قال الدكتور "بلال محمد بديع" نجل الدكتور محمد بديع المرشد العام لجماعة الإخوان المسلمين أنه سأل والده في الزيارة الأخيرة ما إذا كان "يفضّل أن يقضي فترة حبس في السجن أم أن ينال الشهادة بالإعدام ، فقال لنا أنه يفضّل الشهادة، ولكنه أسلم أمره لله تعالى وهو راضٍ بقضائه أياً كان وواثق أن فيه الخير" . وقال ل "الشرق .تي في " إن لم يعرف حالة والده بعد الحكم عليه بالإعدام أمس في قضية أحداث "العدوة" التي نظرتها محكمة جنايات المنيا، لأنه لم يكن معه ليعرفها، إلا أن المحامين قالوا له إنه تقبل الحكم برضاء تام بقضاء الله وقدره، وقال إنه "لو أعدموه ألف مرة، فلن يحيد عن طريقه، فشعارهم الموت في سبيل الله أسمى أمانينا لم يكن كلاماً مرسلاً" . وأضاف - ردًا علي ما زعمه مصدر أمني بأن المرشد تأثر سلبا بحكم الإعدام - :" من معرفتي بشخصية والدي، فأنا أثق تماماً أن الحكم لم يهز فيه شعرة واحدة، وبالتالي فأنا أكذّب ذلك المصدر الأمني الذي ادّعى أنه تأثر بالحكم " . وحول موقف الأسرة، قال:" الحمد لله نحن راضون بقضاء الله واثقون في عدله ونصره، مساندون للوالد الكريم في كل خطواته وقراراته، ولقد قدمنا أخي شهيداً من قبل في سبيل الحق، ولن نتورع أن نقدم أنفسنا واحداً تلو الآخر لنصرة دين الله ونصرة الحق، ونحن نعلم تمام العلم أن الموت والحياة بيد الله سبحانه وتعالى وحده، وأن القاضي لا يملك أن يؤخر أجل الوالد دقيقةً واحدة أو يقدّمه، بل إنه لا يملك حياته هو نفسه دقيقةً واحدة، فله ولأمثاله من قضاة الجور والبطش نقول حسبنا الله ونعم الوكيل: "اقض ما أنت قاضٍ إنما تقضي هذه الحياة الدنيا"، "والله غالبٌ على أمره ولكن أكثر الناس لايعلمون" . واختتم "بلال" بقوله :"لقد شاهدت الدنيا كلها مهازل تلك المحاكمات ولسنا في حاجة لأن نعلّق على ما هو واضح لكل ذي عينين أما بالنسبة لأي إجراءات سنأخذها فذلك يرجع للسادة المحامين ، وإن كنا لا نعوّل كثيراً على أي إجراءات في ظل هذه السلطة القمعية الغاشمة الغير شرعية والغير قانونية بالمرة" . ويبقي السؤال الأهم: ماذا لو تم إعدام المرشد ومن معه فعليا؟، وكيف سيكون تأثير هذا الأمر علي المشهد إذا ما تم تأييد حكم الإعدام في شهر يوليو المقبل؟.. وهل تتغير الأوضاع رأسًا علي عقب- هذه المرة- بالنسبة للسلطة الانقلابية ؟!. من هو محمد بديع ؟ "سلميتنا أقوي من الرصاص".. كانت هذه الجملة الشهيرة التي أطلقها الدكتور محمد بديع، المرشد العام لجماعة الإخوان المسلمين، من فوق منصة رابعة العدوية، خلال مشاركته في الاعتصام الشهير - نافيا خبر اعتقاله وقتها - ليقول للعالم أجمع أن كافة تحركات رافضي الانقلاب العسكري سلمية ولن تنجرف للعنف، مهما كان قمع الانقلاب وتنكيله بالمتظاهرين السلميين. وكانت جملته الأخري : "كل الملايين، ستبقى فى الميادين، حتى نحمل رئيسنا المنتخب الرئيس محمد مرسى، على الأعناق" ، من أشهر الجمل التي قالها "بديع"، والتي يعتقد البعض أن صدي تلك الجملة وتأثيرها لا يزال موجودًا، وأن لها دلالة هامة في الأحداث والمشهد السياسي الراهن المتأزم . و"بديع" هو أستاذ علم الأمراض كلية الطب البيطري بجامعة بني سويف، ولد في مدينة المحلة الكبرى في 7 أغسطس 1943، وعمل كأستاذ متفرغ بقسم الباثولوجيا بكلية الطب البيطري جامعة بني سويف، كما كان أمين عام النقابة العامة للأطباء البيطريين لدورتين، وأمين صندوق اتحاد نقابات المهن الطبية لدورة واحدة ، وقد أعلنت كليته أنه سيتم فصله لو صدر حكم نهائي ضده . صنفته الموسوعة العلمية العربية التي أصدرتها الهيئة العامة للاستعلامات المصرية في 1999، كواحد من "أعظم مائة عالم عربي"، وهو مؤسس المعهد البيطري العالي بالجمهورية العربية اليمنية، وعضو مكتب الإرشاد بجماعة الإخوان المسلمون منذ عام 1993، وعضوًا بمكتب الإرشاد العالمي منذ 2007. تزوج "بديع" سمية الشناوي، ابنة الضابط طيار محمد علي الشناوي، من الرعيل الأول لجماعة الإخوان المسلمين، وأنجب ثلاثة أبناء هم عمار الذي كان يعمل مهندس كمبيوتر (38 عام)، والذي استشهد في 16 أغسطس 2013 في ميدان رمسيس بالقاهرة، ضمن فعاليات المطالبة بإسقاط الانقلاب ورفض فض اعتصام رابعة العدوية، والذي لم يستطع أن يحضر جنازته، و"بلال" (طبيب أشعة)، و"ضحى" (طالبة صيدلة)، وله ثلاثة أحفاد هم "رؤى"، و"حبيب"، و"إياد" . في 16 يناير 2010 تم انتخابه مرشدًا عامًا ثامنًا لجماعة الإخوان المسلمين ليخلف المرشد السابق مهدي عاكف، في سابقة هي الأولى من نوعها على مر تاريخ الجماعة في مصر باختيار مرشد عام للجماعة بالانتخاب في ظل وجود مرشد عام على قيد الحياة . صاحب انتخابه - كأول ظهور حقيقي له في الحياة السياسية- جدل وانقسام لدي البعض داخل الجماعة اعتراضا علي انتخابات مكتب الإرشاد حينها. بعض المحللين وصفوا العام الأول من فترة رئاسته لمكتب الإرشاد- والتي سبقت ثورة 25 يناير- بأنها شهدت تراجعًا لتواجد "الإخوان" سياسيا، فبعدما كان لهم 88 نائب في البرلمان خلال فترة "عاكف"، حال التزوير الفج في انتخابات 2010 دون نجاح سوي نائب واحد فقط في الجولة الأولي من الانتخابات، وهو ما دفع الجماعة للإعلان من الانسحاب من جولة الإعادة ومن هذه الانتخابات المزورة نهائيا، كما تراجع دور الإخوان في النقابات إلي حد ما بسبب الممارسات القمعية لنظام المخلوع مبارك. وجاءت ثورة يناير لتتصدر الجماعة المشهد، وتحصل علي الأغلبية البرلمانية في مجلسي الشعب والشوري السابقين، وتكتسح انتخابات الكثير من النقابات، ورغم مطالبة البعض، وعلي رأسهم الدكتور عبد المنعم أبو الفتوح، بإعادة هيكلة الجماعة تماما، وإجراء انتخابات علي كافة مستوياتها، تماشيا مع روح الثورة، إلا أنه لم تحدث استجابة لهذه نظرًا للظروف الحساسة التي كانت تمر بها الجماعة ومصر عامة، وظل "بديع" في منصبه ومكتب الإرشاد كما هو، إلي أن جاء انقلاب 3 يوليو ليغير أوضاع مصر عامة وجماعة الإخوان خاصة رأسًا علي عقب. زعم البعض بأنه كان الحاكم الفعلي للبلاد أبان عهد الرئيس محمد مرسي، لكن من وراء ستار، إلا أن بعض المراقبين والمحللين أكدوا أن "مرسي" ذاته لم يكن حاكما فعليا للبلاد، ليس لأن "بديع" هو الحاكم الفعلي، لكن نظرًا لأن "الإخوان" أنفسهم لم تكن لديهم سيطرة علي مقاليد الحكم تماما، حسبما قال بعض المراقبين للمشهد . تاريخ محاكمات المرشد تعرض "بديع"- الذي يكمل عامه ال 71 بعد ثلاثة أشهر- طوال حياته لأربع محاكمات، كانت الأولى في القضية العسكرية التي كانت عام 1965 مع سيد قطب وبعض قادة الإخوان، وحُكم عليه بخمسة عشر عامًا، قَضى منها 9 سنوات، وخرج من السجن في 4 أبريل 1974، وعاد لعمله بجامعة أسيوط، ثم نُقل إلى جامعة الزقازيق، وسافر بعدها لليمن، حيث أسس هناك معهدها البيطري، وعاد بعدها إلى جامعة بني سويف . وكانت القضية الثانية للمرشد هي السجن لمدة 75 يومًا في قضية جمعية الدعوة الإسلامية ببني سويف عام 1998، حيث كان يشغل منصب رئيس مجلس إدارة جمعية الدعوة ببني سويف بعد اعتقال الحاج حسن جودة، والثالثة هي قضية النقابيين سنة 1999، حيث حكمت عليه المحكمة العسكرية بالسجن خمس سنوات، قضى منها ثلاث سنوات وثلاثة أرباع السنة وخرج بأول حكم بثلاثة أرباع المدة سنة 2003. أما المحاكمة الرابعة، فهي الأخيرة التي يحاكم فيها اليوم، بعدما أصدرت النيابة العامة في 11 يوليو 2013 أمرًا بضبطه وإحضاره للتحقيق معه في تهمة التحريض على الاشتباكات التي وقعت حول دار الحرس الجمهوري، والتحريض على العنف في أحداث ميدان رابعة العدوية وميدان النهضة، وتم القبض عليه فجر الثلاثاء 20 أغسطس 2013 في إحدى الشقق بمدينة نصر دون أي مقاومة تذكر . ويواجه "بديع" اتهامات فى 37 قضية، بحسب محاموه بتحريض الإخوان ومعارضي السلطة فى عدّة محافظات علي العنف، ومنها اتهامات بالتخابر لصالح جهات أجنبية لزعزعة الأمن القومي، والتحريض على قتل المتظاهرين السلميين، والاعتداء على الثكنات العسكرية، واستعمال القوة والإرهاب، للإضرار بالبلاد. وجاء حكم محكمة جنايات المنيا، الأخير بإحالة أوراق 683 شخص من معارضي السلطة بينهم "بديع" لمفتى الجمهورية، بتهمة التحريض على العنف وإثارة الشغب، ليكون هو ثاني مرشد للإخوان يواجه حكمًا بالإعدام، فقد سبقه المستشار حسن الهضيبى، المرشد الثاني بعد الإمام حسن البنا، عام 1954 لكنه خفف إلى الأشغال الشاقة . يعرف عنه الصبر والاحتساب وكثرة الدعاء والتقرب من الله، بحسب مقربين منه، ولذلك أنشد "بديع" أنشودته الشهيرة " هتفرج هتفرج بأذن الإله" خلال فترات سجنه السابقة، وكرر هذه الأنشودة- مع بعض قادة الإخوان- أكثر من مرة داخل قفص الاتهام خلال فترة محاكمته الباطلة الحالية. وتقول كلمات تلك الإنشودة:" "هتفرج هتفرج بإذن الإله وهنخرج و ننعم بنور الحياة"،، يا قاعد لوحدك وشكلك حزين.. متضحك شوية ده ربك معين،، يا ساهر في ليلك تعد النجوم.. متضحك شويه وسيب الهموم،، عيالك وأهلك في رحمة كريم.. وهو المدبر وهو المعين .