"جبهة المقاطعة" .. ربما بات هذا الاسم "الأكثر واقعية" الذي يطلق على جبهة الإنقاذ .. فالتيار السياسي الذي حاول فرض نفسه على الساحة، مرتدياً ثوب "البديل" .. مرت عليه شهور عديدة دون أن يقدم أي مشروع أو طرح جديد مكتفياً فقط بمقاطعة كل شيء وأي شيء. المقاطعة السياسية في حد ذاتها تعتبر استراتيجية تلجأ إليها بعض التيارات السياسية في بعض الأحيان، إلا أنها لدى جبهة الإنقاذ، تحولت إلى سياسة وخارطة طريق لديها، بدأته بإعلانها مقاطعة الاستفتاء ثم ما لبثت أن تراجعت عن المقاطعة بإعلان المشاركة، قبل أن تعلن مؤخراً مقاطعة الانتخابات البرلمانية المقبلة بحجة عدم وجود الضمانات الكافية لنزاهة العملية الانتخابية. حيث أعلن الدكتور أحمد البرعي، أمين عام جبهة الإنقاذ، وبشكل رسمي مقاطعة الجبهة بشكل نهائي للانتخابات البرلمانية المقبلة، ذلك عقب الاجتماع المغلق لجبهة الإنقاذ، الذي عقد بمقر حزب المصريون الأحرار. أحزاب الجبهة تعلن الانقلاب عليها!! المقاطعة هذه المرة ليست أمراً غريباً على الجبهة، إنما المثير هذه المرة، أن هذا القرار ربما سيحدث نتيجة عكسية نظراً لردود الأفعال داخل "أحزاب" الجبهة والرافضة لفكرة المقاطعة، أبرز هذه الردود، جاءت من حزب الوفد الذي باتت الأصوات تتعالى بشكل كبير داخل هيئته العليا نحو المشاركة فى الانتخابات وعدم المقاطعة هذا إلى جانب وجود عدد من القيادات الكبيرة داخل الحزب التى حسمت موقفها بشكل نهائى وقررت الانشقاق على موقف الجبهة والمشاركة فى الانتخابات البرلمانية ومنهم محمد عبد العليم داود وطارق سباق الذين يقودون جبهة قوية داخل الحزب من أجل الضغط عليه والمشاركة فى الانتخابات البرلمانية. وكشفت مصادر بالحزب أن الهيئة العليا بالكامل قررت إعطاء فرصة ثانية لمناقشة قضية المشاركة فى الانتخابات البرلمانية وعقد اجتماع سري الثلاثاء عقب اجتماع جبهة الإنقاذ بمقر الحزب الرئيسى بالدقى لاتخاذ موقفا نهائيا بشأن المشاركة، حيث يرى البعض أن حزب الوفد لا يمكن أن يترك الساحة السياسية لمدة خمس سنوات، وبالتالى فإن الحزب أمام خيارين إما محاولة الضغط على جبهة الإنقاذ لتعديل قرارها الخاص المقاطعة أو إعلان الحزب خوضه الانتخابات البرلمانية منفرداً. الوفد لم يكن هو الحزب الوحيد الذي انقلب أعضائه على قرار الجبهة، حيث كشف أحد قيادات الحزب المصرى الديمقراطى رفض ذكر اسمه أن عدداً من أعضاء الهيئة العليا للحزب يمارسون ضغوطا كبيرة على قيادات الحزب لإثنائه عن قرار جبهة الإنقاذ الوطنى الخاص بمقاطعة الانتخابات وعلى رأسهم إيهاب الخراط عضو مجلس الشورى الحالى وعضو الهيئة العليا للحزب الذى يرى أن مقاطعة الانتخابات جريمة كبرى تتسبب فى انفراد جماعة الإخوان المسلمين بالسلطة فى مصر، كما أنها تتسبب فى عزل القوى الوطنية عن مجلس الشعب، وبالتالى لن يحدث تغيير. وأكد المصدر، أن الحزب المصرى الديمقراطى قرر هو الآخر عقد اجتماع طارىء للمكتب التنفيذى للحزب اليوم الثلاثاء عقب اجتماع جبهة الإنقاذ الوطنى لمناقشة ضرورة خوض الانتخابات البرلمانية والعدول عن قرار جبهة الإنقاذ. أما حزب "عمرو موسى"، فلم يكن هو الآخر بمعزل عن إعلان العصيان على الجبهة، حيث يعد حزب المؤتمر الذى يتزعمه موسى أحد الأحزاب التى تعالت الأصوات داخلها أيضا بضرورة خوض معركة الانتخابات البرلمانية وعدم الاستسلام للتيار الإسلامى حيث يرى عدد من قيادات الهيئة العليا للحزب أن الانتخابات البرلمانية القادمة هى آخر فرصة للتغيير السلمى، حيث تتمكن الأغلبية البرلمانية القادمة من تشكيل الحكومة الجديدة وتعديل المواد المختلف عليها داخل الدستور خاصة المواد المتعلقة بالحريات. الانقسام والخلاف والتشرذم داخل جبهة الإنقاذ لم تترجمه هذه الاعتراضات والردود الرافضة لقرار المقاطعة، إنما رسخته وأكدته أيضاً قرارات الجبهة نفسها، التي خرجت بها في اجتماعها الثلاثاء!!، حيث اتفقت الجبهة على دمج جميع الأحزاب داخل الجبهة في حزبين كبيرين، أحدهما يضم الأحزاب الليبرالية والآخر يضم الأحزاب اليسارية، ما يعطي مؤشراً واضحاً على أن الجبهة التي عرضت نفسها على الشارع كجبهة إنقاذ و"وحدة وطنية"، ما تزال عاجزة عن استحضار هذه الوحدة حتى بين جنبات مقر انعقاد مؤتمراتها واجتماعتها المتعددة. ضربة "مصر القوية" يُذكر أنه في نفس اليوم الذي أعلنت فيه جبهة الإنقاذ وبشكل نهائي مقاطعتها للانتخابات، أعلن الدكتور عبدالمنعم أبو الفتوح خوض حزبه "مصر القوية" للانتخابات البرلمانية، ما يعد ضربة جديدة للجبهة والتي كان قد أعلن العديد من قادتها في مناسبات عديدة وجود حالة من التوافق بين جبهة الإنقاذ ومصر القوية، وهو ما وضع الجبهة في "خانة اليك" بعد أن أخذت الانتخابات البرلمانية القادمة دفعة "شرعية" قوية، بعد إعلان الأحزاب التي على خلاف مع جماعة الإخوان عن مشاركتها بالانتخابات، لاسيما حزبي "مصر والقوية" و"النور"، واللذين على الرغم من تلاقيهما سياسياً مع الإنقاذ مؤخراً إلا أنهما خيبا ظنها بمشاركتهما في الانتخابات تاركين جبهة "البرادعي وصباحي" بمفردها تبحث الخروج من مأزقها والتراجع عن هوايتها المفضلة.. "المقاطعة".