ما يزال الغموض يلف تحقيقات النيابة العامة المصرية المتعلقة بعمليات القتل التي طالت أنصار الرئيس المعزول محمد مرسي منذ الإطاحة به، وكانت كبراها مذبحة فض اعتصامهم بالقوة في ميدانيْ رابعة العدوية والنهضة مما أدى لمقتل المئات وإصابة الآلاف منهم. ورغم تزايد عدد الضحايا فقد استمرت حالة من الغموض فيما يتعلق بسير تحقيقات النيابة العامة فيها، بل وصل الأمر إلى التلميح بتوجيه الاتهام إلى قيادات جماعة الإخوان المسلمين بالتحريض على ارتكاب هذه الجرائم كنوع من الضغط عليهم. ويؤكد منسق حركة قضاة من أجل مصر المستشار وليد شرابي أن تحقيقات بدأت بالفعل مع قيادات جماعة الإخوان وعلى رأسهم مرشد الجماعة محمد بديع، ووجهت لهم التهم بالمسؤولية عن أحداث النهضة ودار الحرس الجمهوري ورمسيس والمنصة، بل كذلك عن مذبحة فض اعتصاميْ رابعة العدوية والنهضة. ويُبدي شرابي -في تصريح للجزيرة نت- استغرابه من هذه التهم لكون قيادات الإخوان كانت موجودة في مكان وقوع الأحداث ومعرضة لمصير من قتلوا خلالها نفسه، مؤكداً أن الملاحقة القضائية لهم هي "جزء من العملية السياسية الحالية" وسيلة ضغط وأضاف شرابي أن التنبؤ بسير التحقيقات ونتائجها يصعب القيام به بسبب الغموض الذي يشوب العملية السياسية برمتها، لافتاً إلى أن كثيرا من المبادرات المطروحة لحل الأزمة المصرية تتضمن التوقف عن الملاحقة القضائية لقيادات الإخوان، وهو ما يعني وجود خلل في منظومة العدالة. وأوضح أن الملاحقة القضائية للإخوان في تلك الجرائم هي "إحدى وسائل ضغط السلطة الحالية على أنصار مرسي". وحول جدوى لجوء أسر ضحايا الأحداث إلى المحاكم الدولية لمقاضاة المرتكبين الحقيقيين لجرائم قتل ذويهم، يؤكد شرابي أن شروط اللجوء إلى القضاء الدولي لا تنطبق على كل الحوادث التي وقعت باستثناء مجزرة الحرس الجمهوري، لكونها كانت ضد فصيل ديني وهو يؤدي إحدى الشعائر الدينية وهي صلاة الفجر. ولكن شرابي يؤكد أن تأثير موقف أسر الضحايا سيظهر خلال المحاكمات وليس أثناء التحقيقات التي تتسم بالغموض، لافتاً إلى أن هيئة المستشارين التي ستنظر ملفات القضايا ستطلب سماع شهادتهم، وهو ما سيؤثر على الأحكام الصادرة. قضاء متحيز ومن جانبه، يؤكد المتحدث باسم حزب الوطن أحمد بديع أن المشهد السياسي "وصل إلى أبعد درجات العبثية واللامعقول"، متسائلا: "كيف يتحول المقتول إلى جانٍ؟"، في إشارة منه إلى اتهام قيادات الإخوان بالتحريض على الأحداث. ولا يتوقع بديع أن يحكم بالبراءة لقيادات الإخوان في الجرائم المتهمين بارتكابها، مرجعاً ذلك لكون "القضاء متحيزا لفصيل دون آخر"، مضيفا أنه "لا يمكن أن ننتظر شيئا منصفا من قضاء برأ الرئيس المخلوع حسني مبارك وحبس الرئيس المنتخب محمد مرسي". ويرى أن اللجوء إلى المحاكم الدولية سيكون خطوة تالية بعد استنفاد كل درجات القضاء الداخلي، مؤكداً في الوقت نفسه أن العالم بمحاكمه الدولية لن ينصف رافضي الانقلاب العسكري. وأكد المتحدث باسم حزب الوطن أن العالم "أعطى الضوء الأخضر" لقيادات الجيش المصري ليقوموا بالانقلاب العسكري، ومن ثم فهو لن يعترض على محاكمة قيادات الإخوان، فكل الأمور "مرتبة طبقاً لتخطيط الدول الغربية"، وتساءل مستنكراً: "هل كان الغرب سيصمت لو أن تلك المجازر حدثت بحق مسيحيين أو يهود؟".