وفي حين أن المؤتمر الوطني للحزب الجمهوري لن يعقد قبل مرور ستة أسابيع أخرى، فإن زعماء الأميركيين العرب الديمقراطيين وناشطيهم هم في طريقهم الآن إلى \"بوسطن\"، لبدء الاجتماع الوطني لحزبهم. وسيشمل وفد الأميركيين العرب الديمقراطيين المتجهين إلى واشنطن 45 موفداً. علماً بأن هؤلاء الموفدين قد جاءوا من25 ولاية وهو ما يعكس التنوع واسع النطاق الذي يوجد داخل المجتمع الأميركي العربي، كما يعكس أيضا النمو المتواصل والنضج الذي وصل إليه هذا المجتمع في العملية السياسية. \r\n \r\n وفي \"بوسطن\" أيضاً سيستضيف المعهد الأميركي العربي- كما تعود منذ مؤتمرات الحزب الديمقراطي والجمهوري التي عقدت منذ عام 1988- عدداً من الفعاليات المخصصة لتعريف باقي قيادات الحزب بالتراث الغني للأميركيين من أصل عربي وتعريفهم بالمسائل التي تهم الجالية أيضاً. \r\n \r\n ومشاركة الجالية الأميركية العربية في تلك المؤتمرات تتم على خلفية نتائج الاستفتاءات التي أعلنت مؤخراً، والتي تبين التحول المستمر في تأييد الأميركيين من أصل عربي من \"بوش\" إلى \"كيري\". وهذا الاستطلاع الذي أجرته مؤسسة \"زغبي إنترناشيونال\" للناخبين العرب في أربع ولايات، تعتبر من بين الولايات المهمة في حسم نتيجة انتخابات هذا العام وهي \"ميتشجان\" و\"أوهايو\" و\"بنسلفانيا\" و\"فلوريدا\"، يبيِّن أن نسبة تفوُّق \"كيري\" على \"بوش\" قد ارتفعت من 24 في المئة إلى 54 في المئة وأن هناك 21 في المئة من الأميركيين العرب لم يحسموا أمرهم بعد، أو يقومون بدعم مرشحين آخرين غير \"بوش\" و\"كيري\". \r\n \r\n وهذا التحول في موقف الناخبين منذ عام 2000 يعتبر كبيراً للغاية. إذا يكفينا أن نعرف في هذا السياق أنه من بين 510 آلاف من الناخبين الذين اشتركوا في هذا الاستطلاع في الولايات الأربع فإن هناك 225 ألف أميركي عربي قد تحولوا من صفوف الجمهوريين إلى صفوف الديمقراطيين وبالتالي من تأييد \"بوش\" إلى تأييد \"كيري\". \r\n \r\n وهناك شيء أهم تشير إليه نتيجة ذلك الاستفتاء، وهو أنه على رغم أن الأميركيين العرب لم يتعرفوا بعد على \"كيري\" بشكل جيد، ولازال يساورهم القلق بشأن سياساته الشرق أوسطية، إلا أن نفورهم من سياسات \"بوش\" الخاصة بفلسطين والعراق والحريات المدنية قد بلغ حداً دفعهم إلى رفض تأييده. \r\n \r\n بشكل عام تشير نتيجة الاستطلاع إلى أن 24 في المئة فقط من الأميركيين العرب هم الذين يعتقدون أن \"بوش\" لازال يستحق أن يعاد انتخابه، في حين يعتقد 69 في المئة منهم أن( الوقت قد حان لظهور شخص آخر جديد). ويوافق 27 في المئة فقط من العرب الأميركيين على طريقة أداء \"بوش\" لمهام وظيفته. النقطة الأكثر دراماتيكية هي أن 9 في المئة فقط من العرب الأميركيين يوافقون على ما يقوم به بوش بخصوص حل الصراع الإسرائيلي - العربي. \r\n \r\n وهناك نتائج أخرى تم التوصل إليها من خلال الاستطلاع وكلها تشير إلى أنه في حين أن \"كيري\" يحظى في الوقت الراهن بنسبة تأييد تصل إلى 54 في المئة من أصوات الناخبين الأميركيين العرب، فإن هذه النسبة مرشحة للتصاعد، وخصوصا إذا ما قام \"كيري\" بتوضيح مواقفه بشأن المسائل المتعلقة بقضية الشرق الأوسط والتي أقنعت الأميركيين العرب المترددين بتأييد ترشيحه للرئاسة. \r\n \r\n ولذلك فإنه عندما يخرج الأميركيون العرب الديمقراطيون من مؤتمرهم، فإنهم سيمضون قدماً نحو نوفمبر المقبل وهم على قناعة بأن مجتمعهم يتحرك في الاتجاه الصحيح، بالإضافة إلى أنهم سيدركون المسؤولية التي يتعين عليهم تحملها من أجل جعل القيادة الديمقراطية أكثر حساسية تجاه هموم ومشاغل مجتمعهم. \r\n \r\n والمزاج النفسي بالنسبة للأميركيين العرب من الجمهوريين سيكون مختلفاً وذلك عند حضورهم لمؤتمر حزبهم الذي سيعقد في مدينة \"نيويورك\" في نهاية شهر أغسطس المقبل. وفي هذا المؤتمر سيكون حجم وفد الأميركيين العرب إلى المؤتمر أصغر مقارنة بحجم وفدهم إلى مؤتمر الحزب الديمقراطي. وهذا أمر منطقي وخصوصاً إذا ما وضعنا في حسباننا أن العدد الإجمالي للموفدين الجمهوريين كان يمثل نصف عدد الموفدين الديمقراطيين لمؤتمر حزبهم. \r\n \r\n مع كل التحديات التي تنتظر العرب الأميركيين فإن الشيء المهم هو أنه عندما تصل الحملة الانتخابية لعام 2004 إلى ذروتها فسيتبين للجميع أن الأميركيين العرب قد أصبحوا شركاء كاملين في المسؤولية، وهو ما يعني حينئذ أنهم قد قطعوا شوطاً كبيراً مقارنة بالماضي حيث كانوا منذ فترة ليست بالبعيدة مجتمعاً غير معروف، وممثلاً بشكل أقل مما ينبغي، بل ومستبعداً في الكثير من الأحيان.