عندما يبتئس المرء للحساسية المفرطة عند العقل العربي حيال اي نقد مهما بلغ حجمه، فإنه لا يريد جرح "الرومانسية" العربية. وإذا كانت هذه الرومانسية من الميزات الحميدة، فإنها لا يمكن أن تقلب إلى عصبية وشوفينية لا معنى لها في عصرنا الراهن. فعندما ينتقد المرء النزوع الارتجاعي نحو البقايا الطللية للماضي في العقل العربي، فإنه لا ينتقد رومانسيته، ذلك أن الرومانسية ليست في هذا الارتجاع الذي دأب شعراء الجاهلية على اصطناعه له بما يسمى بتقليد "بكاء الأطلال"". لذا بقينا نبكي على "حبيب ومنزل" وعلى "أم أوفى" أجيالاً وقرونا، إلا أنهم لم يعودوا قط، لذا نلوذ بمناديلنا لنمسح الدموع، ثم نبدأ بالموضوع الجدي للقصيدة. هذا الارتداد إلى الطلل إنما هو جزء من "حلم الأسلاف" الذي يحبس النفس العربية ويحرمها من آفاق الحاضر والمستقبل الرحبة. إذاً لماذا يوصف نقاد العقل والثقافة العربية باستخدام خزين مهيأ من التهم كالشعوبية والعصبية وربما حتى الصهيونية. للمرء أن يشكر من يدله على مثالبه وأخطائه وله أن يضاعف الشكر والامتنان عندما يدله العقل الناقد على طرائق التقدم والتخلص مما لاث ثقافتنا وذهنيتنا من تحاملات قد تبدو مضحكة في عصر العولمة، خاصة عندما نتكلم عن "الكبرياء" والاعتداد ونكتب رسائل الماجستير والدكتوراة عن رمزية سنابك الخيول في شعر "دعبل" أو "تأبط شراً"، فيا قوم كفى نتأبط الشرور وسوء الظن. إن قبول النقد من الآخر ومبادلته النقد إنما يفضيان إلى التفاعل الثقافي الحيوي، وهو الشرط المسبق لكل تقدم ومدنية. لقراءة هذا المقال كاملا اضعط هنا