السعودية تطلق خدمة أجير الحج والتأشيرات الموسمية.. اعرف التفاصيل    أسعار اللحوم والأسماك والبيض اليوم 10 يونيو    حركة القطارات| 45 دقيقة تأخير بين قليوب والزقازيق والمنصورة.. 10 يونيو    استشهاد فلسطينيين برصاص جيش الاحتلال الإسرائيلي في الضفة الغربية    حدث ليلا: فيديو صادم للسنوار.. ومحتجزة سابقة تشعل الغضب ضد نتنياهو    السعودية تستضيف ألف حاج من ذوي شهداء ومصابي غزة بأمر الملك سلمان    فون دير لاين تعرب عن ثقتها من إعادة انتخابها لولاية أخرى    لأول مرة مقاتلات أوكرانية تضرب عمق المناطق الروسية    محمد عبدالمنعم خارج الأهلي مقابل 240 مليون جنيه    توافد طلاب الثانوية العامة على اللجان.. والتفتيش بالعصا الإلكترونية    موعد صلاة عيد الأضحى في الكويت 2024 والساحات المخصصة.. استعدادات مكثفة    شاومينج يتحدى التعليم ويزعم تسريب امتحانات التربية الدينية والوطنية    نجوم الفن يهنئون ياسمين عبدالعزيز لتعاقدها على بطولة مسلسل برمضان 2025    لميس الحديدي: رحلتي لم تكن سهلة بل مليئة بالتحديات خاصة في مجتمع ذكوري    مع فتح لجان امتحانات الثانوية العامة 2024.. دعاء التوتر قبل الامتحان    تعرف على ما يُستحب عند زيارة النبي صلى الله عليه وسلم    الفلسطيني أمير العملة يتوج بذهبية بطولة العالم بلعبة "المواي تاي"    ضياء رشوان: الرئيس السيسي يضع عينيه على المستقبل    نشرة ال«توك شو» من «المصري اليوم»: رئيس «اتصالات النواب» يزف بشرى سارة عن مكالمات التسويق العقاري.. وعمرو أديب عن مدرس الجيولوجيا: «حصل على مليون و200 ألف في ليلة المراجعة»    ترامب يطالب بايدن بالخضوع لاختبارات القدرات العقلية والكشف عن المخدرات    تراجع أسعار النفط لثاني جلسة على التوالي في تعاملات اليوم    تركي آل الشيخ يعلن مفاجأة عن فيلم ولاد رزق ويوجه رسالة لعمرو أديب    واشنطن تدعو مجلس الأمن للتصويت على مشروع قرار يدعم مقترح الهدنة فى غزة    تصفيات مؤهلة لكأس العالم.. جدول مواعيد مباريات اليوم والقنوات الناقلة    الزمالك: شيكابالا أسطورة لنا وهو الأكثر تحقيقًا للبطولات    الكشف على 1346 مواطنا خلال قافلة طبية مجانية بقرية قراقص بالبحيرة    «لا تنخدعوا».. الأرصاد تحذر من حالة الطقس اليوم في مصر (موجة حارة شديدة قادمة)    «كنت مرعوبة».. الفنانة هلا السعيد عن واقعة «سائق أوبر»: «خوفت يتعدي عليا» (خاص)    خالد البلشي: تحسين الوضع المهني للصحفيين ضرورة.. ونحتاج تدخل الدولة لزيادة الأجور    البابا تواضروس يصلي عشية عيد القديس الأنبا أبرآم بديره بالفيوم    رئيس منظمة مكافحة المنشطات: رمضان صبحي لازال يخضع للتحقيق حتى الآن    "ده ولا شيكابالا".. عمرو أديب يعلق على فيديو مراجعة الجيولوجيا: "فين وزارة التعليم"    ضمن فعاليات "سيني جونة في O West".. محمد حفظي يتحدث عن الإنتاج السينمائي المشترك    ضياء رشوان ل قصواء الخلالي: لولا دور الإعلام في تغطية القضية الفلسطينية لسُحقنا    دعوة للإفراج عن الصحفيين ومشاركي مظاهرات تأييد فلسطين قبل عيد الأضحى    المنوفية في 10 سنوات.. 30 مليار جنيه استثمارات خلال 2014/2023    هؤلاء غير مستحب لهم صوم يوم عرفة.. الإفتاء توضح    عند الإحرام والطواف والسعي.. 8 سنن في الحج يوضحها علي جمعة    الحكم على طعون شيري هانم وابنتها على حبسهما 5 سنوات.. اليوم    وصفة سحرية للتخلص من الدهون المتراكمة بفروة الرأس    عددهم 10 ملايين، تركيا تفرض حجرًا صحيًا على مناطق بالجنوب بسبب الكلاب    بمساحة 3908 فدان.. محافظ جنوب سيناء يعتمد المخطط التفصيلي للمنطقة الصناعية بأبو زنيمة    عمر جابر يكشف كواليس حديثه مع لاعبي الزمالك قبل نهائي الكونفدرالية    برقم الجلوس.. نتيجة الدبلومات الفنية 2024 في القاهرة والمحافظات (رابط متاح للاستعلام)    النسبة التقديرية للإقبال في انتخابات الاتحاد الأوروبي تقترب من 51%    نقيب الصحفيين: نحتاج زيادة البدل من 20 إلى 25% والقيمة ليست كبيرة    "صحة الشيوخ" توصي بوضع ضوابط وظيفية محددة لخريجي كليات العلوم الصحية    عمر جابر: سنفعل كل ما بوسعنا للتتويج بالدوري    مقتل مزارع على يد ابن عمه بالفيوم بسبب الخلاف على بناء سور    تعرف على فضل مكة المكرمة وسبب تسميتها ب«أم القرى»    اتحاد الكرة يكشف تطورات أزمة مستحقات فيتوريا    القطاع الديني بالشركة المتحدة يوضح المميزات الجديدة لتطبيق "مصر قرآن كريم"    المستشار محمود فوزي: أداء القاهرة الإخبارية مهني والصوت المصري حاضر دائما    عوض تاج الدين: الجينوم المصرى مشروع عملاق يدعمه الرئيس السيسى بشكل كبير    مصر في 24 ساعة| لميس الحديدي: أصيبت بالسرطان منذ 10 سنوات.. وأحمد موسى يكشف ملامح الحكومة الجديدة    لميس الحديدي تكشف تفاصيل تهديدها بالقتل في عهد الإخوان    شعبة الدواجن: حرارة الجو السبب في ارتفاع أسعارها الأيام الماضية    محافظ المنوفية يفتتح أعمال تطوير النصب التذكاري بالباحور    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



فلسطين والصراع على الرواية التاريخيّة
نشر في التغيير يوم 16 - 05 - 2014

تستعر الحرب التي يشنّها الصهاينة في محاولاتهم تحصين روايتهم التاريخية، وتزداد ضراوة، لا سيما مع احتفالهم بحلول الذكرى السادسة والستين لنكبة فلسطين وإعلان كيانهم. وكان جديد أدوات هذه الحرب مشروع قانون أساس "الدولة اليهودية" الذي تعهّد رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، بتمريره في الكنيست خلال الصيف، وتنص مادته الأولى على أن "أرض إسرائيل هي الأرض التاريخية للشعب اليهودي"، أي نفي أي حق للشعب الفلسطيني على هذه الأرض، أو جزء منها. لكن محاولات تحصين الرواية لا تقف عند سَنّ هذا القانون، بل وصلت إلى حد اتخاذ وزير التعليم الإسرائيلي، الحاخام شاي بيرون، قبل أيام، قراراً بدعم من نتنياهو وتشجيعه، يقضي ب"إحداث ثورة" في مجال تعليم "التناخ" (العهد القديم)، وتضمينه مناهج التعليم لكل المستويات التعليمية، لا سيما في مدارس التيار التعليمي العام، التي يؤمّها العلمانيون خصوصاً. ولم تفت بيرون الإشارة إلى أنه سيتم التركيز على تدريس مركبين أساسيين من مركبات "التناخ" الثلاثة، هما: "الأنبياء" و"الأدبيات"(خوتفيم)، اللذان يُعنيان، بشكل خاص، بسرد الرواية التاريخية التي استندت إليها الحركة الصهيونية في نسج مسوّغاتها لاغتصاب فلسطين.
ومن الواضح أن نتنياهو يأمل، في محاولته تحصين الرواية الصهيونية، إضفاء شرعية على الموقف الصهيوني من الصراع، ولتبرير رفضه مشاريع التسوية التي تطرح بين فينة وأخرى، والتي كان جديدها الخطة التي قدمها وزير الخارجية الأميركي، جون كيري. ففي خطابه أمام مؤتمر "إيباك"، أخيراً، زعم نتنياهو أنه في كل ما يتعلق بالملكية على أرض فلسطين، وتحديداً في الضفة الغربية، هناك "حقيقة تاريخية واحدة". فحسب نتنياهو، الخليل هي: "مدينة الآباء التي اشترى فيها إبراهيم مغارة"، والقدس: "صخرة وجودنا التي حكم داود مملكته منها"، في حين أن "بيت إيل" (مستوطنة شمال رام الله) تمثّل: "المكان التي حلم فيها يعقوب حلمه". ولم تقف الأمور عند هذا الحد، بل تطالب إسرائيل علناً بفك الارتباط مع روايتهم التاريخية، وقبول الرواية الصهيونية.
وواضح أن حرص نتنياهو، ونُخَب الحكم في تل أبيب، على تكريس "الحقيقة التاريخية الواحدة"، لا يهدف إلى إبراز "حجم الثمن" الذي يبدون استعدادهم لدفعه من أجل تسوية سياسية للصراع، بل، تحديداً، لتبرير رفض إبداء أية تنازلات حقيقية. من هنا، يتعهّد نتنياهو، مجدداً، أمام نواب حزبه الليكود، بعدم إخلاء أية مستوطنة من المستوطنات المقامة في الضفة الغربية، ومواصلة الاحتفاظ بمنطقتي "القدس الكبرى"، و"غور الأردن"، في أية تسوية سياسية. وتبعات قبول الرواية التاريخية الصهيونية لا يتحملها الفلسطينيون، في الضفة الغربية وقطاع غزة واللاجئين في الشتات الذين يتوجب عليهم التنازل عن حقهم في العودة، بل إن نخب الحكم في إسرائيل ترى أن "الحقيقة التاريخية الواحدة" تبرّر السعي إلى تحقيق "النقاء العرقي" عبر التخلّص من فلسطينيي 48، وهو ما تعبّر عنه خطة "تبادل الأرض والسكان" التي يتشبّث بها وزير الخارجية، أفيغدور ليبرمان، والذي يدّعي أن القانون الدولي يجيز نقل فلسطينيي 48 إلى مناطق الحكم الذاتي الفلسطيني في الضفة، حتى بدون موافقتهم (جيروزالم بوست،27/3/2014). والتسليم ب"الحقيقة التاريخية الواحدة" يعني قبول واقع التمييز على أساس عنصري الذي يتعرض له فلسطينيو 48، بحجة أن "الدولة اليهودية" تسدي لهم معروفاً، لمجرد قبول بقائهم في تخومها. لذا، لا يفترض أن يحتج أحد، عندما تكشف دراسة إسرائيلية حديثة أن مستوى الخدمات التي يحصل عليها فلسطينيو 48 تقل بنسبة 60% عن التي يحصل عليها اليهود (ذي ماركر، 10/3/2014).
الإصرار على "الحقيقة التاريخية" يعني، بالنسبة للنخبة الإسرائيلية الحاكمة، صهينة الوعي الجمعي للفلسطينيين. فوزير الاستخبارات والعلاقات الدولية، يوفال شطاينتس، يرى أن إعادة صياغة مناهج التعليم الفلسطينية مطلب مهم حتى قبل مجرد الشروع في بحث قضايا التسوية الرئيسة. ويضيق شطاينتس ذرعاً بمادة الجغرافيا، على وجه الخصوص، لأنها تكرس، لدى النشء الفلسطيني، الشعور بالحق المطلق على فلسطين من خلال دراسة خارطة فلسطين وتضاريسها. ويعدّ شطاينتس مناهج التعليم الفلسطينية "تحريضاً"، يجب أن يتوقف. والمفارقة أنه تمكن من إقناع لجنة الموازنة في مجلس الشيوخ الأميركي بالربط بين المساعدات الأميركية المالية للسلطة ووقف هذا "التحريض". من هنا، لم يخطئ المفكر اليهودي، زئيف شترينهال، عندما عدّ أي اعتراف فلسطيني بإسرائيل كدولة يهودية "أوضح إقرار فلسطيني بالهزيمة التاريخية".
يشتد الصراع على الرواية التاريخية في الوقت الذي ينضمّ فيه تحديداً مزيدٌ من المؤرخين اليهود إلى أولئك الذين يفنّدون الرواية التاريخية الصهيونية. ففي كتابه الأخير: "نظرية سياسية للشعب اليهودي"، ينسف المؤرخ اليهودي، حاييم غانز، الرواية التاريخية الصهيونية، ويقدم حجة بسيطة، لكنها متماسكة ومنطقية، ويقول: "إذا غاب اليهود عن بلاد إسرائيل ألف عام وأكثر، حيث كانوا منشغلين أساساً في الحياة خارج حدودها، فكيف بإمكانهم أن يدّعوا أنهم كانوا أصحابها في الزمن العتيق، وظلوا كذلك حتى في زمن انقطاعهم عنها".
إن التشريع الذي يوشك نتنياهو على سنّه وجملة الإجراءات الهادفة لتحصين الرواية الصهيونية تشي، أكثر من أي شيء آخر، بتهافت الرواية التاريخية الصهيونية، وتفضح الإحساس العميق بغياب المشروعية، علاوة على أنها تعكس ضعفاً، وانعدام ثقة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.