خلاصة الرأي ان الأداء السياسي للإسلاميين في مصر في الحضيض ، لا أستثنى من ذلك إلا حازم صلاح وممدوح اسماعيل وبعض الأحزاب الإسلامية الصغيرة والجبهة السلفية ، والأداء السياسي هو فرع من التصور ، تابع له ، متأثر به ، فالأداء السياسي يجب أن يسبقه المعرفة الصحيحة الموضوعية ، والمعرفة أن تعرف الحدث الحقيقي بتفاصيله مجردا من "تاتشاتك" ومن رأيك الشخصي ، أن يصل إليك الخبر الخالي من التوابل والبهارات ، بعيدا عن التحيز الأيديولوجي ، والأماني والأحلام ، فإن لم تثق في أي خبر فعليك أن ترسل من تثق فيه وفي امتلاكه لهذه الملكة ليكون عينك هناك ، أما ان تأثرت دوائر تلقي الأخبار عندك بتحيزات أيديولوجية أو برغبات شخصية فستفسد ما يسمى في مناهج البحث العلمي بمرحلة "الملاحظة" ، تخيل مثلا أن باحثا علميا يريد أن يصمم جهازا معينا وهو يختبر الجهاز ويسجل القراءات فإنه يتمنى نجاح جهازه فيسارع بأخذ عينة أو اثنتين سليمتين ليؤكد سلامة الجهاز على غير الحقيقة النقطة التالية للمعرفة هي الإستنباط أو الإستنتاج ، حين تضع الحقائق المجردة في أماكنها وتبدأ بتكوين الصورة واكمال الناقص بالإستنتاج (وهي موهبة نفتقدها بشدة ) فإن تخرج بتصور نهائي عن حقيقة الوضع السياسي يلي الإستنتاج التوصية ، والتوصية هي تصور الحركة القادمة (وهي الناتج النهائي غالبا ) الذي ستخرج به ، قد تكون توصيتك بمقاطعة فعالية ما ، أو المشاركة في فعالية ما ، وقد تكون توصيتك بإدانة هذه الفعالية أو مدحها بلا مشاركة ، أو حتى دعمها من الباطن بلا مشاركة فعلية فيها ، وهذا يعتمد على اجادتك لعبة "ماذا لو" وهي أشبه بالشطرنج ، حين تضع تصورا عن نتيجة كل فعل تأخذه ، ففتحدد ابتداءا هدفك الإستراتيجي البعيد أو الرؤية ، وتحدد في ضوء المهمة المطلوبة الهدف المطلوب تحقيقه مرحليا ثم تبني رد الفعل الذي تتسق "نتيجته" - أكرر نتيجته - مع هذا الهدف ، وتدرس ردود أفعال خصومك وحلفائك ، أعدائك وأصدقائك ، الحليف الذي يتظاهر بأنه خصم ، والخصم الذي يتظاهر بأنه حليف ، وقد تجبرك المواقف على خسارة حليف وقتي أو اظهار الخصومة لعدو مؤجلة عداوته ، والغباء السياسي أن تجمع خصومك كلهم في اطار واحد وتجبرهم على التحالف ضدك أو تخسر حلفائك كلهم في نفس التوقيت وكان من الممكن تأجيل خسارتهم ، ومن مراحل هذه النقطة أيضا أن تدرس رد الفعل المتوقع لأطراف اللعبة وتأثير رد فعل كل واحد منهم لتصل في النهاية لدراسة تختار بها الطريقة التي ستتعامل بها مع الحدث الحالي ثم تأتي بعد ذلك مرحلة دراسة النتائج وتحديد الأخطاء وتوصيات بعدم تكرارها أو شرح أسباب الوقوع فيها ان كان الوقوع فيها اجباريا ومن الذكاء أيضا أن تختار توقيت بدء معاركك حول قضاياك ، فإختيارك للتوقيت الذي تعظم فيه مساحة التعاطف معك مهم ، واختيارك للتوقيت الذي لا يفقدك أصدقائك مهم للغاية على ضوء ما سبق أستطيع أن أقول ، ان الأداء الإسلامي كان شديد السوء ولكن ولله الحمد فإن أداء العلمانيين كان عالميا في غباءه وسوءه ! التيار الإسلامي في مصر ينتصر دائما لأن الأعور وسط العميان ملك ولو ظهر بين هؤلاء العميان أعور أخر سيصبح موضعك مهددا وسقوطك من على عرشك حتميا