انتصرت الواقعية السياسية وانهارت إصلاحات واشنطن

\r\n
الكثير كتب عن كيف سيستخدم بوش هذه المبادرة كمطرقة لفرض التغيير على العالم العربي‚ كان هذا الوضع قبل ان تتراجع واشنطن امام الضغوط الاوروبية والعربية لتتبنى خطة مسخا تتحدث عن الاصلاح بخجل في الوقت الذي تتجنبه فعليا وكأنها أصبحت غير معنية به على الاطلاق‚
\r\n
\r\n
ان التغيير واضح للغاية عندما نقارن الرؤية الاولى التي طرحت مع ما آلت اليه هذه الرؤية الآن‚ الرؤية الاولى تحدثت عن وجود عجز في الحرية والمعرفة وحقوق النساء مما شكل مصدر تهديد للمصالح الوطنية لمجموعة الثماني‚ وبالنسبة لتلك الرؤية فإنه طالما بقي هذا الاقليم - الشرق الاوسط - يشكل حوضا يتجمع فيه افراد ناقمون سياسيا وساخطون اقتصاديا فإننا سنشهد زيادة في التطرف والارهاب والجرائم الدولية والهجرة غير الشرعية‚
\r\n
\r\n
الرؤية المعدلة للخطة التي صدرت في الولايات المتحدة قبل ثلاثة أسابيع والتي ادخل عليها ايضا تعديلات من قبل قمة مجموعة الثماني تغير المدخل تماما‚
\r\n
\r\n
وكل ما تقدمه الخطة الآن هو مجرد «عرض فضفاض من المساعدة يمكن ان يستفيد منه الاصلاحيون وقد اشير الى الخطة على انها خطة ديناميكية تسعى لتوسيع وتطوير - مع مرور الوقت - الحكومات والتجارة والمجتمع المدني في المنطقة من اجل تحديد التحديات وتطوير اجراءات تساعد الاصلاحيين في مواجهة تلك التحديات‚
\r\n
\r\n
في البداية رأت المبادرة الاصلاح العربي كمتطلب امني قومي غربي بسبب تأثير هجمات 11 سبتمبر 2001 والاعمال الارهابية التي تلت في اوروبا‚ ثم تحولت الى مجرد خطوط عريضة لا تسمن ولا تغني من جوع‚ ان تحييد الخطة الاميركية قد قوبل بالترحاب والحبور في اوروبا: وقد صور احد كبار المسؤولين في بروكسيل ما حدث بالقول «بدأت الرؤية كمبادرة اميركية ولكننا نجحنا في تشكيلها بطريقة تتمشى مع افكارنا المتعلقة بالتعامل مع منطقة الشرق الاوسط»‚
\r\n
\r\n
ما الذي يعنيه هذا بالضبط؟
\r\n
\r\n
يعني ان الاصلاح سيقوم بصورة اساسية على فكرة الشراكة والحوار الطويل الأمد وعلى فكرة انه لا يوجد هناك ثوب يناسب مقاسه الجميع‚
\r\n
\r\n
بهذه الكلمات التافهة ساعدت اوروبا في هزيمة الجهد الوحيد الجدي الذي بذل على مدار نصف قرن من اجل فتح العالم العربي على العالم‚
\r\n
\r\n
الاغبياء وحدهم هم من يعتقدون انه كان بامكان «الحوار» تجنب الهجمات على محطات القطارات في مدريد التي ادت الى مقتل 200 شخص‚ ان دعم اوروبا «للشراكة» لا تشكل سوى دعوة لاستمرار المأزق في الشرق الاوسط حيث يسود قانون القوة‚
\r\n
\r\n
فالانظمة العربية ستحتضن الحوار وستتحدث عن الاصلاح الى ما شاء الله ما دام ان مثل هذا الحديث يضمن استمرار بقائها في السلطة‚
\r\n
\r\n
الشيء اليتيم الذي خرجت به الادارة الاميركية حاليا بعد كل هذه التراجعات هو انها تحب ان يتم الاصلاح العربي ولكنها لن تفرضه‚
\r\n
\r\n
لقد انتصرت الواقعية السياسية وبامكان الطواغيت العرب الآن ان يناموا ليلهم الطويل دون انزعاج‚ الآن كل ما ستفعله واشنطن هو مغازلة ومحاباة الدكتاتوريين في المنطقة وتجاهل كل المآسي والكوارث التي ادت اليها سياساتهم وهو امر لم يضر العرب وحدهم بل الحق الضرر بكل من له علاقة بهم‚
\r\n
\r\n
ان على واشنطن ان تعلم ان الانظمة العربية لن تقدم على انتهاج اي طريق للإصلاح ولو كان شكليا لانها وبكل بساطة لا تريد ان تفتح الباب على نفسها لاجراء اصلاحات شكلية تجر الى اصلاحات فعلية يمكن ان تساهم في سقوطها‚
\r\n