هذا المشروع الذي يكلف 1.26 مليار دولار، هو المرحلة الاخيرة في حملة لم تسلط عليها الاضواء يقوم بها بعض كبار المسؤولين في ادارة الرئيس جورج بوش وبعض اعضاء الكونغرس ومؤيديهم في مجال الدفاع، لاستخدام اسلحة نووية صغيرة الحجم بدلا عن الصواريخ الضخمة التي عفا عليها الزمن والتي ترجع الى فترة الحرب الباردة. وقد رفض كل من البيت الابيض ووزارة الدفاع التعليق على هذا المشروع، وقالت كريستين كوشيا، المحللة بهيئة الحد من انتشار الاسلحة: «منذ بداية ادارة بوش، شهدنا اهتماما متزايدا بالاسلحة النووية» القابلة للاستخدام وكان المحلل في شؤون الدفاع وليام آركين، قد ذكر في مقال في 26 يناير (كانون الثاني) الماضي، ان هناك قرارا يدعو الى بحث الدور الذي يمكن ان تلعبه الاسلحة النووية في الحرب ضد العراق. وأوردت «واشنطن تايمز» الاسبوع الماضي ان الرئيس بوش وافق على استخدام الاسلحة النووية كواحد من الخيارات في الرد على أي هجوم محتمل باسلحة الدمار الشامل، سواء كان ذلك الهجوم ضد الولاياتالمتحدة او حلفائها. ويقول المدافعون عن استخدام الاسلحة النووية، ان تطوير هذه الاسلحة التكتيكية الاصغر حجما والنظم المناسبة لاطلاقها، هو وحده الكفيل بردع الدول المارقة والمنظمات الارهابية. ويقول هؤلاء ان الاسلحة النووية الاستراتيجية الموجودة حاليا لديها مقدرة تدميرية هائلة بحيث لا يمكن استخدامها كرادع ضد عدو مثل صدام حسين. ويقول هؤلاء ان الولاياتالمتحدة لا يمكن ان تستخدم اسلحة «مدمرة للمدن» ضد المجموعات الارهابية او الاعداء الاقليميين وخاصة في منطقة حساسة مثل الشرق الاوسط ومن الناحية الاخرى يقول المعارضون للاسلحة النووية ان انتاج المزيد منها يغري باستخدامها ويكسر دائرة التحريم المضروبة حول استخدامها على مدى نصف قرن، ويشجع الدول الاخرى على البحث عن اسلحتها النووية الخاصة. ويضيف محللون آخرون ان الدراسات التي جرت مؤخرا توضح ان الاسلحة النووية الصغيرة نفسها تسبب دمارا عرضيا كبيرا وتسبب صدمات سياسية واسعة تجعل استخدامها غير عملي. وقالت كريستين كوشيا «ان الاسلحة النووية ظلت مدخرة منذ عقود باعتبارها اسلحة الملاذ الاخير». واذا وضعنا هذه الاسلحة في نطاق الاسلحة القابلة للاستخدام، فاننا نكون قد ادخلنا تعريفا جديدا لم يسبر غوره من قبل، واعتقد بصراحة ان سبر غوره ليس بالامر المفيد. ومع ان دعاة بحث المجالات الجديدة لاستخدام الاسلحة النووية يعتقدون انها ستحظى باستخدامات واسعة الا ان تدمير الأنفاق تحت الارض اصبح هو نقطة التركيز في هذا الجدل. ومن الواضح ان البرنامج الجديد الذي صاغته وكالة خفض المهددات الدفاعية وأوردت تفاصيله في وثيقتين بتاريخ 29 يناير، يعكس هذا التركيز. تقول احدى هاتين الوثيقتين: «بذل الاعداء المحتملون في السنوات الاخيرة جهودا مضنية لحماية انفسهم من الهجمات الجوية الاميركية، وذلك عن طريق اخفاء البنيات التحتية الهامة، بل واسلحة الدمار الشامل، داخل الانفاق العميقة تحت الارض، او عن طريق تعزيز السقوف الحامية لهذه الاسلحة، وتضيف الوثيقة ان القوات المسلحة «مطالبة بالتفكير في استخدام الاسلحة النووية ضد هذه الاهداف العصية وتقييم نتائج هذا الاستخدام. لكن روبرت نيلسون، عالم الفيرياء النووية بجامعة برنستون، واحد كبار اعضاء مجلس العلاقات الخارجية، يقول بعد ان درس الموضوع ان استخدام الاسلحة النووية في تدمير الانفاق العميقة ليس عمليا. ويقول ان الاسلحة النووية مهما صغر حجمها ستطلق اشعاعات وغبارا ذريا يمكن ان يبيد عشرات الآلاف من الناس اذا فجرت هذه الاسلحة في مواقع تحت الارض ولكنها قريبة من المناطق الحضرية. ويضاف الى ذلك ان الاسلحة النووية لا يمكن الاعتماد عليها لتدمير مواد كيماوية او بيولوجية او نووية مخبأة عميقا تحت الارض. وثمة احتمال كبير ان يكون اثر الاسلحة النووية هو نشر المواد المخبأة على اوسع نطاق، وقال نيلسون ان المشكلة هي ان الاسلحة التي تنفذ الى داخل الارض لتدمير هدف عميق، لا يمكن ان تفعل ذلك بدون تكوين ثقب كبير على السطح تنطلق منه المواد المشعة في الجو. لكن دعاة ومؤيدي استخدام الاسلحة النووية يأملون ان تكتشف الوسائل التي تساعد على نفاذها الى الاعماق بحيث لا يكون هناك مجال لانطلاق المواد المشعة وبحيث يكون ممكنا تدمير المواد السامة. والجدير بالذكر ان مصممي الاسلحة الاميركيين ظلوا يدرسون القنابل النووية الثاقبة للأرض منذ الخمسينات، لان مثل هذه القنبلة اذا استطاعت النفاذ الى داخل الارض حتى ولو الى مسافة قصيرة فان قوتها التدميرية ستكون هائلة. وكان هدف المصممين هو بناء قنابل نافذة الى الاعماق بحيث يكون بمستطاعها تدمير مخابئ الصواريخ السوفيتية. وقد تمكن بعض نواب الكونغرس العام الماضي من الحصول على 45 مليونا من الدولارات خصصت لبرنامج بحث لانتاج «سلاح قوي يخترق الأعماق». \r\n * خدمة «لوس انجليس تايمز» خاص ب«الشرق الأوسط»