الذين يكتبون حول كليشيهات القراءة العربية المتدنية، أضع هذا المشهد أمامهم، لأنني بالفعل كنت أتساءل وأنا أعبر تلك الجموع عن سبب تواجد كل هؤلاء البشر في معرض الكتاب المقام بالشارقة، أليس من الطبيعي أنهم جاءوا لأجل القراءة، لشراء الكتب، للفرجة على الكتب، للبحث عن كتاب أو لنشر كتاب، أو لحضور حفل توقيع كتاب أو للقاء كاتب أو ناشر أو صديق بيده كتاب أو يعنيه الكتاب؟، إذا كانت هذه هي الأسباب التي دفعت كل هؤلاء الناس للمجيء إلى المعرض، فالنتيجة أن هناك من يقرأ بالفعل وبلا شك وحتماً وبالضرورة. ربما قال البعض إن تلك مجرد انطباعات زائر عابر لا أكثر، وأن القراءة والمقروئية تقاس بمعايير أكثر علمية كالإحصاء والأرقام، ونقول بأن الأرقام التي تصدرها إدارة المعرض حول أعداد الزائرين يوميا وأرقام المبيعات وكميات الكتب التي تطلبها المؤسسات وبعض المكتبات والمشاريع تحقق نسب أرباح جيدة للناشرين الذين ينتقلون من معرض إلى آخر، معتمدين على خبرة عريضة أحيانا وعلى نتاج جيد من الكتب أحيانا وعلى علاقات وتسهيلات أحياناً وعلى نوعية القارئ وكثافته في أحيان أخرى، كل ذلك يعني أن هناك قارئاً يريد أن يقرأ ويسعى للكتاب بكل قدرته ومقدرته، بقي أن يصل إليه الكتاب الجيد الجدير بالقراءة. نحتاج قليلاً من ترويج ثقافة إيجابية حول القارئ العربي مغايرة لثقافة (أمة تقرأ لا تقرأ)، لأن الحقيقة هي أن أمة اقرأ لم تتوقف يوماً وفي أحلك أيامها وظروفها عن القراءة وإنتاج الكتاب، وحتى عندما اجتاح هولاكو بغداد لم يعدد المسلمون القتلى بقدر ما بكوا دماً على كتب دار الحكمة التي ألقاها المغول في دجلة حتى جعلوه حالكاً لكثرة ما ذاب فيه من أحبار الكتب. نحتاج أن نعيد للناس ثقتهم بذائقتهم، ونمنحهم حقهم في الاعتراف بجهدهم والتصاقهم بثقافة القراءة، فلا يجوز إحباط الناس وتدمير معنوياتهم؛ لأن صفيقا ك"موشي دايان" قال في ستينيات القرن الماضي (إن العرب لا يقرؤون)، هذا إذا صح عنه أنه قال هذه العبارة المقيتة. المستلبون إزاء هذه الثقافة أو إزاء هذه الفكرة مطلوب منهم التحرر من وطأة وجودها في لا وعيهم التاريخي والنظر بشكل مختلف، ليس بشكل دعائي أو كرنفالي أو مجامل، ولكن بقليل من الموضوعية والأمل. لقراءة هذا المقال كاملا اضعط هنا