فجأة أصبح الحديث عن الإلحاد والملحدين في مصر بلد الأزهر أمرا عاديا منذ انقلاب 3 يوليه 2013 ، وزادت نسبة الملحدين ، وبات البعض يتعاطف معهم بدعوي "حرية العقيدة" و"حرية الإبداع" اللتان نص عليهما دستور الانقلاب الجديد لعام 2013 . وأصبحت هناك صفحات رسمية علي مواقع التواصل الاجتماعي ل "المصريين الملحدين" ، ومجلة وإذاعة للملحدين تنتقد الإسلام وانتخاب الشعب للإسلاميين ، وتستضيفهم الفضائيات المصرية ليسبوا الإسلام ورسول الله صلي الله عليه وسلم ويدعو الشباب للإلحاد بدعوي التعرف علي أفكارهم . فضائيات بعض رجال الأعمال المصريين المؤيدين للانقلاب بدأت الوقوف خلف هذه الظاهرة عقب فور الإسلاميين في انتخابات 2012 بالبرلمان والرئاسة وسعي بعضها للربط بين زيادة الإلحاد وبين الإخوان بدعوي أنهم السبب في انتشار الظاهرة بسبب "كفر" المصريين بما يطرحه الإخوان من "أكاذيب" بحسب زعمهم . وانتشرت الظاهرة وسعت فضائيات للتعامل مع الأمر من زاوية أنها تستضيف الملحدين للتعرف علي أرائهم ، ولو أنتهي الأمر بتمثيلية طرد ملحدة من الأستوديو لأنها أهانت المذيعة كما فعلت المذيعة ريهام سعيد هذا الأسبوع عندما استضافت ملحدة هاجمت الإسلام ، ثم طردتها لأنها قالت لها "أنت جاهلة" ، وقالت لمن اعترضوا علي استضافة الملحدة : "اخبطوا رؤوسكم في الحيط" . وساعد علي انتشار الظاهرة بدل مواجهتها وتوجيه أجهزة الأمن لمحاكمة هؤلاء الملحدين بتهمة ازدراء الأديان ، إلغاء دستور الانقلابيين لعام 2013 للمادة (44) من دستور 2012 التي كانت تُحظر الإساءة أو التعريض بالرسل والأنبياء كافة وتمنع ازدراء الأديان ، فقد كان من الطبيعي أن ينتشر هؤلاء الملحدون ويصدرون مجلة لهم وموقع علي الانترنت ويتناقشون بحرية في إهانة الله والرسل . إحصائية بالملحدين ومع أنه لا توجد إحصاءات واضحة عن تعداد الملحدين رسميا ، فقد كشفت مؤسسة "بورسن مارستلير" بنيويورك أن عدد الملحدين فى مصر وصل إلى 3% ، أى نحو أكثر من مليونى ملحد ، وفقًا لاستطلاع أجرته جامعة إيسترن ميتشيجان"الأمريكية، بعد الحراك الشعبي الاخير الذي أعقاب ثورة 25 يناير 2011 وانتهي بانقلاب 3 يوليه 2013 ، وبعد أن كانت مصر تتصدر الدول الأكثر تدّينا فى العالم فى 2009 بنسبة 100%، وفقًا لاستطلاع معهد جالوب . ولكن في استطلاع آخر لنفس المعهد فى 2012 وصلت نسبة التدين فى مصر إلى 77% فقط وتبين أن هؤلاء الملحدون كانوا موجودون سرا ، ولكن أصواتهم بدأت تظهر ضمن المطالبين بمطالب معينة في الدستور منها أن ينص مثلا على حق إيجاد قانون مدني للأحوال الشخصية للملحدين وأن يتم تفعيل الزواج المدني للملحدين المصريين ، وساعدهم أعضاء لجنة الانقلاب لتعديل الدستور مؤخرا بمطالبة بعضهم بتعديل عبارة "شرائع المسيحيين واليهود" في الدستور الي "غير المسلمين" ما كان سيعني السماح لكل صاحب عقيدة فاسدة أو ملحد أن يحتكم لقوانينه وشرائعه لو وجدت . وقد نشر موقع "الحوار المتمدن" الذي يعتبر المنبر الأكبر للملحدين واللادينيين العرب أرقاما مشابهة نقلا عن دراسة مبنية على استطلاع رأى بين شرائح مختلفة من المصريين، أظهرت أن نسبة الذين لا يؤمنون بإله فى مصر تصل إلى 3 بالمائة، وهو ما يعني أنهم لا يقلون عن مليونين ونصف المليون شخص، هذا بخلاف اللادينيين، وقال الموقع إن الدراسة مشتركة بين اثنين من الأساتذة الإيرانيين، الأول هو منصور معادل أستاذ الاجتماع بجامعة ميتشجن، والثاني هو تقي أزدار مكي، أستاذ العلوم الاجتماعية بجامعة طهران . مجلة وإذاعة للملحدين وفوجئ المصريون بإصدار الملحدين في مصر مجلة تحمل اسم "أنا أفكر" ، إلكترونية ولكن يصدر منها نسخة ورقية غير مجانية يتم إرسالها لمن يرغب باشتراك ، وصدر منها اثنا عشر عددا حتى الآن . وتزعم المجلة التي يرأس تحريرها شخص يحمل اسما مستعارا هو "أيمن جوجل" في مقالها الرئيسي : (لما نعادي التدين ؟) أن سبب إلحاد أعضاءها هو أن أكثر مناطق العالم تخلفاً ودموية وحروب والأكبر في مستويات الجهل ، هي المناطق التي ينتشر فيها التدين . ويكفر الملحدون بثورات الربيع العربي ويعارضونها لأنها جاءت بالإسلاميين الي الحكم في انتخابات حرة نزيهة ،ويسخرون من "شعوب انتخبت أنظمة شمولية إسلامية كأول خياراتها بعد ما سمته ثورات " ، ويعتبرون ثورات الربيع العربي " شاذة تماماً" عن شعوب البلاد العربية لأن طريقة تفكير تلك الشعوب يميل الي العبودية وتحب العيش تحت القيود ، بحسب زعمهم . لم يقتصر الأمر علي ذلك ولكن تم إطلاق إذاعة تحمل اسم" إذاعة الملحدين العرب" تنشر حلقاتها كل أسبوعين يوم الجمعة الساعة التاسعة مساء بتوقيت القاهرة على عدد من المواقع، ويتم تحميل برامجها على موقع "يوتيوب". وسبق أن كشفت حادثة القبض على (ألبير صابر) المنسق الجماهيري لحملة المرشح الرئاسي السابق الدكتور محمد البرادعي بعض الملحدين بتهمة نشر الفيلم المسيء للرسول على صفحته ب"الفيس بوك" أنه مدير صفحة "الملحدين المصريين" إحدى أكبر صفحات نشر الإلحاد على الفيسبوك، ورسخ مدونته للهجوم على الدين واعترف بالإلحاد . كما تبين أنه أنشأ اتهم صفحات إلكترونية إلحادية أخري من بينها صفحات (ناكح الآلهة)، و(الديكتاتور المجنون) ووضع عليها كتابات وصور ومقاطع صوتية ومرئية، تدعو إلى الإلحاد، وتتضمن سب الذات الإلهية، والتهكم على الأنبياء والشعائر الدينية الإسلامية والمسيحية ، ووصف المولى عز وجل ب (الضعيف الذي لا يستطيع حماية المقدسات ) ، وأنكر وجود الذات الإلهية ، وقال في التحقيقات: «إن بعض الآيات في القرآن والإنجيل غير صحيحة، وإن الرسول كان يكتب القرآن بنفسه» . وتبع هذا الكشف أيضا أن عددا من أعضاء حزب الدستور الذي يتزعمه البرادعي ملحدين، مثل (خالد الشبراوي) العضو بالحزب الذي اعترف على موقع "تويتر" بإلحاده وسخريته من الإسلام ومحمد صلى الله عليه وسلم مثل قوله في تدوينة: "محتاجين علماء طب يلاقوا حل للسرطان .. ادعو ربنا لو كان بيسمع أصلا أو حتى موجود" .