ذكرت شبكة "سكاى نيوز" الأمريكية أن جماعة الإخوان المسلمين تدخل فى سجال دائم مع القضاء منذ سيطرتها على الحكم باستحواذ نواب ذراعها السياسي، حزب الحرية والعدالة، على الأغلبية فى مجلس الشعب ثم فوز محمد مرسي، المرشح القادم من صفوفها، برئاسة الجمهورية. وأوضحت الشبكة الأمريكية أن القضاء يوجه للجماعة الصفعة تلو الأخرى، فى الوقت الذى تتهم جهات قانونية كثيرة الجماعة بمحاولة "هدم السلطة القضائية"، حيث كان آخر هذه اللطمات حكم محكمة استئناف القاهرة، يوم الأربعاء، بإلغاء قرار الرئيس مرسي بعزل النائب العام السابق عبدالمجيد محمود، وبطلان تعيين المستشار طلعت عبدالله خلفا له. إذ يأتي هذا الحكم فى الوقت الذى يتعرض النائب الجديد لانتقادات عنيفة بسبب إصداره أمرا بضبط وإحضار عدد من النشطاء البارزين للرد على بلاغات مقدمة ضدهم تتهمهم بالتحريض على العنف. ورفضت أغلبية المطلوبين المثول أمام عبدالله، بدعوى "عدم شرعيته". فالمعارضة تتهم عبدالله بأنه "منحاز للسلطة وجماعة الإخوان لتجاهله التحقيق فى البلاغات المقدمة ضد أنصار مرسي والتيارات الإسلامية بينما يسارع بضبط أعضاء المعارضة". وكان مرسي قرر عزل عبدالمجيد من منصبه، وعين النائب العام الحالي عبدالله بدلا منه، وذلك عبر إعلان دستوري أصدره فى نهاية نوفمبر 2012، وأثار غضبا واسعا فى الأوساط القضائية فى مصر، وسط اتهامات للرئيس بالتدخل فى أعمال القضاء. وقابلت الرئاسة المصرية هذا الحكم بإعلانها أنها تنتظر تسلم حيثيات حكم المحكمة الخاص ببطلان تعيين عبد الله، وعودة محمود إلى منصبه، لتتخذ على ضوئها الإجراءات المناسبة وفقا للقانون والدستور. بينما أوضح عبد المنعم عبد المقصود محامى الإخوان أن الدستور الجديد أقر فى مادته الأخيرة 235 "إلغاء جميع الإعلانات الدستورية الصادرة من المجلس الأعلى للقوات المسلحة ورئيس الجمهورية منذ 11 فبراير 2011 وحتى تاريخ العمل بالدستور، ويبقى نافذًا ما ترتب عليها من آثار فى الفترة السابقة". وسبق ذلك بأيام، صدور تقرير هيئة المفوضين بالمحكمة الإدارية العليا، وهي هيئة استشارية تتكون من خبراء قانونيين، يوصي بتأييد قرار السلطات المصرية الصادر عام 1954 بحل جماعة الإخوان المسلمين ويرفض طعنًا سابقًا للجماعة على قرار حلها. وبناء على خطوة التقنين، قررت محكمة القضاء الإداري المصرية، إعادة المرافعة في قضية حل الجماعة المنظورة أمامها، وتأجيلها لجلسة 23 إبريل المقبل. وكان عدد من المحامين المصريين قد تقدموا بدعاوى بأن الجماعة تمارس العمل الاجتماعي والسياسي منذ ثلاثينيات القرن الماضي، على الرغم من كونها محظورة قانونًا طيلة حوالي 60 عامًا، منذ عام 1954 بقرار أصدره الرئيس المصري آنذاك جمال عبد الناصر. وأضافت عريضة الدعاوى أنه في 5 يوليو 2002 صدر القانون المنظم للجمعيات الأهلية بمصر الذى أوجب على جميع الجمعيات ومنها جماعة الإخوان المسلمين أن تعدل أوضاعها وفقًا لأحكامه، كما ألزم كل جماعة تقوم بأي نشاط من أنشطة الجمعيات أن تتخذ شكل جمعية أو مؤسسة أهلية، وفى حال عدم الالتزام تحل الجمعية. واعتبر الناشط الحقوقي تقادم الخطيب قيام الجماعة بتقنين وضعها "التفافا على القانون وأحكام القضاء". وقال لسكاي نيوز عربية "الجماعة غير قانونية ولكنها تحاول الالتفاف على القانون وتنسف كل مقومات السلطة القضائية ويمكن تفسير ذلك بلهفتها على السلطة بعد أن ظلت تعمل في الظل منذ نشأتها عام 1928. وكان نظام الرئيس السابق حسني مبارك يصفها دومًا ب"المحظورة". وأشارت سكاى نيوز آرابيا إلى أن الجماعة رفضت خلال الأعوام الماضية الخضوع لقانون الجمعيات الأهلية الحالي بدعوى أنه من صنع جهاز مباحث أمن الدولة، الذى أصبح يسمى جهاز الأمن الوطني عقب ثورة 25 يناير 2011، وأنه لا يصلح لكل الجمعيات. ويحظر هذا القانون العمل السياسي للجمعيات، ما يعني أنه لا يناسب جماعة الإخوان التى أسست حزب "الحرية والعدالة" عقب الثورة برئاسة محمد مرسي الذى استقال من الحزب بعد انتخابه رئيسا للجمهورية فى يونيو 2012. وفى 6 مارس، قررت محكمة القضاء الاداري إلغاء قرار مرسي بالدعوة إلى إجراء الانتخابات التشريعية على 4 مراحل تبدأ فى 22 أبريل وتنتهي فى يونيو. وعند إعلان هذا القرار، أكدت الرئاسة أنها لن تطعن فيه . إلا أن هيئة قضايا الدولة ،المسؤولة عن الشؤون القانونية لكل مؤسسات الدولة، طعنت الأسبوع الماضي فى هذا الحكم، معتبرة أن قرار مرسي بالدعوة إلى الانتخابات يندرج ضمن "القرارات السيادية" التى لا تدخل فى اختصاص محكمة القضاء الإداري مراجعتها. وأكدت الرئاسة المصرية بعد هذا الطعن أن الانتخابات التشريعية ستؤجل إلى حين إعداد قانون جديد للانتخابات، وعرضه على المحكمة الدستورية العليا وفقا للدستور. من جانبه، أكدت الرئاسة فى بيان لها "احترامها الكامل لحكم محكمة القضاء الإداري المتعلق بوقف إجراء انتخابات مجلس النواب". وشددت على أنها "حسمت موقفها بتنفيذ الحكم فور صدوره وهو ما ترتب عليه إيقاف اللجنة العليا للانتخابات لجميع الإجراءات وإرجاء العملية الانتخابية برمتها". وفى يوليو 2012، رفضت المحكمة الإدارية العليا طلب قياديين فى جماعة الإخوان المسلمين وحزب الحرية والعدالة بإلغاء قرار حل مجلس الشعب الذى تم انتخابه نهاية 2011. وأكدت أن المجلس "زال وجوده بقوة القانون، فى ضوء الحكم الصادر من المحكمة الدستورية العليا فى 14 يونيو الماضي، القاضى بعدم دستورية بعض مواد قانون مجلس الشعب الذي تكون هذا المجلس على أساسها". وفى 9 يوليو، وجه رئيس المجلس المنحل سعد الكتاتني الدعوة لكل أعضاء المجلس لعقد جلسة تنفيذا لقرار مرسي بعودة المجلس للانعقاد فى تحد من رئيسي الجمهورية ومجلس الشعب لحكم المحكمة الدستورية العليا.