إذا كانت مصر بصدد الخروج من الربيع العربى ولو مؤقتا، فالقدر الثابت أنها خرجت من دائرة التأثير، عربيا وإقليميا وفى أوضاعها الاقتصادية المتردية والسياسة المأزومة فإنها أصبحت مفعولا به وليست فاعلا. إن العالم العربى لم يعد بحاجة إلى مؤامرات تحاك ضده فى الخارج، لأن صراعات دوله تحقق لأى متآمر عليه مراده دون حاجة لبذل أى جهد من جانبه، حتى أزعم بأن الصراع العربى العربى أصبح الشاغل الأساسى «والقضية المركزية» للأنظمة القائمة. إن التدهور الحاصل فى منطقة الخليج الذى لايزال سياسيا حتى الآن، مرشح لأن يتطور إلى حصار اقتصادى لقطر يضغط عليها بحيث يقطع الطريق البرى الذى يوصل إليها من السعودية، وهناك تسريبات لا أريد أن أصدقها تتحدث عن احتمالات المواجهة العسكرية بين البلدين، خصوصا إذا تحققت الدعوة إلى إقامة اتحاد بين الدول الثلاث السعودية والإمارات والبحرين. إن ما حدث يمثل ضربة موجعة للربيع العربى، ليست بالضرورة نهاية له، رغم أن إعلام الثورة المضادة مستمر فى تشويهه واعتباره كارثة حلت بالأمة، لكننى أزعم أننا بصدد حالة من الجزر والتراجع مماثلة لما شهدته ثورات أخرى. ويظل الباب مفتوحا لتحول ذلك الجزر إلى مد يعيد الأمل والثقة فى الربيع. على الأقل فذلك ما نلاحظه فى تحرك شباب الثورة فى مصر، الذى يرفض الاستسلام للتراجع ويقاومه بشدة. إن قضية فلسطين لم يعد لها ذكر فى الخطاب السياسى العربى الراهن. ولذلك فإننى أعتبر أن إسرائيل هى الفائز الأكبر فى التحولات الراهنة حيث لم تعد سياساتها محل اعتراض أو حتى اكتراث من جانب الأنظمة العربية. ولا نستطيع أيضا أن نتجاهل ارتفاع أسهم إيران وتقوية ساعدها خليجيا ومشرقيا. لا أعرف إلى أين نحن ذاهبون بعد ذلك. لكن الذى أعرفه أننا سائرون على طريق الندامة، وليس السلامة بأى حال. والله أعلم بعد ذلك بالمآلات. * لقراءة هذا المقال كاملا اضعط هنا