أخذ محور الانقلاب العسكري ينحدر نزولا فوق منحنى ثورة الشعب؛ إيذانا باقتراب نهايته، وظهر ذلك جليا في حالة التخبط التي أخذت تتسع في أروقة النظام الحاكم وأبطاله الثلاثة الفريق أول عبد الفتاح السيسي وزير الدفاع والمستشار عدلي منصور رئيس الجمهورية المعين ود.حازم الببلاوي رئيس مجلس الوزراء؛ وعلى الرغم من مرور أكثر من شهرين على انقلاب 3 يوليو وما أعقبه من مقتل نحو خمسة آلاف متظاهر واعتقال أكثر من 10 آلاف آخرين إلا أن مظاهرات رافضي الانقلاب مستمرة في كل ربوع مصر دون أن يرهبهم مشهد الدماء الأمر الذي أدى إلى تدرج انهيار التحالف الانقلابي. وكوجوه شهيرة كانت في التحالف الانقلابي والذين استيقظت "ضمائرهم" متأخرا وأبت كل هذه الدماء من أجل خدمة الانقلاب، وبعد أن وعووا جيدا أنه تم استغلالهم من قبل الانقلابيين أعلنوا مؤخرا أنهم ضد ممارسات الانقلاب ومن أمثال هؤلاء د.محمد البرادعي رئيس حزب الدستور ود.عمرو حمزاوي رئيس حزب مصر الحرية وخالد داوود المتحدث الرسمي السابق باسم حزب الوفد ومن الإعلاميين يسري فودة وريم ماجد مقدمي البرامج بقناة أون تي في الموالية للانقلاب ومن الحركات الثورية التي بدأت تحيد عن الانقلاب بعد أن كانت متحالفة معه حركة شباب 6 إبريل وحركة شباب الاشتراكيين الثوريين، حيث يتم تشويههم حاليا بشتى السبل عن طريق إعلام الانقلاب الأعور الذي يرى بعين واحدة. ويلاحظ للقاصي والداني تصاعد المد الثوري في شتى محافظات وربوع مصر خاصة في جمعتي 30 أغسطس وجمعة أمس 6 سبتمبر ومن المتوقع أن يستمر هذا المد في المظاهرات الحاشدة وصولا إلى اليوم العالمي لرفض الانقلاب تحت عنوان "مصر حرة" المتوقع تنظيمه يوم السبت 21 سبتمبر الجاري والهدف الأساسي منه هو تعرية الانقلاب وإعلامه الأعور أمام العالم كله وشحن معنويات الثوار، فضلا عن دعوات التظاهر يوم السادس من أكتوبر والهدف منه استدعاء مآثر الشرف العسكري الذي أهدره قادة الانقلاب وما يستدعيه أيضا من روح الإنجاز الجمعي لشعب مصر في التحرر. ومنذ الأيام الأولى للانقلاب العسكري أصدرت منظمات حقوق الإنسان الدولية بيانات تشجب فيها حملة الاعتقالات التي نفذتها وزارة الداخلية ضد رافضي الانقلاب، فضلا عن استنكارها لأعمال القتل البشعة، وطالبت بالإفراج عن المعتقلين السياسيين أو تقديمهم لمحاكمات عادلة وفق القانون. بالنسبة لزعماء أوروبا وأمريكا فقد رفض بعضهم الانقلاب أو على الأقل عبروا عن قلقهم العميق وطالبوا بالعودة إلى الديموقراطية، ووصل الأمر بالأوروبيين والرئيس الأمريكي أوباما إلى المطالبة بالإفراج عن الرئيس محمد مرسي، وبالطبع لم يفعل الأوروبيون والأمريكيون ما يكفي (لحسابات سياسية وأمنية واستراتيجية). وأوقفت بعض الدول الأوروبية مساعدات مالية للدولة المصرية، وتم بذل مجهودات من طرف الأوروبيين والأمريكيين للوساطة بين السيسي والإخوان أجهضها السيسي حسب تصريحات لمبعوثين أمريكيين للجارديان والنيويورك تايمز والواشنطن بوست. وعلى المستوى الأفريقي فقد جمد الاتحاد الأفريقي عضوية مصر فور وقوع الانقلاب، فأصبحت مصر دولة منبوذة مثل تلك الجمهوريات الأفريقية البائسة التي طحنتها الانقلابات والحروب الأهلية ك "سيراليون" و"رواندا" و"الكونغو"، وإخواننا الأفارقة جنوب الصحراء يعرفون الانقلابات العسكرية جيدا لأنها خربت أفريقيا تخريبا، لذلك كان ردهم صارما وفوريا رغم كون مصر ثالث أكبر دولة أفريقية من حيث عدد السكان بعد نيجيريا وإثيوبيا، ورغم أنها ثاني أكبر اقتصاد أفريقي بعد جنوب أفريقيا. والسؤال الذي يطرح نفسه بقوة الآن، كم تبقى للانقلاب من وقت حتى ينتهي ؟ .