كتب جيمي كارتر، الرئيس رقم 39 للولايات المتحدة ومؤسس مركز كارتر غير الربحي، مقالاً نشرته صحيفة واشنطن بوست استهله قائلاً: إنه على الرغم من أن جهود السلام المكثفة في الشرق الأوسط التي بذلها وزير الخارجية الأميركي جون كيري لم تسفر عن اتفاق، فقد أوضحت القضايا العالقة أنه مازال يمكن تحقيق نتائج مهمة.. إذ أصبح فريقه من المفاوضين الآن أكثر دراية بكثير من الخلافات والعقبات المعقدة التي يتعين التغلب عليها، وكذلك الإسرائيليون والفلسطينيون الذين شاركوا في المناقشات. فمن الواضح أن كلاً من إسرائيل والفلسطينيين لديهما مصلحة حيوية في حل الدولتين، استناداً إلى القانون الدولي وقرارات الأممالمتحدة التي وافقت عليها الدول المشاركة.. وقد ناقش الرئيس أوباما بعض هذه العوامل الرئيسية، داعياً إلى الإحجام عن بناء مزيد من المستوطنات في الأراضي المحتلة والالتزام بحدود ما قبل عام 1967 (مع بعض التغييرات المتفق عليها بصورة متبادلة). وقدَّم الرؤساء السابقون للولايات المتحدة مقترحات موضوعية أخرى بشأن المسائل الحساسة المتعلقة بالأمن المتبادل والقدس الشرقية وحق العودة للفلسطينيين.. ومن خلال الالتزام بهذه الافتراضات الدولية الشائعة، يستطيع كيري إصدار ملخص لاستنتاجاته ك«إطار للسلام»- وسيعود هذا بالنفع على الشعوب في الأرض المقدسة وفي دول أخرى، ولأي فرد يبذل جهوداً مستقبلية نحو سلام شامل. ويشير الكاتب إلى أنه من المرجح أن تستمر الخطوات الفردية الخطيرة التي بدأت بعد تعليق محادثات السلام التي ترعاها الولاياتالمتحدة في 29 أبريل.. فخلال الأشهر التسعة الماضية من المفاوضات، تمت الموافقة على 14 ألف وحدة استيطانية إسرائيلية جديدة؛ وألقى القبض على أكثر من 3 آلاف فلسطيني بينما سقط 50 قتيلاً، مما أثار حوادث مثيرة للقلق من الانتقام الفلسطيني، بما في ذلك مقتل ثلاثة إسرائيليين.. وتعد الخطط الفلسطينية للأشهر المقبلة واضحة نسبياً: تشكيل حكومة وحدة وطنية جديدة وتوسيع المشاركة في الأممالمتحدة.. فعلى الرغم من إدانات البعض، يمكن النظر إلى قرار قادة منظمة التحرير الفلسطينية وحركة حماس بتسوية خلافاتهم والمضي نحو الانتخابات على أنه تطور إيجابي.. وكان يتم التخلي في الماضي عن أية جهود مماثلة بسبب معارضة إسرائيل والولاياتالمتحدة القوية، ولكن التصميم على النجاح يعد الآن أقوى بكثير بين القادة في الضفة الغربية وقطاع غزة. ويرى الكاتب أن هذه المصالحة بين الفصائل الفلسطينية وتشكيل حكومة وحدة وطنية تعد أمراً ضرورياً لأنه سيكون من المستحيل تنفيذ أي اتفاق سلام بين إسرائيل وفصيل واحد فقط من الفلسطينيين.. فحتى تظل السلطة الفلسطينية الموحدة فعالة ومُعترف بها من المجتمع الدولي، سيكون من الضروري أن يقبل جميع المشاركين مبدأ الحل السلمي للخلافات والاعتراف بحق إسرائيل في الوجود داخل حدود ما قبل عام 1967 بصيغته المعدلة في اتفاق متبادل.. كما يمكن الاستفادة أيضاً من قرار رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس بجعل مشاركة فلسطين في الأممالمتحدة أكثر عمقاً.. فقد اُختيرت ال15 معاهدة التي وقَّع عليها الفلسطينيون في يوم 1 أبريل بعناية، نظراً إلى تماشيها مع اتفاقيات جنيف الأربع لعام 1949 وبروتوكولات عام 1977 بشأن قوانين الحرب وغيرها المتصلة بالتمييز ضد المرأة وحقوق الطفل. وتعتبر كل هذه المعاهدات مثالية وسلمية في طبيعتها، ويجب ألا تسبب أي قلق في إسرائيل أو واشنطن. ويوضح الكاتب أن منظمات الأممالمتحدة الأكثر أهمية هي محكمة العدل الدولية والمحكمة الجنائية الدولية، حيث يمكن تناول المسائل القانونية الحاسمة بشأن الأنشطة في الضفة الغربية والقدس وقطاع غزة بصورة أقوى أكبر مما كانت عليه في الماضي.. وقد يكون الانضمام إلى هاتين المحكمتين هو آخر إجراء تتخذه منظمة التحرير الفلسطينية، لأن الولاياتالمتحدة وإسرائيل ستصدران ردود فعل سلبية قوية وسيحاسبان الفلسطينيين على انتهاكاتهم لحقوق الإنسان أو القانون الدولي.. وكان كيري قد ذكر الحاجة إلى واقع أفضل على الأرض أو قيادة جديدة بوصفها متطلبات أساسية لتحقيق التقدم. ويختتم الكاتب المقال بالإشارة إلى أن تشكيل حكومة فلسطينية موحدة تتمتع باعتراف دولي أوسع وقادة منتخبين حديثاً ودعم مالي مضمون من العالم العربي قد يوفر فرصة لإجراء جولة جديدة من محادثات السلام، مما سيسمح لإسرائيل بالعيش أخيراً في سلام مع جيرانها. ومن ثم، ينبغي أن يستفيد المجتمع الدولي من هذه الفرص. نوع المقال: سياسة دولية الولاياتالمتحدةالامريكية القضية الفلسطينية