محافظ أسوان يتفقد عدداً من مقار اللجان الانتخابية    ضبط شخص بتهم التحريض وإطلاق ألفاظ خارجة على مواقع التواصل    رئيس جامعة العاصمة: الدراسة بالفرع الجديد ستبدأ في 2027، و80% من طلاب حلوان يتعلمون مجانا    رنا سماحة تُحذر: «الجواز مش عبودية وإذلال.. والأهل لهم دور في حماية بناتهم»    البابا تواضروس الثاني يؤكد وحدة الكنيسة خلال لقائه طلاب مدرسة مارمرقس بسيدني    القائد العام للقوات المسلحة يشهد مناقشة البحث الرئيسي للأكاديمية العسكرية    لجنة الشباب بالنواب تناقش تعديلات قانون تنظيم نقابة المهن الرياضية.. اليوم    الشرق الأوسط في الصدارة.. «إياتا»: 41 مليار دولار أرباح صافية لشركات الطيران    شريف فتحي: تحفيز الاستثمار السياحي يستلزم تقديم حوافز وتسريع الإجراءات    مدبولي يتفقد مشروع رفع كفاءة مركز تكنولوجيا دباغة الجلود بمدينة الروبيكي    منال عوض تبحث مع قيادات وزارة الاتصالات عددًا من الملفات    المجر: معدل التضخم يتراجع إلى 3.8% في نوفمبر الماضي في أدنى مستوى له خلال عام    وزارة الاستثمار تبحث فرض إجراءات وقائية على واردات البيليت    جائزة زايد للأخوَّة الإنسانية تتلقّى 350 من طلبات الترشيح    حزب الاتحاد: لقاء الرئيس السيسي مع حفتر يؤكد حرص مصر على استقرار ليبيا    أبو حسنة: اقتحام مقر للأونروا فى القدس ورفع العلم الإسرائيلى سابقة خطيرة    قافلة «زاد العزة» ال90 تدخل إلى الفلسطينيين بقطاع غزة    كمبوديا وتايلاند يعلنان ارتفاع حصيلة ضحايا الاشتباكات الحدودية ل30 قتيلا ومصابا    هل يوافق محمد صلاح على الانتقال للدوري السعودي أم يفضل الإسباني ؟    أول رد فعل ل صلاح بعد استبعاده من مواجهة الإنتر بدوري أبطال أوروبا.. صورة    يورجين كلوب على رادار ريال مدريد بعد اهتزاز موقف تشابي ألونسو    رياضة النواب تهنئ وزير الشباب بفوزه برئاسة لجنة التربية البدنية باليونسكو    اتحاد الكرة يعلن عن اشتراطات الأمن والسلامة والأكواد الطبية في المباريات والتدريبات    صلاح وسلوت.. مدرب ليفربول: أنا مش ضعيف وقلتله أنت مش هتسافر معانا.. فيديو    أمطار غزيرة وسيول، الأرصاد السعودية تحذر من طقس الساعات المقبلة    محافظة القاهرة ترفع درجة الاستعدادات القصوى للتعامل مع الأمطار    ضبط المتهم بخطف حقيبة سيدة بدمياط    قرار عاجل لمواجهة أزمة الكلاب الضالة في القاهرة    تأجيل استئناف «سفاح المعمورة» على حكم إعدامه ل4 يناير    القومي لثقافة الطفل يعلن بدء تحكيم جائزة التأليف المسرحي    الليلة.. عرض فيلم نيللي كريم "جوازة ولا جنازة" بمهرجان البحر الأحمر    مراسلة قطاع الأخبار بالرياض: الأعداد تتزايد على لجان الانتخاب في السعودية    تطورات جديدة في الحالة الصحية للفنان تامر حسني.. اعرف التفاصيل    الرعاية الصحية: تقديم 1.3 مليون خدمة طبية وعلاجية بمستشفى الطوارئ بأبو خليفة    فحص 7.4 مليون تلميذ ضمن مبادرة الكشف المبكر عن «الأنيميا والسمنة والتقزم»    فحص أكثر من 195 ألف طالب ضمن مبادرة "100 مليون صحة" بالمنيا    طريقة عمل بلح البحر بتتبيلة مميزة ولا تقاوم    احذر، هذه العادة كارثية بعد الطعام تدمر الصحة    مراسلون بلا حدود: إسرائيل أسوأ عدو للصحفيين وأكثر دولة قتلا لهم    غدا.. بدء عرض فيلم الست بسينما الشعب في 9 محافظات بأسعار مخفضة    قطر تحتفي بالأوبرا المصرية في افتتاح مهرجان الأوبرا العربية بالدوحة    ضبط المتهم بخطف حقيبة سيدة مما تسبب في سقوطها أرضا بدمياط    سحب 878 رخصة لعدم تركيب الملصق الإلكترونى خلال 24 ساعة    المشاط تتسلم جائزة «القيادة الدولية» من معهد «شوازيل» أحد أبرز مراكز الفكر والأبحاث عالميًا    زيلينسكي يصل روما لمناقشة خطة السلام بأوكرانيا    رئيس اللجنة القضائية: تسجيل عمومية الزمالك يتم بتنظيم كامل    موعد مباراة برشلونة وفرانكفورت في دوري أبطال أوروبا.. والقنوات الناقلة    توقيع بروتوكول تعاون لإنشاء فروع جديدة للجامعات الروسية في مصر    ضبط 1.5 طن سكر ناقص الوزن وغير مصحوب بفواتير بمركز ديروط فى أسيوط    وزير الثقافة يلتقي نظيره الأذربيجاني لبحث التعاون بين البلدين    جعفر بناهي يترشح لجائزة أفضل مخرج في الجولدن جلوبز عن فيلم «كان مجرد حادث»    مواقيت الصلاه اليوم الثلاثاء 9ديسمبر2025فى محافظة المنيا    السكك الحديد: تطبيق إجراءات السلامة الخاصة بسوء الأحوال الجوية ببعض الخطوط    المستشار حامد شعبان سليم يكتب عن : ماذا تعمل ?!    دعاء الفجر| اللهم ارزقنا نجاحًا في كل أمر    هل يجوز إعطاء المتطوعين لدى الجمعيات الخيرية وجبات غذائية من أموال الصدقات أوالزكاة؟    المستشار القانوني للزمالك: سحب الأرض جاء قبل انتهاء موعد المدة الإضافية    لليوم الثالث على التوالي.. استمرار فعاليات التصفيات النهائية للمسابقة العالمية للقرآن الكريم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



المأمون.. انظروا سياساته لحل الأزمات!
نشر في التغيير يوم 21 - 05 - 2014

مَن يقرأ عصر الخليفة العباسي عبدالله المأمون (ت 218 ه) يجد فيه الكثير من العبر السياسية. ناهيك عن توسع الثقافة عبر الجدل والمناظرة، واستيعاب المذاهب والأديان كافة، إلا ما جاء في مسألة «خلق القرآن»، والتي كانت معتزلية، لأنها واحدة من مقالاتهم، وقال فيها العديد من علماء الدين في وقتها وامتنع عنها آخرون، ولست بصدد شرحها أو عزوها إلى السياسة، بقدر الإشارة إلى أنها أصبحت عقيدة الدولة، وسط ظهور عقائد المذاهب، وهي تأتي ضمن الأصلين: العدل، على أن الكتاب نزل على مصالح العباد، وفي التوحيد، كجزء من نفي الصفات (القاضي عبدالجبار، الأصول الخمسة، والمغني).
سنركز على قضيتين عرضتا لعهد المأمون، خلال حربه مع أخيه محمد الأمين (قُتل 198 ه)، ووجوده بخراسان، وما حدث في أطراف خلافته من قلاقل ومنازعات، استغل القائمون بها الحرب بين الأخوين، وما كانت تكون لولا أن الأمين خلع أخاه من ولاية العهد، التي أوصى بها والده له، هذا الظاهر ولربما هناك ما لا نعرفه. لكن بسرعة مذهلة أعاد المأمون بناء بغداد، وأقام دوراً للعلم والترجمة، ومعلوم أن الأخيرة علامة من علامات الرقي، لأن التأثير والتأثر يحدث من خلالها.
أراد المأمون أن يعيد للخلافة شيئاً من ألقها الراشدي، عبر التخلص من الوراثة في الحُكم، وسط نزاعات داخل الأُسر نفسها، فقد سبق أن همَّ عمه الهادي (ت 170ه) بخلع شقيقه الرشيد (ت 193ه)، مثلما حصل في زمن جده المنصور (ت 158ه) في نقل ولاية العهد إلى نجله المهدي (ت 169ه).
ربما وضع ذلك أمام أنظار المأمون، وهو يجعل ولاية العهد إلى علي الرضا (ت 203ه)، فمعلوم أن الثورات كافة، تقريباً، كانت تتصدرها راية علوية، ومعلوم أيضاً ما حصل بين أجداده والعلويين كثورة محمد بن عبدالله المعروف بالنفس الزكية وأخيه إبراهيم (قُتلا 145ه) بالمدينة والبصرة، ووقوف المعتزلة آنذاك مع إبراهيم. ومن يطلع على كتاب «مقاتل الطالبيين» سيعرف عدد تلك الثورات، لكنها، في الغالب كانت بتأثير زيدي. وبهذا جذب المأمون المعتزلة والعلوية.
لم يجعل المأمون عهد الخلافة لولده العباس (قُتل 223ه)، مع أنه كان موجوداً في تلك الآونة، إنما جعلها لعلي الرضا، وأصر على ذلك، بل حاول إبعاد أثر المقاتل على العلويين، بتبني رايتهم الخضراء وتغيير شعار العباسيين من السواد إلى الخضرة. لكنه واجه رفضاً قوياً من قبل البيت العباسي، فحصل انقلاب عليه ببغداد، وهو بخراسان، ليكون عمه إبراهيم بن المهدي (ت 225ه)، على الرغم من أن الأخير ليس له في الأمر، فهو شاعر وذو اهتمام بالموسيقى.
انتهت تلك الأزمة، واضطر المأمون للتخلي عن قراراته (ابن الطقطقي، الفخري في الآداب السلطانية). لكن القضية الثانية تبدو عجيبة من العجائب، كيف أن السياسة تُقصي وتُدني، ليس فيها ثابت، لهذا لابد من إبعاد الدِّين عنها. فالمأمون الذي حاول إعادة العداء العباسي الأموي، وأقدم على شتم معاوية (ت 60 ه) على المنابر (الطبري، تاريخ الأمم والملوك)، كي يُقدم نفسه الأقرب للعلويين، ويبعد اتخاذهم واجهات للثورات، مثلما حدث في مختلف عهود الخلافة العباسية، كان قد اتخذ من الأمويين سنداً له لإخضاع اليمن، بعد اعتزال القادة والأمراء بمناطقهم عن بغداد، ويُنقل عنه أنه كره اليمن إلى حد أنه قال: «وأما اليمن فوالله ما أحببتها ولا أحبتني قط» (ابن طيفور، كتاب بغداد).
اتخذ أحفاد الأمويين أُمراء له، لأنهم كانوا الأجدر في إخماد الفتن، ومن بينهم محمد ابن إبراهيم بن عبيد الله بن زياد، مع ما بين الأمويين والعباسيين من مقاتل وضغائن وصلت إلى نبش القبور، غير أنه على غرة من الزمن يُكلف المأمون أبناء ولاة الأمويين ليحكموا له اليمن.
كان هؤلاء معتقلين عند وزير المأمون الفضل بن سهل (قُتل 202ه)، وقيل عند أخيه الحسن (ت 236ه)، فلما اختل الوضع باليمن أثنى الوزير على محمد الزيادي الأموي، فأرسله المأمون أميراً على اليمن، وبعد أداء فريضة الحج وصل اليمن وفتح تهامة واستقر له الأمر فيها، واختط مدينة زبيد، وعظم أمره وملك اليمن بأكملها وتقلد أولاده الأمر من بعده، وعُرفت في التاريخ بدولة آل زياد (204- 407ه)، حتى وصلت إلى مولاهم الحسين بن سلامة (ت 402ه)، وبعد ذلك تولى طفل مِن آل زياد الحكم وأشرف عليه عبد مِن عبيد حسين بن سلامة، اسمه مرجان، ومن عبيد مرجان هذا ظهرت دولة آل نجاح باليمن (412 -553ه)، وتلك قصة أُخرى (انظر: ابن الدَّيبع، بغية المستفيد في تاريخ مدينة زبيد، أبو الفداء، المختصر في تاريخ البشر).
تحتاج السياسة إلى حكمة وبصيرة، كيف يلعب السياسيون أدوارهم في الأوقات المناسبة، وكيف تمكن المأمون من تحييد بيتين متعارضين فيما بينهما من جهة ومع العباسيين من جهة أخرى. لأن السياسة لا تعرف العقيدة ولا التقيد بمذهب، وليس المأمون حالة منفردة بل في تاريخ الدولة الأموية، بفرعيها الشامي والأندلسي، قضت التجارب أن الحكم السياسي شيء والدين شيء آخر، ففي زمن صار الأمويون عند العباسيين (كفرة) وقتلوا بهذا، وإذا بهم يتولون اليمن لهم.
أقول: في واقعنا، على الخصوص العراقي، بحاجة إلى سياسة أكثر، ولا أريد أن أصنف العراقيين اليوم إلى أمويين وعلويين وعباسيين، إنما أتيت بما تقدم كشاهد على أن السياسة لا تقبل الأسود والأبيض، لابد من التغاضي، فهذا الذي تعتبره عدواً، في الماضي والحاضر، لا تظنه هكذا على الدوام، إنما الأحكام تتغير مع الأزمان، وتكفي الحليم نظرة في سياسة المأمون.
سيرد علي من يرد، بأنه عذب ابن حنبل (ت 241ه) وقتل الرضا (ت 203ه). أقول: ولدي ما يؤكد أنه لم يعذب هذا ولم يقتل ذاك، فللتاريخ قراءات لا واحدة تستحيل إلى عقيدة، دعوها تبقى أفكاراً وآراء لا عقائد.
رابط المقال:
المأمون.. انظروا سياساته لحل الأزمات!


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.