخطط اسرائيل لتوسيع نفوذها في شبه القارة الهندية من اجل احتواء باكستان وما تمتلكه من برامج نووية وصاروخية والدخول ايضا الى الجمهوريات الاسلامية في آسيا الوسطى للالتقاء هناك مع الاميركيين‚ فحزب جاناتا كان من كبار المشترين للسلاح الاسرائيلي كما انه سعى للاستفادة من الخبرات الاستخبارية الاسرائيلية في مجال الاستخبارات المضادة واقام علاقات وطيدة غير مسبوقة مع الدولة اليهودية‚ \r\n \r\n لكن الحكومة الجديدة تحت قيادة حزب «المؤتمر» التي ناصرت القضايا العربية خلال حقبة الحرب الباردة ذكرت انها ستأخذ بمفهوم اكثر توازنا في الشرق الاوسط وبالتالي لا يتوقع منها ان تكون محابية لاسرائيل على غرار حزب جاناتا‚ \r\n \r\n الفضيحة الاخيرة التي عصفت بوكالة الاستخبارات الهندية حيث تمكنت ال «سي‚آي‚إيه» من تجنيد احد كبار الهنود لصالحها وتمكن من الفرار الى الخارج بعد ان بدأت حلقة التحقيقات تضيق حوله اثارت المخاوف في الهند على جميع المستويات من ان المخابرات الاميركية والاسرائيلية قد تمكنت من اختراق المخابرات الهندية‚ وتتحدث تقارير الاستخبارات الآسيوية عن قيام اسرائيل والولاياتالمتحدة بتجنيد عناصر من المخابرات الهندية لدى حضورها دورات تدريبية في اسرائيل في السنوات الاخيرة ويبدو انها نجحت في ذلك في بعض الحالات‚ \r\n \r\n كل هذا بالتأكيد سيسبب المزيد من الضرر للعلاقات الهندية الاسرائيلية‚ وفي هذا الوقت لا يوجد هناك توقعات بشأن قيام اي من انقرة او نيودلهي بقطع علاقاتها مع اسرائيل‚ ولكن من الواضح ان العلاقات بين هذين البلدين والدولة العبرية لم تعد حميمة او دافئة بسبب الوحشية الاسرائيلية في التعامل مع الفلسطينيين وبسبب العراق‚ وليس من الواضح ما اذا كان سيؤدي هذا الى كبح جماح شارون ولكن هناك تغييرات كبيرة بدأت تلوح في الافق وستحل علينا في المستقبل القريب‚ \r\n