انتقد ممدوح الولي، المحلل الاقتصادي ورئيس مجلس إدارة مؤسسة الأهرام ونقيب الصحفيين السابق، تجاهل معظم وسائل الإعلام الرسمية والخاصة الحديث عن نجاح حكومة الرئيس المعزول محمد مرسي في تحقيق فائض بميزان المدفوعات بعد عامين من العجز. وأكد الولي في تحليل اقتصادي أن أغلب الصحف والفضائيات تعمدت نشر تقرير البنك المركزي الذي كشف عن فائض قدره 237 مليون دولار (نحو 1.6 مليار دولار) خلال فترة 2012/2013 دون أدني ذكر لحكومة الرئيس مرسي الذي تولى السلطة في هذه الفترة. وشدد الولي على أن ميزان المدفوعات أبرز مقاييس قوة الاقتصاد لأي بلد، باعتباره يشير إلى مدى التوازن بين موارد الدولة من النقد الأجنبي وبين مدفوعاتها، مشيرًا إلى أن مرسي خطى خطوة على هذا الطريق. وتوقع الولي عدم قدرة النظام الحالي على تحقيق هذا الفائض، لتراجع إيرادات السياحة والاستثمار الأجنبي. فيما يلي نص التحليل: رغم تهليل الصحف الحكومية لحدوث فائض بميزان المدفوعات خلال العام المالي الأخير، بعد عامين من تحقيق عجز ضخم به، إلا أنهم لم يذكروا أن ذلك الفائض قد جاء خلال فترة حكم الرئيس محمد مرسي، والذي واكبت فترة حكمه بداية العام المالي 2012/2013 وحتى نهايته. فها هو ميزان المدفوعات المصري يحقق فائضا بلغ 237 مليون دولار، مقابل عجز بلغ 3ر11 مليار دولار خلال العام السابق له، وعجزًا بنفس الميزان بلغ 6ر9 مليار دولار خلال العام المالي 2010/2011. ويعد ميزان المدفوعات من أبرز مقاييس قوة الاقتصاد لأى بلد، حيث يشير إلى مدى التوازن ما بين موارد البلاد من النقد الأجنبي، من كافة المصادر من صادرات وسياحة وتحويلات وغيرها، وما بين مدفوعات البلاد من النقد الأجنبى المنصرفة على الواردات والسياحة العكسية والاستثمار بالخارج وغيرها. وهكذا بلغت موارد مصر من النقد الأجنبى خلال عام تولى الرئيس مرسي 4ر77 مليار دولار، وجاءت تلك الموارد من أكثر من 14 مجالا، كان أبرزها تحويلات المصريين العاملين بالخارج بنحو 4ر18 مليار دولار، تليها الصادرات السلعية غير البترولية بنحو 14 مليار دولار، والصادرات من البترول والغاز الطبيعى 12 مليار دولار، والسياحة 7ر9 مليار. والاستثمارات الأخرى التي تخص ودائع أجنبية بمصر 5ر5 مليار، وقناة السويس 5 مليار وخدمات النقل التي يتم تقديمها بالمطارات والموانئ للطائرات والسفن الأجنبية 2ر4 مليار، والاستثمار المباشر للأجانب في مصر 3 مليار، واستثمارات الأجانب بالبورصة وشراؤهم للسندات وأذون الخزانة المصرية 5ر1 مليار دولار، والمعونات والمنح الأجنبية 836 مليون دولار، ومتحصلات الخدمات التي تقدمها القنصليات المصرية بالخارج 438 مليون دولار، وعوائد الاستثمارات والودائع المصرية بالخارج 198 مليون دولار. وعلى الجانب الآخر بلغ إجمالي مدفوعات مصر للخارج خلال نفس العام 2ر77 مليار دولار، اتجه معظمها للواردات غير البترولية من القمح والزيوت والسكر وغيرها من السلع المتنوعة بنحو 45 مليار دولار، والواردات من البترول الخام ومشتقاته والغاز 5ر12 مليار دولار، وعوائد استثمارات وودائع الأجانب بمصر المدفوعة للخارج 9ر5 مليار. والسياحة الخارجة والحج والعمرة 9ر2 مليار، وخدمات النقل التي تكلفتها الطائرات والسفن المصرية بالموانىء الأجنبية 7ر1 مليار دولار، والمصروفات الحكومية للبعثات والوفود المسافرة للخارج 2ر1 مليار دولار، واستثمارات المصريين في مشروعات بالخارج 184 مليون دولار. وتشير المقارنة ما بين عام تولى الرئيس مرسي والعام المالي السابق له، إلى حدوث زيادة في غالب بنود الموارد، حيث زات الموارد من الصادرات البترولية والصادرات السلعية غير البترولية، والتحويلات الخاصة والرسمية من الحكومات والمؤسسات الدولية. والسياحة وخدمات النقل واستثمارات الحافظة بمصر بالبورصة أو السندات وأذون الخزانة والمتحصلات من الخدمات الحكومية بالقنصليات المصرية بالخارج، وهكذا لم تنخفض خلال عام حكم مرسي سوى حصيلة قناة السويس بشكل محدود وكلك حصيلة الاستثمار المباشر في مصر. وعلى الجانب الآخر وفيما يخص المدفوعات للخارج فقد انخفضت قيمة الواردات السلعية غير البترولية، وكذلك تراجعت مدفوعات عوائد استثمارات الأجانب بمصر وكذلك انخفاض مدفوعات الاستثمار المباشر في مصر. ويتضمن ميزان المدفوعات الكلى عددًا من الموازين الفرعية، وهى الموازين التي شهد معظمها فائضا، كما حدث في ميزان الخدمات بلغ 7ر6 مليار دولار، وفائضا بميزان السياحة بين السياحة الداخلة والخارجة بلغ 8ر6 مليار، وميزان خدمات النقل فائضا بلغ 5ر2 مليار دولار، كما حقق الميزان البترولى فائضا بلغ 5ر1 مليار دولار. و يتضح من بيانات موارد ميزان المدفوعات المصري أن أعلى حصيلة كانت من تحويلات المصريين العاملين بالخارج بنحو 4ر18 مليار دولار، أي أكثر من معونات وودائع الدول الخليجية الثلاث السعودية والكويت والإمارات لحكومة الانقلاب العسكري والبالغة 12 مليار دولار فقط. ومن المهم ايضا بلوغ قيمة المعونات والمنح الأجنبية التي حصلت عليها مصر خلال فترة الرئيس مرسي 836 مليون دولار فقط، أي أنها لم تبلغ حتى مليار واحد بما يشير إلى مدى التحفظ الدولي والعربي تجاه حكم الرئيس مرسي والإحجام عن مساعدته فيما قطر بالطبع و التي كان معظمها ودائع وقروض وليست منح، كما هو الحال أيضًا مع السعودية والكويت والامرات فيما بعد فترة الرئيس مرسي. ويظل السؤال هل يمكن أن يتكرر الفائض بميزان المدفوعات المصري خلال العام المالي الحالي 2013 /2014 ؟ والممتد من بداية يوليو الماضى وحتى نهاية يونيو القادم، في ضوء تنامى المخاوف من تراجع تحويلات المصريين العاملين بالخارج، وتأثر الصادرات السلعية بفترات الحظر التجول. واحجام شركات بترول أجنبية عن الاستثمار حتى تحصل على مستحقاتها المتأخرة، وتراجع إيرادات السياحة وحصيلة الاستثمار الأجنبي المباشر نتيجة التوتر الأمن بالبلاد واقع الحال خلال الشهور الثلاثة الأولى لحكومة الانقلاب العسكر يشير إلى صعوبة تحقيق ذلك الفائض.