ذكر ما يسمى ب "التيار المدني" وعلى رأسهم ما تسمى ب "جبهة الإنقاذ" عدة أسباب لرفضهم دستور 2012 المستفتى عليه من الشعب المصري بما يقرب من الثلثين ثم ناقضوا ما نادوا به من قبل بعد أن تمكنوا من الحكم وتعيينهم في لجنة تعديل الدستور، وفي الحلقة السادسة من ملف "تناقضات التيار المدني .. التعديلات الدستورية" نبرز أهم تناقضات هذا التيار قبل وبعد انقلاب 3 يوليو مع إجراء مقارنات بين التعديلات الدستورية من لجنة ال 10 المعينين والنصوص الأصلية لدستور 2012. كان من ضمن اعتراضات التيار المدني أن دستور 2012 لا يمنع العنف ضد الأطفال وذلك بالرغم من أن الدستور يمنع العنف ضد كل فئات المجتمع بل ويجرم القهر وكل ما يهين أو يحط من كرامة أي إنسان على أرض مصر، فضلا عن أنه توجد بالفعل قوانين في مصر تمنع العنف ضد الأطفال والدستور لم يعارض هذه القوانين بأي شكل من الأشكال. وقالوا إن دستور 2012 لا يساوي بين المصريين وذلك بالرغم من أنه لا توجد مادة واحدة تميز بين المصريين، وتوجد العديد من المواد التي تؤكد على المساواة والتكافؤ وتجريم التمييز بين أبناء الوطن منها على سبيل المثال لا الحصر المواد 6 و 9 و 13 و 31 و 33 و 63 و 72. وزعم التيار المدني أن الدستور يسمح بزواج القاصرات وذلك بالرغم من الدستور لم يتعرض لهذه المسألة من قريب أو بعيد مثله مثل كل دساتير العالم، وتوجد قوانين في مصر بالفعل لمنع زواج الأطفال. وقالوا إن الدستور يسمح بتجارة الجنس، وذلك بالرغم من أن الدستور يحظر هذا صراحة في المادة 73. كما زعموا أن دستور 2012 ليس به ما يلزم بالمواثيق والاتفاقات الدولية، وكذلك كل دساتير العالم فلماذا تلزم دولة ما نفسها بمواثيق قد لا تناسبها. وقال أنصار التيار المدني وفي مقدمتهم ما تسمى بجبهة الإنقاذ إن الدستور ظلم المرأة، وذلك بالرغم من أنه لا توجد مادة واحدة فيها ظلم للمرأة وعلى العكس فلأول مرة في دساتير مصر ينصل على الدستور على حماية الدولة للمرأة المعيلة والمطلقة والأرملة. وقالوا أيضا إن الدستور لا يحقق أهداف الثورة في العدالة الاجتماعية، وذلك بالرغم من أن الدستور نص على ما يحقق أهداف الثورة في العدالة الاجتماعية من خلال عدة مواد منها على سبيل المثال لا الحصر المواد 14 و16 و 25و 26 و27 و63 و 65 و 66 و 67 و 70 و 72. واستكمالا لإجراء مقارنات بين التعديلات الدستورية للجنة ال "10" الترزية المعينين وبين النصوص الأصلية لدستور 2012، نجد أن الدستور المستفتى عليه من الشعب نصت مادته رقم "231" الخاصة بالانتخابات التشريعية على أن "تكون الانتخابات التشريعية التالية لتاريخ العمل بالدستور بواقع ثلثي المقاعد لنظام القائمة، والثلث للنظام الفردي، ويحق للأحزاب والمستقلين الترشح في كل منهما. قام الانقلابيون بإلغاء هذه المادة ووضع المادة "191" مكانها والتي نصت على أن "تكون انتخابات مجلس الشعب والمجالس المحلية التالية لتاريخ العمل بالدستور بنظام الانتخاب الفردي"، وهو الأمر الذي يعتبر وبالا وردة على ثورة يناير لأن هذه المادة في شكلها المعدل تتيح لأعضاء الحزب الوطني المنحل الذي أذاقنا المرار على مدى سنوات طويلة الترشح بكل حرية في كل المحافظات والدوائر. ونصت المادة "208" من الدستور المستفتى عليه على أن "تختص المفوضية الوطنية للانتخابات وحدها بإدارة الاستفتاءات والانتخابات الرئاسية والنيابية والمحلية، بدءا من إعداد قاعدة بيانات الناخبين وإبداء الرأي في تقسيم الدوائر وتحديد ضوابط التمويل والإنفاق الانتخابي والإعلان عنه وغير ذلك من إجراءات حتى إعلان النتيجة، ويجوز أن يعهد إليها بالإشراف على انتخابات التنظيمات النقابية وغيرها وذلك كله على النحو الذي ينظمه القانون. قابل هذه المادة في دستور الانقلابيين المادة "177" والتي نصت على أن "الهيئة الوطنية للانتخابات هيئة مستقلة تختص دون غيرها بإدارة الاستفتاءات والانتخابات الرئاسية والنيابية والمحلية بدءا من إعداد قاعدة بيانات الناخبين وإبداء الرأي في تقسيم الدوائر وتحديد ضوابط التمويل والإنفاق الانتخابي والإعلان عنه وغير ذلك من الإجراءات حتى إعلان النتيجة وذلك كله على النحو الذي ينظمه القانون. وقد أغفلت مادة الانقلابيين النص على أن يعهد لهذه الهيئة بالإشراف على انتخابات التنظيمات النقابية وغيرها الأمر الذي قد يعيدنا من جديد إلى الفساد كان دستور 2012 قد جنبنا ذلك.