يبدو أن السلطة القومية الشوفينية التمركز تصنع موجة جارفة عامة ترنو إلى التعريب القسري، بدليل أن الأنظمة الشمولية التي توالت على حكم العراق المتنوع الإثنيات والأديان، رأت أن أفضل الطرق للقضاء على حركات التمرد والثورات القومية يتلخص بتعريب الكردي والتركماني والكلداني والأرمني والآشوري والمندائي والشبكي والجميع، اعتماداً على شيوع الثقافة العربية وتعميم اللغة العربية، بوصفها إناءً ثقافياً عاماً وشاملاً، زيادة على أهميتها الدينية بالنسبة للأقوام المسلمة كالكرد. وقد اعتمدت تلك الأنظمة على نظرية أن "القومية العربية" إنما هي ثقافة، أي أنك تكون فرداً عربياً، إذا كنت قادراً على التحدث بالعربية وإذا كنت تطرب على أغاني فريد الأطرش وحضيري ابو عزيز! من الناحية النظرية، يبدو هذا المنطق صحيحاً بقدر تعلق الأمر بما يسمى ب"الثقافة السائدة"، إلا انه قد يغدو قسرياً ومؤلماً، عندما تعتمد تلك الأنظمة الثقافية العربية، ولاءً، اي عندما تسأل الرجل الأرمني: " من أي الأعمام أنت؟". انت عربي؟ مانسبك قيسي أم عدناني؟ وهل أنت من العرب العاربة أم العرب المستعربة؟ لا يفهم الكردي أو الآثوري أو التركماني هذا النوع من الانتساب القبلي، لأنه يعتقد بأن حضوره في مدارس تدرس اللغة العربية، وقدرته على التكلم بالعربية، بل وحتى على كتابة أبيات شعرية بالعربية كافية لتبرير إجابته عن "القومية" بأنه "عربي". أما إذا شئت أن تعرف بدقة هل هذا من بني أسد أم من تميم، من طي أم من خزاعة؟ فهذه مسألة فيها تعقيد بعيد المنال بالنسبة له. في هذا الخانق سقطت معظم الأنظمة الشمولية في الفخ، عندما أوغلت بفرض الانتماء إلى القومية العربية حد احتقار الآخرين من خلال الانتماءات العشائرية والقبلية، وهي انتماءات تفرض على اتباع الأقليات من الذين يطربون على أغاني أم كلثوم وداخل حسن نوعاً من الحساسية التي تعود إلى كراهية العرب وإلى اللوذ بالشعوبية أداة لمكافحة الشوفينية. لقراءة هذا المقال كاملا اضعط هنا