زيادة تصل إلى 17 جنيها، تعريفة الركوب الجديدة لخطوط النقل الداخلية والخارجية ب 6 أكتوبر    رئيس البنك الدولى: إعادة إعمار غزة أولوية وننسق مع شركاء المنطقة    محافظ الإسكندرية يعنف سائقا خالف التسعيرة الجديدة: تسحب الرخصة والسيارة.. فيديو    جيش الاحتلال يعلن تسليم "حماس" جثة رهينة للصليب الأحمر    أهم الأخبار العالمية والعربية حتى منتصف الليل.. ترامب لزيلينسكى: لا أريد التصعيد مع روسيا.. الجنائية الدولية ترفض طلب إسرائيل بتجميد مذكرة اعتقال نتنياهو.. بلومبرج: خطط تركية لنشر مدرعات وصواريخ شمال سوريا    قناة عبرية: ضباط أمريكيون سيقيمون مركز قيادة في غلاف غزة لقيادة قوات دولية    "الجنائية الدولية" ترفض طلب إسرائيل بإلغاء مذكرتي توقيف بحق نتنياهو وغالانت    الاتحاد الأوروبى يطالب بنزع سلاح حماس دعما لخطة ترامب    الاتحاد الأوروبي يدرس تقديم تمويل وخبرات لنزع سلاح حماس    تعرف على طاقم حكام مباريات الأحد فى الدورى الممتاز    رغم التعادل أمام ستراسبورج، باريس سان جيرمان يحافظ على صدارة ترتيب الدوري الفرنسي    20 لاعبا فى قائمة الإسماعيلى لمواجهة حرس الحدود بالدورى    إمام عاشور يذبح عجلاً قبل العودة لتدريبات الأهلى.. ويعلق :"هذا من فضل ربى"    أحمد حسام عوض: شركة الكرة تتحمل 30 % من عقود لاعبي الأهلي    التحفظ على "رئيس حزب" فى واقعة مشاجرة مع آخرين بسبب خلاف على أموال تحصل عليها لترشيحهم في الانتخابات البرلمانية    صرف رئيس حزب شعب مصر من نيابة الجيزة بعد التصالح    إصابة فتاة اختل توازنها وسقطت من الطابق الثالث أثناء نشر الغسيل في العمرانية    تجديد حبس سائق تروسيكل حادث تلاميذ أسيوط    مدحت صالح يتألق بأغنية أنت عمرى لأم كلثوم ويرفع شعار كامل العدد    مدحت صالح يشعل ثاني ليالي مهرجان الموسيقى العربية بأمسية طربية ساحرة    مارسيل خليفة: لا أدرى إلى أين سيقودنى ولعى بلعبة الموسيقى والكلمات.. لدى إيمان كامل بالذوق العام والموسيقى فعل تلقائى لا يقبل الخداع والتدليس.. محمود درويش حى يتحدى الموت وصوته يوحى لى متحدثا من العالم الآخر    أنغام تتألق بفستان أسود مطرز فى حفل قطر.. صور    السياحة والآثار تشارك في رعاية فعاليات الدورة الثامنة لمهرجان الجونة السينمائي    أخبار 24 ساعة.. وزارة التضامن تطلق المرحلة الرابعة من تدريبات برنامج مودة    مدير الخدمات الطبية بالمؤسسة العلاجية فى زيارة مفاجئة لدار الولادة بالإسكندرية    راشفورد: أستطيع بلوغ كامل إمكانياتي مع برشلونة    مصر العظيمة.. أول مدير مصرى وعربى لمنظمة اليونسكو.. خالد العنانى يسعى إلى إطلاق "ميثاق مالى جديد ومتنوع وشفاف ومبتكر" يرتكز على مبدأ بدون موارد.. لا يمكن تشغيل الآلة!    انطلاق مهرجان تعامد الشمس بأسوان بمشاركة 8 فرق شعبية وحضور فودة وكمال    أمريكا تعتقل ناجين بعد غارة على سفينة يشتبه في نقلها مخدرات بالبحر الكاريبي    مانشيني يقترب من العودة إلى البريميرليج ضمن قائمة المرشحين لتدريب مانشستر يونايتد    عاجل- وكيل جهاز المخابرات العامة المصرية السابق: حاولنا ربط الإفراج عن شاليط بمروان البرغوثي ولكن إسرائيل رفضت رفضا قاطعا    في ذكرى ميلاده.. سُليمان عيد صانع البهجة والإبداع    الإثنين، آخر مهلة لسداد اشتراكات المحامين حاملي كارنيه 2022    اللواء بحرى أركان حرب أيمن عادل الدالى: هدفنا إعداد مقاتلين قادرين على حماية الوطن بثقة وكفاءة    مصطفى بكري عن سد النهضة: مصر لن تسمح بأي تهديد لمصالحها الوطنية    «الوطنية للانتخابات»: قاعدة بيانات محدثة للناخبين لتيسير عملية التصويت    توفير وظائف للشباب وذوي الهمم .. حصاد «العمل» في إسبوع    الأرصاد الجوية: توقعات سقوط أمطار على بعض المناطق خلال الساعات القادمة    ينافس نفسه.. على نور المرشح الوحيد بدائرة حلايب وشلاتين    وزارة النقل تناشد المواطنين للمشاركة في توعية ركاب السكة الحديد من السلوكيات السلبية    انتخابات مجلس النواب 2025.. خطوات الاستعلام عن اللجنة الانتخابية ورقم الناخب    بنزيما يقود تشكيل الاتحاد ضد الفيحاء في الدوري السعودي    طريقة طاجن السبانخ باللحمة.. أكلة مصرية بطعم الدفا مع اقتراب أجواء الشتاء (المكونات بالتفصيل)    أهم أخبار السعودية اليوم الجمعة 17 أكتوبر 2025.. منصة "نت زيرو" توقع مذكرة تفاهم مع الاتحاد الدولي لحفظ الطبيعة    ضبط دجال يروّج للشعوذة على السوشيال ميديا في الإسكندرية    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الجمعة 17-10-2025 في محافظة الأقصر    ضبط شخصين احتجزا سمسارا وأجبراه على توقيع إيصالات أمانة بالقاهرة    الإسكندرية تبدأ توسعة طريق الحرية.. مشاريع لتحسين الحركة المرورية لمدة شهر كامل    عالِم أزهري: «ادفع بالتي هي أحسن» قانون إلهي في تربية النفوس ونشر الخير    الصحة: رؤية إنسانية جديدة في المؤتمر العالمي للسكان والصحة والتنمية البشرية    كيف تكتشفين أن طفلك متأخر لغويًا من الشهور الأولى؟.. أخصائية تخاطب توضح    اليوم.. إقامة صلاة الاستسقاء بجميع مساجد الإمارات    أحكام وآداب يوم الجمعة في الإسلام... يوم الطهارة والعبادة والتقوى    وزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية والتعاون الدولي تلتقي رئيسة بنك الاستثمار الأوروبي خلال فعاليات الاجتماعات السنوية للبنك الدولي بواشنطن    العلماء يؤكدون: أحاديث فضل سورة الكهف يوم الجمعة منها الصحيح ومنها الضعيف    أسعار الكتاكيت والبط اليوم الجمعة في بورصة الدواجن    شروط قرض الموتوسيكلات من بنك مصر 2025    «الطفولة والأمومة» ينعي ضحايا حادث أسيوط ويؤكد متابعة الواقعة واتخاذ الإجراءات القانونية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



المأمون.. انظروا سياساته لحل الأزمات!
نشر في التغيير يوم 21 - 05 - 2014

مَن يقرأ عصر الخليفة العباسي عبدالله المأمون (ت 218 ه) يجد فيه الكثير من العبر السياسية. ناهيك عن توسع الثقافة عبر الجدل والمناظرة، واستيعاب المذاهب والأديان كافة، إلا ما جاء في مسألة «خلق القرآن»، والتي كانت معتزلية، لأنها واحدة من مقالاتهم، وقال فيها العديد من علماء الدين في وقتها وامتنع عنها آخرون، ولست بصدد شرحها أو عزوها إلى السياسة، بقدر الإشارة إلى أنها أصبحت عقيدة الدولة، وسط ظهور عقائد المذاهب، وهي تأتي ضمن الأصلين: العدل، على أن الكتاب نزل على مصالح العباد، وفي التوحيد، كجزء من نفي الصفات (القاضي عبدالجبار، الأصول الخمسة، والمغني).
سنركز على قضيتين عرضتا لعهد المأمون، خلال حربه مع أخيه محمد الأمين (قُتل 198 ه)، ووجوده بخراسان، وما حدث في أطراف خلافته من قلاقل ومنازعات، استغل القائمون بها الحرب بين الأخوين، وما كانت تكون لولا أن الأمين خلع أخاه من ولاية العهد، التي أوصى بها والده له، هذا الظاهر ولربما هناك ما لا نعرفه. لكن بسرعة مذهلة أعاد المأمون بناء بغداد، وأقام دوراً للعلم والترجمة، ومعلوم أن الأخيرة علامة من علامات الرقي، لأن التأثير والتأثر يحدث من خلالها.
أراد المأمون أن يعيد للخلافة شيئاً من ألقها الراشدي، عبر التخلص من الوراثة في الحُكم، وسط نزاعات داخل الأُسر نفسها، فقد سبق أن همَّ عمه الهادي (ت 170ه) بخلع شقيقه الرشيد (ت 193ه)، مثلما حصل في زمن جده المنصور (ت 158ه) في نقل ولاية العهد إلى نجله المهدي (ت 169ه).
ربما وضع ذلك أمام أنظار المأمون، وهو يجعل ولاية العهد إلى علي الرضا (ت 203ه)، فمعلوم أن الثورات كافة، تقريباً، كانت تتصدرها راية علوية، ومعلوم أيضاً ما حصل بين أجداده والعلويين كثورة محمد بن عبدالله المعروف بالنفس الزكية وأخيه إبراهيم (قُتلا 145ه) بالمدينة والبصرة، ووقوف المعتزلة آنذاك مع إبراهيم. ومن يطلع على كتاب «مقاتل الطالبيين» سيعرف عدد تلك الثورات، لكنها، في الغالب كانت بتأثير زيدي. وبهذا جذب المأمون المعتزلة والعلوية.
لم يجعل المأمون عهد الخلافة لولده العباس (قُتل 223ه)، مع أنه كان موجوداً في تلك الآونة، إنما جعلها لعلي الرضا، وأصر على ذلك، بل حاول إبعاد أثر المقاتل على العلويين، بتبني رايتهم الخضراء وتغيير شعار العباسيين من السواد إلى الخضرة. لكنه واجه رفضاً قوياً من قبل البيت العباسي، فحصل انقلاب عليه ببغداد، وهو بخراسان، ليكون عمه إبراهيم بن المهدي (ت 225ه)، على الرغم من أن الأخير ليس له في الأمر، فهو شاعر وذو اهتمام بالموسيقى.
انتهت تلك الأزمة، واضطر المأمون للتخلي عن قراراته (ابن الطقطقي، الفخري في الآداب السلطانية). لكن القضية الثانية تبدو عجيبة من العجائب، كيف أن السياسة تُقصي وتُدني، ليس فيها ثابت، لهذا لابد من إبعاد الدِّين عنها. فالمأمون الذي حاول إعادة العداء العباسي الأموي، وأقدم على شتم معاوية (ت 60 ه) على المنابر (الطبري، تاريخ الأمم والملوك)، كي يُقدم نفسه الأقرب للعلويين، ويبعد اتخاذهم واجهات للثورات، مثلما حدث في مختلف عهود الخلافة العباسية، كان قد اتخذ من الأمويين سنداً له لإخضاع اليمن، بعد اعتزال القادة والأمراء بمناطقهم عن بغداد، ويُنقل عنه أنه كره اليمن إلى حد أنه قال: «وأما اليمن فوالله ما أحببتها ولا أحبتني قط» (ابن طيفور، كتاب بغداد).
اتخذ أحفاد الأمويين أُمراء له، لأنهم كانوا الأجدر في إخماد الفتن، ومن بينهم محمد ابن إبراهيم بن عبيد الله بن زياد، مع ما بين الأمويين والعباسيين من مقاتل وضغائن وصلت إلى نبش القبور، غير أنه على غرة من الزمن يُكلف المأمون أبناء ولاة الأمويين ليحكموا له اليمن.
كان هؤلاء معتقلين عند وزير المأمون الفضل بن سهل (قُتل 202ه)، وقيل عند أخيه الحسن (ت 236ه)، فلما اختل الوضع باليمن أثنى الوزير على محمد الزيادي الأموي، فأرسله المأمون أميراً على اليمن، وبعد أداء فريضة الحج وصل اليمن وفتح تهامة واستقر له الأمر فيها، واختط مدينة زبيد، وعظم أمره وملك اليمن بأكملها وتقلد أولاده الأمر من بعده، وعُرفت في التاريخ بدولة آل زياد (204- 407ه)، حتى وصلت إلى مولاهم الحسين بن سلامة (ت 402ه)، وبعد ذلك تولى طفل مِن آل زياد الحكم وأشرف عليه عبد مِن عبيد حسين بن سلامة، اسمه مرجان، ومن عبيد مرجان هذا ظهرت دولة آل نجاح باليمن (412 -553ه)، وتلك قصة أُخرى (انظر: ابن الدَّيبع، بغية المستفيد في تاريخ مدينة زبيد، أبو الفداء، المختصر في تاريخ البشر).
تحتاج السياسة إلى حكمة وبصيرة، كيف يلعب السياسيون أدوارهم في الأوقات المناسبة، وكيف تمكن المأمون من تحييد بيتين متعارضين فيما بينهما من جهة ومع العباسيين من جهة أخرى. لأن السياسة لا تعرف العقيدة ولا التقيد بمذهب، وليس المأمون حالة منفردة بل في تاريخ الدولة الأموية، بفرعيها الشامي والأندلسي، قضت التجارب أن الحكم السياسي شيء والدين شيء آخر، ففي زمن صار الأمويون عند العباسيين (كفرة) وقتلوا بهذا، وإذا بهم يتولون اليمن لهم.
أقول: في واقعنا، على الخصوص العراقي، بحاجة إلى سياسة أكثر، ولا أريد أن أصنف العراقيين اليوم إلى أمويين وعلويين وعباسيين، إنما أتيت بما تقدم كشاهد على أن السياسة لا تقبل الأسود والأبيض، لابد من التغاضي، فهذا الذي تعتبره عدواً، في الماضي والحاضر، لا تظنه هكذا على الدوام، إنما الأحكام تتغير مع الأزمان، وتكفي الحليم نظرة في سياسة المأمون.
سيرد علي من يرد، بأنه عذب ابن حنبل (ت 241ه) وقتل الرضا (ت 203ه). أقول: ولدي ما يؤكد أنه لم يعذب هذا ولم يقتل ذاك، فللتاريخ قراءات لا واحدة تستحيل إلى عقيدة، دعوها تبقى أفكاراً وآراء لا عقائد.
رابط المقال:
المأمون.. انظروا سياساته لحل الأزمات!


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.