في ثلاثة شهور فقط نجح الانقلابيون في وضع اقتصاد مصر في مرحلة يُرثي لها بعد بدء تعافيه مع مطلع العام الجاري ، حيث أصيب الاقتصاد في هذه الفترة بعديد من الأمراض المزمنة التي جعلته طريح الفراش ويعيش مرحلة الاحتضار. ففي هذه الفترة الوجيزة أصبح الاقتصاد يعاني السمعة السيئة ليس على المستوي المحلي فحسب بل على المستوي العالمي أيضاً الأمر الذي دعي مؤسسات التمويل الدولية إلى التعامل بحذر مع مصر حالياً بل وتوقف بعضها عن التعامل مع الحكومة الحالية ومنحها قروضاً أو منح حتي تتضح الرؤية وتستقر الأوضاع. كانت الحملة الشعبية لإسقاط ديون مصر أعلنت عن ارتفاع حجم ديون مصر الخارجية إلى 13 مليار دولار منذ شهر يونيو الماضي أي منذ الانقلاب العسكري وحتى الآن. على نفس الصعيد قالت وكالة موديز لخدمات المستثمرين في تقرير لها اليوم الخميس إن التصنيف السيادي الحالي لمصر (سي ايه ايه 1) CAA1 مع توقعات مستقبلية سلبية تعكس التدهور الاقتصادي الكبير في البلاد وحالة عدم اليقين السياسي، الناتجة عن ثورة يناير 2011. وقالت المؤسسة العالمية ، المتخصصة في التصنيف الائتماني للدول والمؤسسات، إنه بعد الإطاحة بالرئيس محمد مرسي على يد الجيش في 3 يوليو الماضي، أكدت موديز على تصنيفها لمصر، مشيرة إلى أن ضغوط السيولة الخارجية على مصر تراجعت بشكل ملحوظ من خلال حزمة الدعم المالي الخليجي البالغة 12 مليار دولار والمقدمة من السعودية والكويت والإمارات العربية المتحدة. ونوهت على أن المساعدات التي حصلت عليها الحكومة في أعقاب الإطاحة بنظام الإخوان والمقدرة ب12 مليار دولار موزعة على الإمارات العربية والمملكة العربية السعودية والكويت لم تؤثر بشكل كبير على السيولة من الاحتياطي النقدي من العملة الأجنبية لدى البنك المركزي. وكان المركزي أعلن اليوم الخميس، أن صافى الاحتياطات النقدية الدولية تراجع بنهاية سبتمبر الماضي نحو 18 مليارا و709 ملايين دولار مقارنة ب 18.916 مليار دولار في أغسطس الماضي. وفي إطار الأعباء المالية الخارجية كشف مسئول بوزارة الاستثمار، أنها توصلت إلى قيمة جملة ما تواجهه الدولة من غرامات، بسبب دعاوى تحكيم دولية من مستثمرين عرب وأجانب، بلغت 36 مليار دولار، في قضايا مازالت منظورة، وهناك مفاوضات لتسوية بعضها. وقال إنه يجري التفاوض حاليا مع عدد من المستثمرين للتنازل عن دعاوى التحكيم، خاصة أنه حال البت فيها لصالح المستثمر، ستكون أصول مصر بالخارج مهددة بالحجز عليها، بما فيها الأرصدة. وأضاف أنه ما يخفى على مسئولين حكوميين حاليين، أن مصر وقعت منذ عشرات السنين على اتفاقية الاعتراف بحكم المحكمين دوليا، وهو ما يمنح المدعي أمام الحكومة المصرية بالحجز على أرصدتها وأصولها بالخارج، حال صدور أحكام. وقال المسئول، إن المستثمرين أبلغوا بأنهم سيلجأون للتحكيم الدولي، وهو ما يضر بالمناخ الاستثماري في مصر، في ظل ما تعانيه السوق حاليا من الاضطرابات السياسية. أوضح أن هناك أموالا مطلوب سدادها حال استرداد هذه الشركات، إذا لم تكن هناك دعاوى تحكيم، خاصة أن 4 شركات فقط تحتاج إلى 1.5 مليار جنيه لتكاليف استردادها، موزعة بواقع 500 مليون لغزل شبين و100 مليون جنيه لشركة "غزل شبين"و500 مليون أخرى لطنطا للكتان و400 مليون للمراجل البخارية. لم تكن الديون المحلية بمعزل عن إنجازات حكومة الانقلاب فرغم أن قيمة هذه الديون تجاوزت نحو تريليون و200 مليار جنيه إلا أن حكومة الانقلاب قررت زيادة هذا الرقم من خلال الإعلان عن خطتين للاقتراض المحلي من البنوك الأولى بدأ باقتراض 200 مليار جنيه وتم تنفيذها والثانية بدأتها الحكومة منذ أكثر من أسبوع بقيمة 207 مليار جنيه ليبلغ إجمالي القروض المحلية فقط منذ الانقلاب العسكري نحو 407 مليار جنيه. تأتي هذه السياسات الفاشلة للانقلابيين التي أصابت قطاعات الاقتصاد بالشلل التام وسط تصريحات مستمرة بأن الاقتصاد يمر إلى مرحلة التعافي رغم إعلان الحكومة ذاتها بأن الاستثمار تراجع والسياحة تعاني والتصدير كاد أن يتوقف والأسعار ملتهبة ولا تتوقف عن الارتفاع المستمر. وكان نشطاء على شبكات التواصل الاجتماعي قد تداولوا جدولا مجمعها للمنح والقروض التي تورط فيها الاقتصاد المصري منذ انقلاب الثالث من يوليو 2013، حيث بلغت جملة الديون المستحقة على مصر أكثر من 13 مليار دولار أمريكي بالإضافة إلى مبلغ 50 مليون يورو، فضلا عن 234 مليون جنيه مصري، وتعددت الجهات المانحة التي يأتي على رأسها الدول الثلاث المتعاونة مع الانقلابيين وهي: الإمارات والسعودية والكويت، ثم البنك الدولي والاتحاد الأوروبي.