ذكرت صحيفة "فايننشال تايمز" أن المملكة العربية السعودية تتبنى سياسات مواجهة الإخوان المسلمين وجميع أشكال الإسلام السياسي، الأمر الذي ترك آثارا بارزة على الواقع الداخلي للمملكة وعلاقاتها مع دول الجوار. وفي تقريرها المطول أكدت الكاتبة رولا خلف أن القلق السعودي من الإخوان والتوترات مع قطر متعلقة بمسألة الخلافة في البلاد، فالملك عبدالله البالغ من العمر 90 عاما قلل من مهامه ومسؤولياته بشكل كبير، كما أن ولي عهد الأمير سلمان ليس في صحة جيدة مما ترك الباب مفتوحًا أمام عدد من الأمراء والمساعدين بمن فيهم خالد التويجري، مدير مكتب الملك عبدالله، لاتخاذ سياسات متشددة. ولفتت الصحيفة إلى أنّ الخلاف بين الإخوان والسعودية؛ هو خوف الأخيرة من تأثيرهم على شرعية النظام الحاكم في السعودية. وقالت الكاتبة إن خوف السعودية ينبع من إمكانية تجذر الإخوان في مصر، وهو ما يعني "تصدير" فكرهم للخليج، والمفارقة أن السعودية تقلق من الإخوان مع أنها دولة تجمع بين الدين والسياسة. وأشارت الكاتبة إلى أن حقيقة اعتماد السعودية على الإسلام في شرعيتها هو سبب خوفها من منافسيها الإخوان. وأضافت أن مخاوف الإمارات من الإخوان هو عامل ساهم في الموقف المتشدد من الإسلام السياسي. ففي العام الماضي أصدرت محكمة إماراتية أحكاما بسجن عشرات من الإسلاميين الإماراتيين في محاكمات انتقدتها منظمات حقوق الإنسان. وترى الصحيفة أن السعودية التي غالبا ما اتسمت سياستها بالدبلوماسية ومحاولة دمج الإسلاميين ومعاقبة المحرضين والمتشددين تبدو اليوم أكثر حزما، وهو ما أثار خوف الناشطين السياسيين وحيرة المراقبين والمسؤولين الغربيين. ونقلت عن محام يعمل في العاصمة الرياض قوله "ما يثير الغرابة أن شيئا مهما لم يحدث في السعودية كي يبرر هذا التطور الأخير". ولاحظت الصحيفة أن قانون الإرهاب والتشدد مع الإخوان ومن يتعاطف معهم جاء جنبا إلى جنب مع الأزمة مع قطر المتهمة بدعم الإخوان. وأدت لسحب السفراء وتهديد الرياض بإجراءات صارمة مثل إغلاق الحدود والمجال الجوي. وفسر مقربون من الحكومة السعودية الموقف من قطر بأنه نابع من شعور الرياض نفسها كقائد، ولن تتسامح أبدا مع أي جهة تهدد هذه القيادة ويقول أحدهم "لقد أصبحنا المبادرين في السياسات ومن نحدد مصالحنا". كما أشارت الصحيفة أيضا إلى أن الموقف هذا لا يعمل على الاستقرار بل يهدد المنطقة في محاولات الرياض الدائبة بإعادة عقارب الساعة لما كانت عليه قبل الربيع العربي. ولهذه الأسباب سارعت الحكومة السعودية لدعم الانقلاب وتقديم المليارات له. وبحسب محلل سياسي سعودي "هناك اعتقاد في السعودية يقوم على أن الإخوان المسلمين هم القوة الوحيدة القادرة على استثمار الربيع العربي وبدون الإخوان لم يكن هناك ثورات". وترى الصحيفة أن حملة السعودية لم تتوقف عند مصر، بل وحاولت منع الدول المتعاطفة مع الإسلاميين مثل قطر التي رفضت دعم الانقلاب، بل وطلبت من الدوحة إغلاق أو الحد من تغطية قناة الجزيرة والتي تتهم بمنح منبر للإخوان المسلمين. ولم يخف السعوديون معارضتهم للاتفاق النووي الذي رأوا فيه تكريسا للهيمنة الإيرانية في المنطقة. وعلق محام في الرياض قائلا "تحسن العلاقات الأمريكية مع إيران وتراجع دور السعودية النفطي، أشعر السعوديين بالخوف من الخسارة". وأشارت الصحيفة إلى الخلافات داخل العائلة السعودية والمرتبطة بمصير العائلة الحاكمة، وقد أثرت هذه على طريقة التعامل مع ملفات مهمة مثل سوريا التي أدى دعمها للمعارضة لتدفق آلاف السعوديين للقتال هناك. ومن هنا خافت السعودية من عودة هؤلاء الجهاديين كما حدث في أفغانستان. وبهذا بدأت حملة لمنع سفرهم وأصدرت تشريعات تعاقب من يقاتل خارج السعودية أو يتعاطف مع الثورات. وعلقت خلف أن سياسات السعودية ربما جاءت باسم تحقيق الاستقرار ولكنها تعمل العكس. وبدا هذا واضحا في سياسات مجلس التعاون الخليجي الذي اتخذته السعودية منذ بداية الربيع العربي وسيلة لحل والتدخل في قضايا اليمن ودعم تدخل الناتو في ليبيا، وأرسلت قوات ردع الخليج للبحرين.