كشفت الكلمة التي ألقاها المستشار ماهر سامي، نائب رئيس المحكمة الدستورية العليا، ضمن مراسم قسم اليمين الدستورية للسيسي ، عن إعلان رسمي من قبل رموز الدولة العميقة (قضاة – جيش – شرطة – أصحاب مصالح) عن تدشين جمهوريتهم ، ودفن رسمي لثورة 25 يناير. ولاحظ مراقبون تباين كلمة "ماهر سامي" عن كلمته السابقة وقت تولي الرئيس محمد مرسي رئاسة مصر عام 2012 وأداء القسم في نفس المحكمة الدستورية. المستشار سامي اقتبس عبارة قالها الدكتور عوض المر، الرئيس الأسبق للمحكمة الدستورية، خلال حكم مبارك ، من إحدى مدوناته عن ثوابت المبادئ الدستورية زعم فيها أنه : «إذا لم توفق الثورة أوضاعها مع المفاهيم والقيم الدستورية، عبر أطر دستورية ثابتة، وكانت تعبيرا في نشاطها ومناهجها عن توحشها من خلال السلطة التي تستبد بها، وبنقض ما توقعه الشعب منها، فإن طاعتها لا تكون واجبة عليه، فيكون له الحق في التمرد عليها وعصيانها وإزاحتها من مقاعد السلطة.. تلك هي الثورة على الثورة وأن 30 يونيو نموذج حي يجسد مقولة الراحل الكريم". وأضاف المستشار ماهر سامي : «استطاعت ثورة 25 يناير المجيدة، أن تهز أركان نظام قائم وقتها، وأن تدك عروشه وقلاعه المتصّدعة الهاوية، لكن أصحابها لم يمكثوا في الميدان ورحلوا عنه بعد أن تفرقت بهم السبل وقبل أن يحققوا ما ثاروا من أجله، ووقعت الثورة أسيرة في قبضة جماعة انقضت عليها وفتكت بها ومزقتها أشلاء، بمثل ما مزقت جسد الوطن كله». وأكمل : «لم تكن ثورة 30 يونيو مغامرة أوحت بها دفقة مشاعر أو انفعالات وطنية جارفة، ولم تكن إنقلابا عسكريا كما روج بعض المرجفين، لكنها كانت ثورة شعب، ضاق بما حل به من خراب وتعرض له من غدر وظلم وحكم جائر، حتى لم يبق في قوس الصبر منزع .. في لحظة الخطر الداهم الذي ألم بالوطن، وهدد بسقوط ينذر بدماره بعد أن تطايرت إليه شرارات لهيب الفتن وشرور أعداء الوطن، احتضن الجيش الشعب مصغيا لدقات قلوب المصريين، التي احترقت بزفرات الغضب والألم، وخفق قلب القائد وجنوده متوحدا مع نبض المصريين، وانصهر الاثنان في سبيكة واقية، تزيح من أمامه كل أنظمة القهر والاستبداد، هذا هو 30 يونيو الذي جئنا نحتفل به اليوم». كلمة مضادة أيام مرسي وجاءت كلمة المستشار نفسه ضمن مراسم اليمين الدستورية للرئيس محمد مرسي، قبل عامين، مختلفة تماما ، وتحتفي بثورة 25 يناير، وبتأسيس ما أسماه الجمهورية الثانية، واصفا أول انتخابات تعددية بعد الثورة أنها «مناسبة غالية إلهية التدبير، سخت بها المقادير، وصاغتها عزيمة لشعب حسبناه غافلا، فانتفض بالثورة على الظلم والظالمين والطغاة والفاسدين». نفس المستشار أضاف خلال حفل أداء الرئيس مرسي اليمين الدستورية قبل عامين : «إن المحكمة الدستورية تغمرها مشاعر السعادة والزهو والرضا، بإسهامها في إعلاء الشرعية الدستورية»، مضيفا أن المحكمة تعلمت وتعلم قضاتها بأنه ليس بالدساتير وحدها تحيا الشعوب ولكنها تعيش وتبقى ويستقيم عودها، بقضاء دستوري شامخ وراسخ ومستقل، فالنصوص كانت مثالية في كل الدساتير، ولكنها حين تختل أو تنتهك ويعصف بها الحكام وأعوانهم وقتها، فإن المحكمة الدستورية هي التي تحيي موات هذه النصوص وتبعث فيها الحياة من جديد». وكان عبد الفتاح السيسي قد توجه إلى مقر المحكمة الدستورية العليا صباح اليوم، الأحد، لأداء اليمين الدستورية أمام أعضاء المحكمة، وفي حضور الرئيس السابق عدلي منصور، وأعضاء الحكومة وشيخ الأزهر والبابا تواضروس، بطريرك الكنيسة الأرثوذكسية، وعدد من الشخصيات العامة. وعقب الانتهاء من أداء القسم الرئاسي، انتقل الحضور إلى قصر الاتحادية، لالقاء منصور والسيسي كلمتان، بحضور ملوك ورؤساء وممثلي الحكومات العربية والأجنبية، فضلا عن توقيع وثيقة تسليم واستلام السلطة، لتنتهي مراسم الاحتفال بالرئيس الجديد باحتفال بقصر القبة الجمهوري .