محافظ أسوان: الأربعاء والخميس إجازة لطلاب المدارس التي بها انتخابات مجلس النواب    قوات الدفاع الشعبي تنظم زيارة لطلبة جامعة القاهرة والمدارس العسكرية لمستشفى أبو الريش للأطفال    محافظ القليوبية يشارك في احتفال هيئة الرقابة الإدارية بيوم مكافحة الفساد    شباب الشيوخ توسع نطاق اختصاصات نقابة المهن الرياضية    جامعة المنوفية تنظّم ماراثون لدعم مناهضة العنف ضد المرأة    حكاية "سعد الله" معلم الدراسات بالدقهلية صاحب تريند التعليم على طريقته الخاصة (صور)    «إياتا»: 7.9 دولار ربح من كل راكب.. والشحن الجوي يفقد بريقه    محافظ الجيزة يتفقد محطتي مياه الشرب بمركز الصف استعدادًا لدخولهما الخدمة    ضبط 1.5 طن سكر ناقص الوزن وغير مصحوب بفواتير خلال حملة تموينية بأسيوط    الصين تواصل إغراق العالم بمنتجاتها.. والفائض التجاري للبلاد يتجاوز تريليون دولار    وزير الخارجية يشدد على أهمية إيجاد آفق سياسي لتحقيق تطلعات الفلسطينيين    رغم اعتراض نتنياهو.. ترجيحات بقرب إعلان ترامب المرحلة الثانية لاتفاق غزة    مسؤول أممي: اقتحام إسرائيل لمجمع الأونروا في القدس يشكل سابقة خطيرة    القنوات الناقلة لمباراة مصر والأردن بكأس العرب    وزارة الرياضة توضح تفاصيل إصابة لاعب أثناء مباراة الدرجة الرابعة بمغاغة    الأعلى للإعلام يستدعى المسئول عن حساب الناقد خالد طلعت بعد شكوى الزمالك    لا كرامة لأحد فى زمن الانقلاب.. الاعتداءات على المعلمين تفضح انهيار المنظومة التعليمية    تحرير 37 محضرًا لمحطات تموين السيارات ومستودعات البوتاجاز بالشرقية    ضبط 3 عناصر جنائية تورطوا في غسل 160 مليون جنيه من عائدات الإتجار بالمخدرات    بالأسماء.. إصابة 6 طالبات إثر اصطدام ميكروباص وملاكي بالبحيرة    100 ألف جنيه غرامة وحكم مشدد على تاجر هيروين بالخصوص    عائلة كوكب الشرق تشيد ب«الست»: فيلم راق رغم الانتقادات    نيللي كريم: مبقتش أعمل بطولات وخلاص عشان أثبت إني ممثلة كبيرة    متحدث «الأوقاف»: مصر قرأت القرآن بميزة «التمصير والحب» لهذا صارت دولة التلاوة    أفضل 8 نصائح للحماية من أمراض الشتاء    الدفاع الروسية تعلن السيطرة على بلدة "أوستابيفسكي" في منطقة دنيبروبتروفسك الأوكرانية    ارتفاع ضحايا زلزال شرق اليابان إلى 50 شخصًا.. وتحذيرات من زلزال أقوى    ليوناردو دي كابريو يهاجم تقنيات الذكاء الاصطناعي: تفتقد للإنسانية وكثيرون سيخسرون وظائفهم    كأس ملك إسبانيا - فريقان من الدرجة الثالثة يواجهان ريال مدريد وبرشلونة    المشاط تتسلم جائزة «القيادة الدولية» من معهد شوازيل    جامعة قناة السويس تقدّم خدمات علاجية وتوعوية ل711 مواطنًا خلال قافلة طبية بحي الأربعين    عروض كرنفالية فى النيل وأطفال بالزى الفرعونى باحتفالات الأقصر.. صور    قائمة برشلونة - عودة تير شتيجن.. واستمرار غياب أراوخو ضد فرانكفورت    انخفاض جديد في قيمة محمد صلاح التسويقية بعد أزمة سلوت    شيخ الصيادين بالشرقية: مستعد أرمى نفسى للتمساح عشان أنقذ البلد    حزب الاتحاد: لقاء الرئيس السيسي مع حفتر يؤكد حرص مصر على استقرار ليبيا    قرار عاجل لمواجهة أزمة الكلاب الضالة في القاهرة    رياضة النواب تهنئ وزير الشباب بفوزه برئاسة لجنة التربية البدنية باليونسكو    صلاح وسلوت.. مدرب ليفربول: أنا مش ضعيف وقلتله أنت مش هتسافر معانا.. فيديو    غزة تتصدر حصيلة قتلى الصحافة في 2025... ومراسلون بلا حدود تُدين إسرائيل    مدبولي يتفقد مشروع رفع كفاءة مركز تكنولوجيا دباغة الجلود بمدينة الروبيكي    مراسلة قطاع الأخبار بالرياض: الأعداد تتزايد على لجان الانتخاب في السعودية    تطورات جديدة في الحالة الصحية للفنان تامر حسني.. اعرف التفاصيل    وزير قطاع الأعمال يجتمع بمسئولى مركز المعلومات لمتابعة عدد من ملفات العمل    البابا تواضروس الثاني يؤكد وحدة الكنيسة خلال لقائه طلاب مدرسة مارمرقس بسيدني    رئيس جامعة العاصمة: الدراسة بالفرع الجديد ستبدأ في 2027، و80% من طلاب حلوان يتعلمون مجانا    فحص 7.4 مليون تلميذ ضمن مبادرة الكشف المبكر عن «الأنيميا والسمنة والتقزم»    طريقة عمل بلح البحر بتتبيلة مميزة ولا تقاوم    احذر، هذه العادة كارثية بعد الطعام تدمر الصحة    رئيس اللجنة القضائية: تسجيل عمومية الزمالك يتم بتنظيم كامل    غدا.. بدء عرض فيلم الست بسينما الشعب في 9 محافظات بأسعار مخفضة    مواقيت الصلاه اليوم الثلاثاء 9ديسمبر2025فى محافظة المنيا    وزير الثقافة يلتقي نظيره الأذربيجاني لبحث التعاون بين البلدين    ضبط 1.5 طن سكر ناقص الوزن وغير مصحوب بفواتير بمركز ديروط فى أسيوط    السكك الحديد: تطبيق إجراءات السلامة الخاصة بسوء الأحوال الجوية ببعض الخطوط    المستشار حامد شعبان سليم يكتب عن : ماذا تعمل ?!    دعاء الفجر| اللهم ارزقنا نجاحًا في كل أمر    هل يجوز إعطاء المتطوعين لدى الجمعيات الخيرية وجبات غذائية من أموال الصدقات أوالزكاة؟    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



العباسيون والعلويون شركاء الأمس وفرقاء اليوم


كتب: المستشار د. محمد الدمرداش
تناولنا فى مقال الجمعة قبل الماضية مظالم الدولة الأُموية، إلا النذر اليسير فى ولاية الرجل الصالح عمر بن عبد العزيز، وما آلت إليه الدولة الأُموية التى فتّ فى عضدها كثرة الثورات من انهيار انتهى بزوال مُلك بنى أمية بعد هزيمتهم فى معركة الزاب أمام جيوش العلويين والعباسيين، التى قامت على الدعوة «للرضا من أهل البيت»، فقد توسّل دعاة بنى العباس بهذا الشعار لتعاطف الناس مع أهل بيت النبى صلى الله عليه وآله وسلم، وقد استفتح العباسيون الذين توسدوا الأمر عهدهم بالانتقام المغرق فى الشراسة من بنى أمية أحياءً وأمواتًا، حتى لُقّب خليفتهم الأول عبد الله بن محمد ب«السفاح»، ولكن سَرعان ما جدّت أمور بين العباسيين والعلويين أدّت إلى أن يفكر العباسيون فى تغيير موقفهم وهم يؤسسون المرجعية الدستورية لدولتهم الفتية.
فقد أدرك العباسيون مبكرًا أن بنى أُمية لم يعودوا يشكّلون خطرًا عليهم وعلى دولتهم، فقد أُبيدوا تقريبًا فى المجازر التى أقامها لهم العباسيون، دولتهم وزالت شوكتهم، فلم يعد العباسيون يهتمون بذكرهم أو حتى الإساءة لتاريخهم. ولكن العدوّ الجديد الذى صار يلح بقوة هم العلويون، شركاء الثورة ومَن حُرموا قطاف النصر، فقد كانت دعوة العباسيين فى البداية للرضا من أهل البيت دون تحديد أو تصريح باسمه ولا نسبه، فلما تم له الأمر أعلن العباسيون اسم عبد الله (السفاح) بن محمد بن على بن عبد الله بن العباس، وبدأت ثورات العلويين الفصيل المعارض الأول لحكم العباسيين من زمن الخليفة العباسى الثانى المنصور (137 - 159 ه)، وكان قد أخلف أخاه عبد الله السفاح (132 - 137 ه)، فسارع المنصور بقمع هذه الثورات التى أحس أنها تشكل خطرا على تثبيت دعائم دولة العباسيين، فبدأ بقمع ثورة أهالى شمال خراسان الذين ثاروا وأيدوا العلويين، وأرسل إليهم صالح بن زياد، ثم أرسل إليهم أبا مسلم الخراساني. وكان قائد الثورة شريك بن شيخ المهرى الملقب بالمهدي، وكان يدعو الناس إلى خلافة ولد الإمام على بن أبى طالب، ويقول منددا بالعباسيين وإقصائهم للعلويين: «ما على هذا بايعنا آل محمد: أن نسفك الدماء ونعمل بغير الحق»، واستطاع بمعونة أهالى سمرقند القيام بثورة عظيمة وحقق بعض الانتصارات، ثم تخاذل عنه أتباعه بعد أن أرهقتهم جيوش العباسيين، فهزمه جيش أبى مسلم وقتله وقتل معه من أنصاره ثلاثين ألف شخص، وقُمعت ثورته بقسوة شديدة.
وقد اتقد خوف العباسيين من أبناء عمومتهم العلويين بعد ثورة خراسان، فانطلقوا يطاردونهم فى كل مكان، فبدأوا بمجموعة من بنى الحسن بن على فى المدينة المنورة، فقُيّدوا وأُلقوا فى السجن وفيهم عبد الله بن الحسن بن الحسن بن على كبيرهم، ثم أمر فهُدم السجن عليهم ودُفنوا أحياءً.
ثم قامت ثورة هادرة يقودها محمد بن عبد الله بن الحسن المعروف ب«النفس الزكية»، فجهز المنصور العباسى جيشًا كبيرًا وأرسله لمحاربته، وانتهى الأمر بعد كر وفر إلى هزيمة النفس الزكية وقتله، ثم انهزم أخوه إبراهيم -وكان محمد قد أرسله إلى البصرة- مقابل جيش المنصور فى منطقة «باخَمْرى» قرب الكوفة، وقُتل أيضا، وهرب أخوهما الثالث إدريس إلى شمال إفريقية، فأسس الدولة الإدريسية فى تلك البلاد التى دامت قرابة القرنين من الزمان.
والمُطالع لما ذكره المؤرخون المنصفون مثل ابن عبد ربه والمسعودى وابن الأثير عن سنوات الحكم العباسى الأولى يرى فيما فعله أبو جعفر المنصور بالعلويين أموراً يشيب لها الوليد. نعم، حقًّا إن هذا الرجل قد ثبت أركان دولته وأقام لها أسسًا قوية صلبة، إلا أنه فى المقابل أسرف كثيرًا فى الظلم والقسوة بشكل لافت للأنظار.
ثم ولى بعده ولده المهدى ، وكانت سيرته أخف من أبيه فى قمع المعارضين، فبدأ حكمه بإطلاق سراح المنسيين فى سجون المنصور، وانشغل بعد ذلك بإخماد ثورات الخوارج فى خراسان وقنسرين، وبويع من بعده ولده الهادي، وكان ملكه سنة وثلاثة أشهر، لم يُذكر لقِصَر مدة ملكه تنكيل برموز المعارضة إلا ما ذكره أبو الفرج الأصبهانى فى مقاتل الطالبيين.. وهكذا انصرف مؤسسو دولة بنى العباس سريعا إلى مقارعة خصومهم العلويين والثائرين معهم الذين صاروا يشكلون الخطر الأكبر عليهم، لذا فقد صبّوا جُلّ اهتمامهم عليهم، ولم يكتفوا بمحاربتهم بالسيف، بل استنهضوا سلاح الإعلام والقلم واللسان، فأطلقوا لمبغضى العلويين العنان فى النيل منهم، بل إنهم كانوا يشجعون كل من ينتقص العلويين ويقلل من شأنهم ويكافئونه، كما فعلوا مع الشاعر على بن الجهم الذى كان لا يفتأ يتحامل على العلويين بشعره فى حضرة الخلفاء العباسيين، وغيره كثير.
والغريب أنهم وجدوا فى تمجيد الأُمويين -وبخاصة معاوية- ما يحقق بعض أغراضهم وغاياتهم، فتركوا المجال فسيحًا لمن يروى مناقب الأُمويين أو يفيض فى مثالب العلويين.. وفى المجمل قامت دعائم الحكم العباسى فى دوره الأول على الظلم والجور، ونهج فيه العباسيون منهجًا فرديًّا لا يحفل بالشورى أو يقيم لها وزنًا، بعيدًا عن العدل السياسى والعدالة الاجتماعية، فالخليفة يحكم بحسب رأيه وهواه وكأنه ظِلّ الله على الأرض.
ولكن زاد بنو العباس عن أسلافهم الأُمويين بإشغال المسلمين بالقضايا العقائدية والكلامية لتفرقتهم وإبعادهم عن الشئون السياسية، ومن هنا قامت النوادى فى بغداد والمدينة والبصرة وسائر أنحاء العالم الإسلامي، تعج بالمناظرات الكلامية والجدل الفلسفي، وطال احتجاج كل فريق على الفريق الآخر لتثبيت نظريته ودحض نظريات الآخرين. فحدثت المذاهب الإسلامية، والفرق الدينية، مما جعل الأمة تتشعب إلى طوائف، وقع فى ما بينها الكثير من المناظرات والمخاصمات والجدل، فكانت النوادى التى حفلت بالمعارك الكلامية ميدانًا لصراع عنيف، وبصورة خاصة فى قضايا: خلق القرآن، وصفات الخالق الإيجابية والسلبية، والقضاء والقدر، والجبر والاختيار.
وكان من أخطر الدعوات المحمومة التى اندلعت فى ذلك العصر هى «الإلحاد»، وقام به دخلاء حملوا فى قرارة نفوسهم الحقد على الإسلام والكره للمسلمين، وقد ثقل عليهم امتداد الحكم الإسلامى وانتشار سلطانه فى الأرض، فرأوا ألا حول لهم ولا طول إلى محاربته بالقوة، فأخذوا عن طريق الخداع والحيل يبثون سمومهم فى نفس الناشئة الإسلامية، وما زالوا حتى اليوم يلقون الشُّبَه والأوهام فى النفوس، حتى إننا وجدنا من استجاب لهم من المسلمين المخدوعين والمغرورين.. وقد كانت فترة الرشيد والمأمون والمعتصم مجالاً خصبًا لكل هذه الدعوات، وهو ما نعرض له فى مقال الجمعة القادم إن كان فى العمر بقية.
وكيل مجلس الدولة ورئيس المحكمة الإدارية
لجامعة الدول العربية


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.