ما بين التساهل الأمني المتعمد في التعامل مع رابطة ألتراس أهلاوي قبل الانقلاب، ثم القمع العنيف ضدهم، بعده، تنكشف المزيد من التفاصيل حول المخطط الأمني لإسقاط أول رئيس منتخب ديمقراطيا في مصر، وحول علاقة الكراهية الشديدة التي تكنها الأجهزة الأمنية لرابطة كان لها فضل يوما ما في إسقاط دولة مبارك، بما نجم عنه صراعا مستمرا عنوانه الرئيسي "الانتقام". كسر الحاجز النفسي لعبت روابط الألتراس، لا سيما ألتراس أهلاوي، باعتبارها الأكثر عددا والأفضل تنظيما، دورا بارزا في السنوات الأخيرة من حكم مبارك في إسقاط دولة المخلوع البوليسية، إذ لم يعتد الشعب المصري على مثل هذه التجمعات الكبيرة التي تعبر عن آرائها في حرية، دون خوف من بطش العادلي وماكينته الأمنية، وهو ما ولد توترا شديدا بينهم وبين نظام بوليسي يرغب في تكميم الأفواه، بما أحدث الكثير من الشد والجذب، انعكس في النهاية في مشاركة ألتراس أهلاوي بشكل مؤثر في مظاهرات 25 يناير، الأمر الذي أكسب الثورة زخما إضافيا، مع التسليم بوجود أخطاء سلوكية عديدة في طريقة تشجيع روابط الألفاظ بشكل عام والتناحر المستمر بين تلك الروابط. انتقام في معرض تحليلها لمذبحة ستاد بورسعيد التي وقعت في 2 فبراير 2012، التي راح ضحيتها 72 من مشجعي الألتراس، قالت صحيفة شيكاغو تريبيون الأمريكية أن "العديد من مشجعي كرة القدم يتملكهم الاقتناع بأن حادث بورسعيد هو مخطط أمني مدبر بزعم أن ضباط الداخلية لا يزالون ينتمون بولائهم إلى نظام الرئيس المخلوع حسني مبارك، وأن الداخلية أرادت تأديب مشجعي الأهلي الوافدين إلى بورسعيد لدورهم في الإطاحة بمبارك" وأردفت الصحيفة أن العلاقة بين الكرة والسياسة بدأت في مصر منذ ظهور الألتراس منذ عقد من الزمان، كشكل غير تقليدي من أشكال التشجيع الكروي في مصر، واتسم تشجيعهم بالتعصب الشديد وتبادل العداء بين طوائف المشجعين المختلفة. ونقلت الصحيفة عن أحد أعضاء الألتراس قوله :"بينما لم يكن هنالك أحزاب سياسية، أو اتحادات دراسية لجأنا لعالم كرة القدم، بدافع الرغبة في الانتماء، ووجدنا مبتغانا في الألتراس". وتابعت الصحيفة الأمريكية: "وكانت ثورة 25 يناير بمثابة فرصة سانحة للألتراس للانتقام من قمع الشرطة لهم، حيث كان لهم تواجدا مؤثرا في الثورة، إلا أن تنحي مبارك لم يخفف من رحي المعركة بينهم وبين الشرطة، ففي نوفمبر وديسمبر من عام 2011، ارتبط اسم الألتراس باحتجاجات ضد المجلس العسكري أسفرت عن اشتباكات بينهم وبين قوات الأمن". وأشارت الصحيفة إلى أن العديد من المصريين يؤمنون بدور الألتراس الإيجابي في كسر جدار الخوف الذي بناه الرئيس المخلوع. تساهل متعمد لأن نظام مرسي لم يكن على هوى الدولة البوليسية العميقة، لذا "تركوا الحبل على الغارب" لألتراس أهلاوي يفعلون ما يشاءون، في سعيهم للحصول على حق رفقاء المدجات الذي قضوا نحبهم في مباراة المذبحة الشهيرة، فتارة يحاصرون البورصة، ويقطعون خطوط المترو، بل ربطت تقارير بينهم وبين حرق مقر اتحاد كرة القدم، دون أي ملاحقات أمنية، في تساهل أمني واضح لإفشال دولة مرسي، وتصوير نظام مرسي، كما لو كان عاجزا عن إدارة دفة الأمور في مصر. عادت لتنتقم بعد الانقلاب على مرسي، عادت الدولة البوليسية في أشرس شكل لها، ولم يعد مسموحا لأي كيان مهما كان بالتعبير عن الرأي، وإلا دهسته ماكينة الانقلاب، الأمر الذي دفع "نيويورك تايمز" أن تخصص افتتاحية لها بعنوان "من سينجو في مصر؟" قالت خلالها: بعد مرور عامين من مخاطرة آلاف المصريين بأرواحهم، لإسقاط الديكاتور حسني مبارك، زادت الحكومة التي يتحكم فيها الجيش من نطاق نظام قمعي، قد يكون في النهاية أسوأ من النظام الذي أسسه وأداره مبارك...لا يبدو أن هنالك نهاية لتلك الضوابط الوحشية، حيث يسعى الجيش لكبح الإعلام، والمناورة بالمحاكم، وإساءة استخدام الأجهزة الأمنية، وتقييد جماعات المجتمع المدني". وبالتالي عاد الأمن لممارسة لعبة الانتقام مع الألتراس. كشف المستور وليس أدل على ذلك من شهادة أحد الذين تم إخلاء سبيلهم من أفراد الألتراس في الاشتباكات التي دارت مع أمن مطار القاهرة قبل وقفة عيد الأضحى بيومين والتي وثقها "مركز النديم " الحقوقي، ونصها كالتالي: الشهادة الأولى: احنا اللي قتلناكوا في بورسعيد واحنا اللي هنقتلكوا هنا احنا كنا مستنيين لعيبة الأهلي قبل وقفةالعيد بيومين الساعة 6 مساءاً عند المطار القديم – صالة 1. حصلت مشادة بيننا وبينالأمن، ماعرفش سببها. كان اشتباك بسيط مش مستاهل. الناس ولعت شماريخ لكن مش أكترمن كده. فوجئنا إن ظابط طلّع مسدسه بيضرب نار حي.طلعنا نجري بره المطار. واحنا بنجري، اتنين من أصحابنا اتمسكوا، واحد صاحبنا راحيجيبهم سيبناه وجرينا، لقينا على الطريق كمين. كانت الدنيا ضلمة ولقينا ضرب خرطوش وغاز.رجعنا وجرينا ناحية تانية، لقينا كمين تاني، واحنا بنشاور ونقول سلمية، فضلوايقربوا والكمين من الناحيتين فاتزنقنا في 5 متر على الرصيف. ورغم إننا اتحبسنا فيالكمين، ضربوا علينا خرطوش. وفجأة ضربوا علينا قنبلتين غاز. الغاز ملا المكان لدرجة إن الظباط والعساكرماستحملوش وبعدوا. وده خلانا نعرف نجري. كنا حوالي 200 واحد، اللي عرف يهرب عدد قليلجداً. وقبضوا على 170 واحد مننا. أنا جريت ونطيت من فوق سور عالي، والسور اللي بعده عديت من فتحة ضيقة من تحت البوابة في قلب السور. ركبت عربية ميكروباص مع 5هربوا معايا. كل ما نروح حتة نلاقي كمين، وبيفتشوا كل عربية ملاكي يدوروا علينا.عدينا على كمين فتش الميكروباص وطلعنا بره وأخد بطايقنا، ونيّمنا على الأرض على بطننا وظابط الجيش قال لنا "نام على بطنك زي ال..."، وقال لي حط جزمته فوق ايديا والعساكر شدوا الآلي، وقال لنا اللي هيبص يمين أو شمال أنا هقتله..وشتايم. جه ظابط قوات خاصة (شرطة)، و25 عسكري أمن مركزي أخدونا ومشينا حوالي 800متر. اتلم عليا 3 عساكر، واحد مكتفني واتنين بيضربوني بالعصيان طول الطريق.والظابط معاه بندقية الغاز بيضربني بسلاح البندقية. بدأ يشتمنا ويقول لي "قول إنأمك..."، قول آه زي النسوان. "احنا اللي قتلناكوا في بورسعيد واحنا الليهنقتلكوا هنا". وخلى العسكري يعضني في ضهري. ومفهمين العساكر إننا قتلنا زميلهم. وأنا ماشي وموطي ضربني بجزمته في وشي. لحد ماوصلنا للواء شرطة، وقال لنا امشوا خلاص. طلعنا نجري. أنا لقيت تاكسي ركبت، لقيتظابط راكب في التاكسي عداني بقية الكماين. لكن شفت 4 من صحابي اللي جريوا اتمسكواتاني. هما مش عايزين حد حر في البلد. رغم إننا مشبتوع سياسة بس هما بيحاربونا عشان احنا أحرار.